ناهد قرناص

حلاوة إنترنت

كانت طرفة متداولة.. يقولون زمان كان الكرم أن يذبح لك أحدهم شاة عند قدومك.. تغيرت الأيام وصار الكرم هو أن يتفضل بإعطائك شفرة الدخول للواي فاي في منزله.. وقمة الحظ أن يكون سريرك بالقرب من قابس الشاحن للموبايل.. لم يخطر على بال أكثرنا تشاؤما أنه يتعامل مع شيء مهدد للأمن القومي (شخصيا).. بين يوم وليلة صارت وسائل التواصل الاجتماعي مهددا للأمن القومي مما استدعى قطع خدمة الإنترنت ومنعها بتاتا عن الأمة السودانية.. في وقت تسعى فيه الحكومات لرفاهية شعوبها.. يتفنن ولاة أمورنا في جعل الحياة اكثر معاناة..

لم يكتفوا بالضائقة المالية وانعدام السيولة وذلك الغلاء الفاحش الذي طال كل مناحي الحياة مما جعل العيش جحيما لا يطاق.. لم يكفهم صفوف الرغيف ولا صفوف الوقود ولا صفوف الصرافات الآلية.. فقاموا بقطع الإنترنت تحت مسمى مهددات الامن القومي.. تباكوا طويلا حول المتاريس.. وزعموا أنها تعيق وصول الناس إلى أماكن أعمالهم.. بل ذرفوا الدموع حول الإسعافات التي لم تستطع الوصول إلى المستشفيات.. رغم أن الثوار كانوا يسمحون بمرور الإسعاف وعربات الإطفاء.. بل إنهم كانوا يسارعون في مد يد العون لكل من تقطعت به السبل.. أقول تباكوا على متاريس الأرض وذهبوا إلى (تتريس) الهواء.

ذلك أنهم يرون في وسائل التواصل الاجتماعي منصات للثوار ضدهم.. ولم يعرفوا أن الفيسبوك هو وسيلة من وسائل الإعلانات المهمة للمنظمات الطوعية.. لم يعرفوا كيف كان تأثير قطع الإنترنت على انسياب المتطوعين للتبرع بالدم.. فقد كان النداء يتم عبر الفيس بوك والواتساب.. وسرعان ما يتم تدفق المتطوعين إلى بنك الدم ملبين نداء الواجب.. عبر الفيسبوك تداول الناشطون صورة الأهالي العالقين في ميناء سواكن.. الذين خذلتهم وكالات العمرة.. ونصرهم شباب المنظمات الطوعية حتى أن أحد الشباب استشهد وهو في طريقه إليهم حاملا الماء والدواء والغذاء.. عبر الفيسبوك تسارع السودانيون في جدة لنجدة العالقين في مطار جدة من المعتمرين.. وقاموا بإيجار الفنادق ودبروا لهم المبيت والأكل واطمأنوا عليهم بعد وداعهم في المطار.. هذا غيض من فيض.. ولو تتبعنا القصص لما اكتفينا بمجلدات.

المسؤول عن قطاع الاتصالات قال بابتسامة ساخرة.. إن الإنترنت سيعود ولكن وسائل التواصل الاجتماعي لن تعود قريبا فهي ما زالت مهددا أمنيا.. سبحان الله كل من اعطاه الله سلطة في هذه البلاد.. لا يدخر وسعا في استخدام الجبروت.. (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).. الإنترنت حق..ووسائل التواصل حق.. ولا يوجد أي سند قانوني يسمح للدولة بقطع الخدمة.. ومن هنا أرسل تحياتي واحترامي للمحامي عبد العظيم الذي أخذ حقه كاملا عبر القانون.. والقبعات نرفعها تحية لمولانا عواطف عبد اللطيف التي أثبتت أن القضاء السوداني مايزال بخير.. هذه الثورة ثورة وعي ودراية بالحقوق ولا تراجع عن ذلك.. لذلك أقول أنا المواطنة السوادنية كاملة الأهلية ناهد أحمد قرناص.. أنني بصدد استعادة حقي كاملا في التمتع بخدمات إنترنت على هاتفي.. وسأبذل كل الطرق القانونية لاستعادة هذا الحق.. وهذا مني للاعتماد.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى