ناهد قرناص

البوكيمونات التي تعيش بيننا

أذكر انني كتبت مقالا بهذا العنوان قبل فترة من الزمن ..بحثت عنه الان ولم اجده ..ذلك انني اعتقد ان زمن البوكيمونات قد اظلنا مرة اخرى ..او ربما انه لم يكن قد انحسر تماما لكنهم كانوا في طور ركود او بيات شتوي ..المهم ..في ذلك المقال انزلنا تعريفا للبوكيمون وقلنا انها كائنات اسطورية في مسلسل للاطفال ..تلك الكائنات كانت لها خاصية التحول من طور الى طور حسب تغييرات تحدث في البيئة التي تعيش فيها.

ذكرت في ذلك المقال ان هناك بشرا على هيئة بوكيمونات يمكننا تصنيفهم الى بوكيمونات المبادئ ..وهي تلك الكائنات التي تغير مبادئها بين يوم وليلة ..تجدهم يرفعون شعارات حاسمة ..ويكفرون كل من خالفهم ..ويلعنون (سنسفيل جده )..ومن ثم فجاة ..دون ان ندري ..تجدهم قد عبروا الى الضفة الاخرى ..وصاروا من دعاتها وكبار متحدثيها ..حتى انك عندما تسمع حديثهم تكاد تقول (يا رااااجل !!)

الحقيقة ان بوكيمونات المبادئ لا يدهشونني ..(فيها ايه يعني لما الواحد يغير مبادئه كما يغير ملابسه ؟) عادي يعني ..حتى ان تلك البوكيمونات يمتازون بذكاء مرحلي يجعلهم يغيرون حتى نبرة صوتهم ..فيصير حادا ..عاليا ..وتجدهم مع اسياد نعمتهم الجدد يظهرون كل مظاهر الولاء والطاعة ويصبحون ملكيين اكثر من الملك ..يلعب بهم ولاة امرهم الجدد (سياسة ) ويجعلهم يظهرون في وسائل الاعلام ليحدثوننا عن نضالهم وانه لولاهم لما قامت الثورة ….اقول انهم فعلا لا يثيرون استغرابي ولكني اشفق عليهم فعندما ينتهي تاريخ صلاحيتهم ويتم التخلص منهم حينها سيكون من الصعب ادخالهم في عملية اعادة تدوير ..اذ ان هذه البوكيمونات تصلح للاستهلاك مرة واحدة ولا يمكن اعادة انتاجها مرة اخرى.

انما الذين يجعلونني اضرب كفا بكف ..واصرخ متعجبة (دا اسمو شنو وساكن وين ؟) ..ما يمكننا تسميتهم ببوكيمونات المواقف وهم اؤلئك الذين لا راي لهم ولا فكرة ..يعيشون في برزخ رمادي ..لا الى اؤلئك ولا اؤلئك .. ..تجدهم يقفون مترصدين المشهد ..يحاولون معرفة لمن ترجح كفة الميزان حتى يميلوا حيث تميل ..وبمجرد ظهور اي علامة تدل على غلبة احد الاطراف تجدهم يسارعون الى اعلاء الهتاف والسير في الجوقة ..حتى ينالوا حظا من العطايا والهبات ..هذه المرة يبدوا انهم تعجلوا اعلان موقفهم ..سارعوا بالغناء وتدبيج القصائد ..وقاموا بتنظيم حشود التفويض ..وصرخت احداهن فوضناك ..وتغزلت الاخرى في السلطة حتى قالت ان الكنداكات اصبحن آمنات في خدورهن ..فتمتمت بدوري (كان يوم أغبر الذي اجرى عبارة الكنداكة على لسان كل من هب ودب)

بعد مجازر فض الاعتصام الذي قيل عنه تفلتات وبعدما (حدث ما حدث ) ..واهوال الاغتصابات التي قيل عنها (تجاوزات) ..بعد ما البلد صارت كلها سرادق عزاء ..وغاضت عيون الفرحة في البيوت ..تظهر بوكيمونات المواقف لتصرح بسيادة الامن والامان ..للكنداكات اللاتي عبر التاريخ لم يخضعن ولم يرضين الذل والهوان ..الم اقل لكم ان هذا النوع من البوكيمونات يثير استغرابي وتعجبي؟

الخطير في بوكيمونات المواقف ..انها قابلة للتدوير ..يمكن ببساطة ان تتغير البيئة …فتجدهم يغيرون جلدهم ويهتفون لمن دانت له مؤخرا ..لكنهم هذه المرة سيصدمون ..الجيل (الراكب راس ) يعرف كيف يميز البوكيمونات ويمكنه كشفها بالأشعة فوق البنفسجية ..لذلك دعهم يمرحون قليلا ..ويضحكون ملء فيهم ..فمن يضحك اخيرا ..يضحك كثيرا ..فان موعدهم الصبح ..اليس الصبح بقريب ؟؟

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى