تحقيقات وتقارير

سيناريوهات أمريكية أمام السودان.. أيهما الأقرب؟

على قصر مدة زيارة الموفد الأمريكي  للسودان، والتي جاءت مفاجئة وعلى غير عادة السياسة الأمريكية والعصا التي ظلت ترفعها  تجاه قضايا الداخل، ورغم أن فترة  إقامته  لم تتجاوز الـ(48) ساعة، إلا أن مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية تيبور ناجي، رهن كل مستقبل السودان السياسي على أربعة سيناريوهات بدت صادمة، ثلاث منها  قد تكون الأسوأ على الإطلاق، وينبغي على السودان أن يكون مستعداً لها، ما لم يصل طرفا النزاع، المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير إلى اتفاق قبل 30 يونيو القادم، وهي الفترة  الموافقة للمهلة التي حددها الاتحاد الأفريقي.

ورغم أن الكثيرين قللوا من تكهنات تيبور، ولم يلتفتوا لها، إلا أن المشهد الآن يستقرئ ذات الخارطة التي نأمل ونحن ننقلها عبر هذا التقرير أن تدحض في مقبل الأيام  بالتوافق وإزالة الخلافات العالقة، فهل سيصدق التوقع الإيجابي الوحيد لأمريكا بتكوين حكومة انتقالية بتراضي كافة أطراف التناحر؟ أم ستقع واحدة من نبوءات الحكومة الأمريكية لأسوأ السيناريوهات الثلاثة…

الصيحة قرأت مع محلّلين عن أي السيناريوهات أقرب للواقع؟

خارطة أمريكية

وحذّر تيبور من انزلاق السودان في الفوضى، ومن سيناريوهات كارثية مشابهة لحالات عدم الاستقرار، كما حدث  في ليبيا والصومال في حالة فشل الوصول إلى حكومة مدنية انتقالية، وحذّر من جهات وصفها بالمخرّبة بين الأطراف السودانية، تسعى إلى الفوضى، وإعادة إنتاج السيناريو الليبي في السودان، وقال: (ليست لدينا تفاصيل، لكن من الواضح أن هناك محرضين في الجانبين، وكنا سنتوصل إلى حل، ولكن كل مرة يفشل بسبب هؤلاء).

وهناك سيناريوهات محتملة لإنهاء الأزمة في السودان. أحد هذه السيناريوهات إيجابي، والبقية سيناريوهات سلبية، موضحاً أن السيناريو الوحيد الإيجابي المطروح الآن هو أن يوافق الجميع على فترة انتقالية، وأن تتم قيادة البلاد بواسطة حكومة مدنية يقبلها الشعب السوداني. وأضاف: “السيناريوهات السلبية متعددة، منها أن ينتهي الأمر إلى نموذج الفوضى الموجود في ليبيا أو الصومال”، مشيراً إلى أن آخر شيء تريده مصر هو “ليبيا أخرى على حدودها الجنوبية”، وأن آخر شيء تريده إثيوبيا هو “صومال أخرى على حدودها الشمالية الغربية”.. وتابع  سيناريو آخر سيئ، هو استمرار قوى الحرية والتغيير، التي تقود الحراك في الشارع، في التمسك بتصوراتها للحل بشكل فردي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا ترغب في حل فردي من جانب واحد، لا يحقق طموحات الشعب السوداني، وأضاف أن الحالتين السلبيتين الأخريين ستكونان عودة النظام السابق، واستمرار حكم المجلس العسكري، وشدد المسؤول الأمريكي على أهمية الوصول إلى حكومة مدنية تلقى رضا الشعب، وأشار إلى أن واشنطن تدعم الوساطة، وتأمل أن تلاقي النتيجة الناجمة عنها قبولاً من قِبل الشعب السوداني، وقال إن الولايات المتحدة لن تلعب دوراً مباشراً في السودان، بل ستقدم النصح والدعم للاتحاد الأفريقي، وذكر أن الاتحاد الافريقي لديه أدوات أخرى يمكنه اتخاذها إلى جانب تجميد عضوية السودان في حال تدهور الأوضاع، وكان وكيل وزارة الخارجية الأمريكية قد زار الخرطوم للانضمام لمساعٍ دولية لإنقاذ المفاوضات بين العسكري وقوى الحرية والتغيير، وذلك على إثر أنهيار محادثات كانت متوقفة بسبب فض الاعتصام

احتمالات بعيدة

فيما يرى المحلل السياسي، بروفيسور حسن الساعوري، في حديثه لـ(الصيحة )، أن السيناريوهات التي توقعها ناجي تبدو بعيدة، وغير متوقعة إلا في حالة واحدة، وهي انشقاق الجيش، أو حدوث تمرد داخلي، وقال: إذا أنشق الجيش كما حدث في ليبيا أو الصومال، فقد تنحاز فصائل لصالح فصائل أخرى، وأردف: لكن أعتقد أن الجيش ما زال حتى الآن متماسكاً بصورة كبيرة.

أما في حالة انقضاء مهلة الاتحاد الأفريقي، رجح مراقبون أن السيناريوهات المحتملة قد يشرع اﻻتحاد في تجميد عضوية السودان كما حد ث في مصر.

الإرادة

وقلل الخبير الإسترتيجي اللواء عبد الرحمن أرباب لـ(الصيحة) من سيناريوهات الموفد الحكومي، وقال: إذا اقتربنا من الصورة الكارثية التي توقعها ناجي للسودان سنقرأ ما بين سطورها بعدها عن أرض الواقع، لجهة أن الثورة في السودان بداْت بصورة سلمية، وهنالك إرادة قوية من جانب الشعب، وذلك سبب كافٍ ليجنب السودان الانزلاق لاحقاً إلى مزالق الربيع العربي، وأعرب أرباب عن تفاؤله بعدم تحقق السيناريو الأمريكي نسبة لوجود العقلاء والحكماء من الطرفين.

سيناريوهات محتملة

أما بخصوص سيناريو عودة النظام السابق إلى واجهة الأحداث، لم يكن المحلل السياسي بروف عبده مختار متفائلاً بشأن استبعاد الثورة المضادة، وقال بأن هنالك اتجاهاً قوياً لتحقق توقعات الموفد الأمريكي، وأردف أن الانقلاب الذي حدث مؤخراً واحد من هذه السيناريوهات، وكان يمكن أن يقع فعلياً، وأردف عبده: إذا لم تسارع قوى الحرية والتغيير للجلوس للتفاوض واستصحاب المجلس العسكري، فذلك سيقود إلى قيام الثورات المضادة، وعودة النظام السابق.

أما فيما يتعلق بسيناريو استمرار المجلس الانتقالي، قال إن استمراره سيقطع الطريق أمام أي محاولة انقلابية، وقد يلجأ العسكري عندئذٍ إلى تشكيل حكومة كفاءات بصورة أحادية.

وأضاف أن ذلك سيكون لصالح الأمن، وقال مختار إن الكرة الآن في ملعب الحرية والتغيير، وإن المجلس قدم كل ما عنده، وينبغي على التغيير مغادرة منصة التعنت إلى الاتفاق الذي سيجنب البلاد كافة السيناريوهات التي تنبأت بها أمريكا تجاه السودان.

تقرير: نجدة بشارة

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى