محمد عبد الماجد

بلادة تشرشل وعبط ترامب

القراية أم دق(1) • يتفوق أنيس منصور على كل كتاب (الأعمدة) في الوطن العربي، على قدرته العالية في أن يقدم في عموده الصحافي مجموعة من (المعلومات). • أستاذنا صلاح عووضة تذكرني كتاباته كثيراً بكتابات الراحل أنيس منصور..ربما لأن صلاح عووضة يتلقي مع أنيس منصور في الجملة القصيرة..والاختصار الساخر..والمعلومة العميقة. •

ما يعرضه أنيس من (معلومات) لن تتوفر لك ربما في (كتاب كامل)، مع ذلك أنيس منصور قادر على أن يعرض لك (معلومات) لا حصر لها في عمود صحافي لا تتجاوز عدد كلماته الـ(400) كلمة. • وكذلك صلاح عووضة.(2) • أحياناً كثيرة أشفق على القارئ الكريم الذي قد يخوض في ما نكتب ولا يجد (معلومة) واحدة يخرج بها من خضم (غلاط) لا منتهى له. •

أنيس منصور كان قبل سنوات في عموده بصحيفة (الشرق الأوسط) يتحدث مرة في موضوع جميل وقدم له (معلومات) تجعل القارئ يتفق مع رؤية الكاتب، ولعل هذا نفع (المعلومة) التي تدعم بها وجهة نظرك وتجعل الآخرين متفقين مع وجهة نظرك وإن كانت خاصة او كانت مخالفة لقناعات الكل. •

قدرتك على الإقناع لا يعني أنك على صواب. • في الأثر الفصيح، أن هنالك أحد الفصحاء يستطيع أن يقنعك أن (المأذنة) التي أمامك من ذهب. • حتى اذا اقتنعت بذلك ودافعت عن (ذهبيتها)، عاد بك بعد جهد لتقتنع أنها فعلاً من (تراب).(3) • كتب أنيس عن (الأبناء) ودافع عنهم وهو يعلل على ألا يأخذ (الآباء) بـ (بلادة) أبنائهم وما يتوقفوا عندها كثيراً، لأن (البلادة) التي قد تكون في (الرياضيات) او في أية مادة أخرى، ليس دليل (غباء). • قد تعترض على هذه الرؤية التي قدمها أنيس منصور، ولكنك عندما تجد دفوعاته ومعلوماته التي يطرحها لك سوف تجد نفسك متفقاً معه. • ويمكن أن تخوض البحر لتدافع عن وجهة نظره تلك. •

أنيس منصور ذكر أن بعض (العباقرة) كان يعتقد بلادتهم وهم (صغار)، او هكذا كان ينظر لهم الآباء. • أنيس منصور قال: (إن الزعيم البريطاني (تشرشل) (1874 ـ 1965) كان أبواه يريان أنه لا يصلح لأي شيء ولا مستقبل له. فهو يكره اللغتين اليونانية واللاتينية ولا يحب الرياضيات، ورسب ثلاث مرات في امتحان القبول بالجامعات). • هذا (تشرشل) الذي كان أوضح نجوم الحرب العالمية، كان بالواضح كدا (بليد) في الرياضيات، وفوق هذا ثلاث سنوات كان يرسب في امتحانات الالتحاق للجامعة. •

رئيس وزراء المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، جاء من هذه الخلفية (الفاشلة)، نحن عندنا البسقط في امتحان (التربية الريفية) بنشيل حالو. • واحتمال نقدد ليه (عيونو).(4) • وأنيس منصور يدافع عن الفاشلين في حقلهم العلمي فيحكي عن العالم داروان. • داروان (1809 ـ 1882) والذي قلب علوم الإنسان وقدم نظرية التطور والارتقاء فزلزل العلوم الإنسانية، كان أبوه يتهمه بأنه فاشل لا يصلح لشيء إلا لصيد الفئران والسمك. -والكلام لانيس منصور- الذي يقول إن دارون هذا طروده من جامعة كمبريدج لبلادته إلى أن أتيحت له فرصة أن يعمل في متن السفينة الشهيرة (بيجل) سنة 1831 فتدرب وبحث وتأمل في الفكر والعلوم.(5) •

وأنيس يقص ويذكر أديسون (1847 ـ 1931) الأمريكي أكبر مخترع عرفه التاريخ -والحديث لانيس- (سجل أكثر من ألف اختراع. ولم يكمل دراسته لأي شيء، وإنما أقام لنفسه ورشة. وفي هذه الورشة خرج على الدنيا باختراعات عجيبة. وكان أبواه يريان أنه فاشل لا يصلح لأي شيء، واذا صلح فسوف يكون متسولاً. يرتدي قميصاً وبنطلوناً لا يغيرهما مهما تغيرت ألوانهما). •

وأنيس منصور يحكي فيقول: (أعظم علماء الفيزياء آينشتين (1879 ـ 1955) كان بليداً ويكره كل العلوم والأدب والشعر، إلا الرياضيات. وكان أبوه وأعمامه تجاراً لا يفهمون إلا في الأرقام، ولكن بعد أن درسوا وتمرسوا. وظل آينشتين قابعاً في مكتب تسجيل الاختراعات في سويسرا حتى طلع على الدنيا بنظريته في النسبية. وكان ثورة علمية تماماً مثل نجيب محفوظ الذي قبع في وزارة الأوقاف لا يدري به أحد حتى خرج علينا برواياته الرائعة عن أعماق الحياة المصرية في أحياء القاهرة).(6) • لذا لا تأخذ زعيماً ببلادته.. فها هو ترامب بكل ذلك (العبط) يحكم العالم كله.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى