يعد الهادي آدم من أبرز الشعراء السودانيين الذين عبروا بالمفردة العربية السودانية حدود الوطن واوجدوا لها حيزاً من الاهتمام والمتابعة في الأوساط الفنية العربية خاصة بعد أن صدحت فنانة الشرق أم كلثوم برائعتة أغداً ألقاك التي يصفها بالكنز الأدبي الذي أسهم في تقديمه للعالم العربي بشكل عام من خلال الحوارات التي أجريت معه، وأضاف آدم أن سر خلود الأغينة يرجع لأن كوكب الشرق هي من تغنت بها بجانب الألحان البديعة التي وضعت من قبل الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب .
شاعر أغنية أغدا ألقاك
وحول اختيار أم كلثوم لقصيدته البديعة قال آدم ((زارت الفنانة أم كلثوم السودان عام 1968 لتغني لمصلحة المجهود الحربي بعد النكسة في 1967 في إطار الجولة التي قامت بها لعدد من الدول العربية، وألحت على أن تتغني بكلمات شعراء عرب في تلك الفترة ومن كافة أرجائه وعندما حلت بالسودان وجدت استقبالات حاشدة ورائعة عكست مدى حب الجماهير وتعلق الشعب السوداني بها كفنانة كبيرة، ومن ثم بدأت رحلة البحث عن نصوص يمكن أن تترنم بها فكان أن عثرت على قصيدتي (أغداً ألقاك) مما أثار في دواخلي البهجة والسعادة لما تتمتع به الست من مكانة في الأوساط الغنائية في الوطن العربي ككل .
وكان لرحيل الرئيس جمال عبدالناصر أثراً في أن تتأخر عن غنائها حتى صدحت بها أم كلثوم في مايو عام 1971 في مسرح سينما قصر النيل لأول مرة وسط أجواء تحفها البهجة والطرب ..وقدم الشاعر الجميل الهادي آدم العديد من الأعمال الخالدة للمكتبة السودانية والعربية وجملة من الإصدارات الشعرية (كوخ الأشواق) و (نوافذ العدم) و(عفواً أيها المستحيل)..بالإضافة لمسرحيته (سعاد) التي لم تجد حظها من الانتشار .
وقامت مؤسسة أروقة للثقافة والفنون قبل سنتين بطباعة الأعمال الكاملة للشاعر الهادي آدم بحسب ما نقلته صحيفة التيار.
ولد الهادي آدم بقرية الهلالية في العام 1927م ويقول عن نشأته في تلك البيئة من خلال الحوار الذي أجرته معه أسماء الحسيني بالقاهره في فترة سابقة (ولدت في قرية أصبحت مدينة الآن هي قرية الهلالية التي تقع على شاطئ النيل الأزرق جنوبي الخرطوم وتتبع لولاية الجزيرة وهي ذات بيئة زراعية تجارية، ولاشك أنني تأثرت بها كثيراً خاصة وأن البيئة التي نشأت فيها أهلها أناس بسطاء طيبون يحرصون على الرزق الحلال في الزراعة والتجارة ويؤازرون ويشاطرون بعضهم بعضاً في الأفراح والأحزان، ويعتبرون كل من ينتمي لها جزءاً لا يتجرأ منهم).
تلقى الهادي آدم تعاليمه الجامعية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ثم بكلية التربية بجامعة عين شمس، قبل أن يعمل معلماً بوزارة التربية بالسودان، كما تم تكريم الهادي آدم من قبل جامعة الزعيم الأزهري بحصوله على الدكتوراة الفخرية من قبل إدارة الجامعة .رحل الهادي آدم عن دنيانا في ديسمبر من العام 2006م مخلفاً وراءه إرثاً أدبياً عظيماً تنهل منه الأجيال المحبة للشعر والكلمة الرصينة .
الهادي آدم .. صحيح أنه انتشر عبر أغنية واحدة هي (أغداً ألقاك) التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم .. ولكن ذات الأغنية ظلمته ظلماً بائناً وكانت سبباً في تغييب بعض ماكتبه هذا الشاعر المهول من أشعار .. ولكن ذات الأغنية التي ظلمته أكدت أن الشاعر السوداني يكتب شعراً على درجة عالية من القيمة الفنية وهو شعر يبذ أقرانه العرب .. بل ويتفوق عليهم من حيث المضمون والطرح الجديد والمختلف .. وإن كانت أغداً ألقاك وجدت حظها من الانتشار .. فذلك لأنها تستحق بما احتشدت به من مضامين راقية وكلمات شفيفة وعميقة.
الخرطوم (كوش نيوز)