الطيب مصطفى

إلى قيادة وأعضاء المجلس العسكري: هلا تأملتم هذه الآية؟!

> (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) سورة النساء.
> أود أن أسألكم جميعاً أيها السادة، وقد قرأتم وتأملتم الآية الكريمة.. من الذي تسلم الأمانة المتمثلة في السلطة؟.. أقول من الذي تسلمها من الرئيس السابق عمر البشير؟ ومن هو المسؤول عن ردها الى اهلها الذين لا خلاف انهم هم (الشعب)؟ الستم انتم دون غيركم؟!

> هل تسلمت قوى الحرية والتغيير السلطة من البشير أم تسلمتموها أنتم وبالتالي أنتم المأمورون بردها الى اهلها (الشعب) لا الى احد او جهة غيره؟
> والله الذي لا اله غيره سأسائلكم وسيسائلكم اهل الامانة (الشعب السوداني) يوم يقوم الناس لرب العالمين إن فرطتم في السلطة التي انتزعتموها ممن حملها قبلكم أو إن سلمتموها الى احد كائنا من كان غير الشعب الذي ينتظر منكم تمكينه من اختيار من يمثله في السلطة التنفيذية عبر انتخابات حرة ونزيهة تحدد خياراته عبر الصندوق، ولذلك لا مجال البتة للتنازل عن رئاسة المجلس السيادي خلال الفترة الانتقالية لأية جهة داخل السودان او خارجه ولو ليوم واحد.
> كيف تكون الرئاسة دورية وكيف يرأسها مدني من قوى الحرية والتغيير او من غيرها سواء خلال النصف الاول من الفترة الانتقالية او النصف الثاني الذي ستجرى فيه انتخابات ستشارك فيها قوى الحرية والتغيير نفسها باطماعها الانانية الدنيئة وبشح نفسها الامارة بالسوء وبروحها الاقصائية التي شهدناها وهي تصر على الاستحواذ على كامل السلطات الثلاث بدون انتخابات؟! ثم كيف تكون قوى الحرية والتغيير، بكل ما بداخلها من تشاكس وتناقض بلغ درجة التنابز بالألقاب بين مكوناتها المتصارعة، كيف تكون حاكمة للنصف الاول من الفترة الانتقالية في بلاد تعاني من هشاشة مريعة في بنيتها الاجتماعية والسياسية .. بلاد تمتلئ بالسلاح وبالخلايا النائمة (والصاحية) وبالحركات المسلحة المحاربة حتى اليوم او الجانحة للسلم رغم أني اراها هذه الأيام تتململ وتتحسس سلاحها بعد ان رأت ما يسوؤها من تنكر للاتفاقيات الملزمة المبرمة معها؟

> إني أحذر بل أنذر أن التنازل عن الرئاسة لاولئك الانتقاميين ولو ليوم واحد في بلد يعج بالمهددات الامنية، ثم اطالة الفترة الانتقالية، يفتح عليكم ايها القادة ابواب جهنم، فهلا نجوتم بجلودكم وقصرتم تلك الفترة خوفاً من مصير ملغوم مفتوح على كل الاحتمالات العدمية؟
> ان بعض مكونات قوى الحرية والتغيير لن يهمها ان احترق السودان، فمتى كان الحزب الشيوعي بعيداً عن اشعال الحرائق وهو الذي اذاق السودان وكثيراً من دول العالم من حقده صنوفاً من الأذى والمذابح والمجازر والتمردات؟

> اسمحوا لي ايها الاخوة بالانتقال الى الجزء الثاني من الآية الكريمة، فقد أمر الله تعالى ولاة الأمر باقامة العدل: (واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، فهل اقام المجلس العسكري تلك القيمة الاخلاقية الربانية التي سمى الله تعالى بها نفسه وهو (المجلس العسكري) يتواصل مع تحالف واحد دون سائر التحالفات؟ هل اقام العدل وهو يمنح قوى الحرية والتغيير بقيادة الحزب الشيوعي بكل سخائمه ومراراته وحقده الدفين سلطة مطلقة لكي (يفش غبينته) ويمارس الانتقام المركوز في عقيدته السياسية القائمة على الصراع (الطبقي) وعلى دكتاتورية البرليتاريا؟

> لن اجتر ذكرى الجزيرة ابا وقد قصفت بالطائرات التي راح ضحيتها الآلاف، ولا مجزرة ود نوباوي وبيت الضيافة حين فعل بالضباط والجنود الأفاعيل، ولا شعارات اضرب اضرب يا ابو القاسم التي طالبه الشيوعيون فيها برجمنا بالدبابات التي كانت تحاصرنا نحن الطلاب المعتصمين وقتها داخل جامعة الخرطوم عام1971م، ولا عن انضمام الشيوعيين وفرارهم بالعشرات الى اديس ابابا لمساندة جون قرنق الذي اقام تمرده عام 1983م على مرجعية ماركسية تملقاً لداعمه الماركسي منقستو هيلي مريام الذي كان يحكم اثيوبيا بالحديد والنار، ولا عن تمردات دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وشرق السودان والتي تولى الشيوعيون قيادتها والهبوا بها ظهر السودان منذ عشرات السنين.

> أتفهم تماماً اللغة الدبلوماسية التي اصدر بها الفريق شمس الدين كباشي بيان الجمعة الليلي، ولكن علينا جميعاً ان نفهم ان الاتحاد الإفريقي ظل أسيراً لقرارات مقره في اديس ابابا، ففي حين ظل صامتاً امام مطالب اريتريا لنيل الاستقلال رغم حجتها الموثقة دولياً وهب البوليساريو، رغم هزالها السياسي وقلة حيلتها، وهبها اعترافاً لا تستحقه مما اغضب المغرب واخرجها من ذلك الاتحاد المسكين الخاضع لامريكا وعملائها في افريقيا،

ولولا الارادة الصلبة للشعب الاريتري لظلت حتى اليوم تحت الحكم الاثيوبي، وليت المجلس العسكري يدرك ان فقدان السودان عضوية الاتحاد الافريقي لا يضر بقدرما ينفع، فقد ظل الاتحاد الافريقي يتودد لسنوات طويلة لاريتريا حتى تشرفه بعضويتها، ولو زأر السودان او هدد او احتج على تغيير الاتحاد الافريقي موقفه الاول وانصياعه للمبادرة الاثيوبية الظالمة لتراجع واعتذر، فوالله لا ينبغي للسودان العزيز ان ينكسر لذلك الاتحاد الذليل، فهلا كشر الكباشي ــ صاحب الخلق العظيم ــ عن انيابه ولو لمرة واحدة؟!

> اما اثيوبيا فقد كان امرها عجباً، إذ حشرت انفها في ما لا يعنيها وفرضت نفسها على السودان واحتقرت قراره السياسي وسيادته الوطنية، ولعل ما ادهشني ان يقف رئيس وزرائها ابي احمد واعظاً لنا بأن نتجنب السماح بالتدخلات الخارجية، وكأن اجداده ولدوا في الفاشر او ود مدني، ولا اظن أن ابي احمد كان يقصد بنصائحه تلك الساذجة غير مصر والسعودية الأقرب الينا ذمةً ورحماً!

> لقد سقط الرجل في نظري وكشف عن شخصية مضطربة لن تحصد اثيوبيا من نزقها غير العلقم وستذكرون ما اقول لكم.
> لقد تطاول ووسيطه على السودان واهانا قراره السياسي، وكان ينبغي ان يواجه بشيء من الاحتجاج على غرار ما حدث مع السفير البريطاني، وذلك انتصاراً لارادتنا وسيادتنا الوطنية، ولا اظن انه كان بمقدوره ان يفعل ما فعله مع اية دولة اخرى مثل اوغندا او مصر او حتى اريتريا، لكن للأسف فقد هنا فسهل الهوان علينا.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى