الى القائدين البرهان وحميدتي..هل قراتما موقف المهدي من الانتخابات؟!

أحسن الامام الصادق المهدي إذ نفض يده من العصيان المدني او الاضراب الشيوعي المعلن عنه يوم غد الثلاثاء حتى لا يتحمل نتيجة الفشل الذريع الذي يخيم على ذلك الاضراب من كل الاتجاهات واهم من ذلك حتى لا ياتي سلوكا لا اخلاقيا لا يرضى ان يمارس من غيره في مواجهته إذا حملته الايام ذات يوم الى السلطة.

وهكذا تتباعد المواقف بين مكونات قوى الحرية والتغيير الذين فشلوا حتى في الاتفاق على تكوين مكتبهم القيادي الذي يصر المهدي على تشكيله حتى يوقف الفوضى الضاربة الاطناب التي يمارسها الشيوعيون في ادارة التحالف.

لن يرضى الحزب الشيوعي بتكوين المكتب القيادي لتحالف قوى الحرية والتغيير ليقوده المهدي خوفا من ان يقيد حركتهم وتلاعبهم به فقد اسس التحالف قبل اشهر على جرف هار وبين مكونات متشاكسة بدون ان يتفق حتى على الاسس والمرجعيات التي تحكمه ولا حتى على قيادته ولذلك لا غرو ان ينفرد به الشيوعي ويسخره لخدمة اجندته بعيدا عن حلفائه المغيبين.

هل ادل على ذلك من الوثيقة الدستورية التي قدمها الحزب الشيوعي الى المجلس العسكري قبل ان يعرضها على المهدي بعد ان حذف منها الاسلام – الذي يبغضه الشيوعيون – من مصادر التشريع للدستور الانتقالي؟!

هكذا هو الحزب الشيوعي .. لم ولن يعمل في اطار تحالف الا اثخنه بالخصومات والصراعات التي هي جزء من ايديولوجيته المتخلفة التي لا تقوم الا على الصراع والكيد والحقد الاعمى وتصفية الحسابات.

إننا الآن بازاء حالة غريبة من الجمود في المشهد السياسي فقد مضى اكثر من شهر ونصف منذ ان تسلم المجلس العسكري مقاليد السلطة ولا نزال في المربع الاول بلا سلطة تنفيذية او تشريعية جراء الخطا الفادح الذي اوقع فيه المجلس العسكري نفسه حين منح قوى الحرية والتغيير شرعية لا تستحقها واعتبرها ممثلا وحيدا للشعب السوداني فقام بحق وحقيقة بدور من لا يملك لمن لا يستحق!

الان اقتنع الشعب كله او جله ان قوى الحرية والتغيير هي في نفسها ليست مؤهلة لكي تنهض بالمهمة التي عهدت اليها بعد ان تصاعدت خلافات مكوناتها التي باتت تتبادل الاتهامات واللكمات عبر البيانات الصحفية التي ضجت بها الاسافير .

ليس ذلك فحسب فقد ثبت للشعب ان من نصبوا انفسهم ناطقين باسمه من قوى الحرية والتغيير ليسوا اكثر من طغمة اقصائيين لا يعترفون بغيرهم من القوى السياسية الشريكة في الهم الوطني فضلا عن انهم متشاكسون فيما بينهم ولكن كانت الطامة الكبرى حين تبين انهم لا يتورعون عن الخروج على القانون من خلال اغلاق الشوارع والكباري بالمتاريس ليجبروا المجلس العسكري على الانصياع لارادتهم بل لاعمال سلاح العصيان المدني والاضراب السياسي لفرض اجندتهم العدمية الاقصائية على المجلس العسكري وعلى الشعب السوداني باجمعه.

رأى الناس من التصرفات الشاذة لقوى الحرية والتغيير -وخاصة الشيوعيين – ما تشيب لهوله الولدان فقد ضيقوا على الناس حياتهم وبلغ نزقهم وخرقهم للقانون درجة تحطيم المباني والمنشآت العامة من اجل اقامة المتاريس لاغلاق الشوارع والكباري فهل بربكم يستحق هؤلاء ان يفوضوا من الشعب في اية انتخابات قادمة ليحكموه أم هم في الحقيقة اعداء للشعب الذي سرقوا اسمه يخربون ولا يصلحون ويهدمون ولا يبنون؟!

صحيح ان ما حدث من انهيار لهيبة الدولة ومن فوضى وخرق للقانون لم يحدث – في رأيي – منذ الاستقلال وصحيح كذلك ان المجلس العسكري يتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك التقصير الشنيع والاستسلام المريع سيما وان الجميع متفقون ان الاعتصام لا ينبغي ان يتجاوز ميدان القيادة العامة وكان ينبغي للسلطات المختصة ان تواجه تلك التصرفات الصبيانية بالحسم اللازم مثلما يحدث في كل العالم مما رايناه مثلا في التعامل مع محتجي (السترات الصفراء) في أم الديمقراطية (فرنسا) مؤخرا ولكن رغم ذلك أقول إنه ربما كان ما حدث منحة ربانية متسربلة بطيات تلك المحنة ان يشهد شعبنا المغلوب على امره سلوك اولئك الحمقى الذين انكشفوا وانفضحوا بعد ان ملؤوا الدنيا ضجيجا وزعيقا بادعاء انهم جديرون بثقة الشعب وانهم الاحق بقيادة البلاد والعباد!

ارجو ان يكون المجلس العسكري قد وعى الدرس تماما بحيث لا يسمح بتكرار تلك الغفلة التي غلت يد الدولة عن الفعل لدرجة ان اتاحت الشرطة للصبية بان يديروا حركة المرور بل وتطاول بعض الحمقى وتحدوا المجلس العسكري على رؤوس الاشهاد مما رايناه بقلوب محزونة في الفيديوهات المتداولة في الوسائط!

اخيرا اقول إنه مما اسعدني ان المهدي قد اعلن في بيانه الاخير الرافض للاضراب ان اجراء انتخابات عامة حرة هي : (الوسيلة الديمقراطية للاحتكام للشعب ولكن اجراءها يتطلب استحقاقات محددة لكفالة نزاهتها وحمايتها من ادوات التمكين التي غرسها النظام المخلوع ..لا تتحقق الانتخابات الحرة النزيهة الا بموجب تلك الاستحقاقات).. ذلك ما قاله بيان المهدي بالنص.

اقول للقائدين البرهان وحميدتي ان موقف حزب الامة الجديد حول الانتخابات يمثل نقلة كبرى ينبغي للمجلس العسكري ان يهتبلها ويبني عليها لكي يمضي في اتجاه قيام الانتخابات خلال سنة واحدة اما ما طالب به حزب الامة حول الاجراءات الكفيلة بنزاهة الانتخابات فيمكن ان تناقش من خلال طرح قانون الانتخابات الذي اجيز من المجلس الوطني في دورته قبل الاخيرة على حزب الامة وغيره من القوى السياسية وانا واثق ان القانون المشار اليه سيحظى في مجمله بالقبول سيما وانه خضع لنقاش مستفيض شاركت فيه احزاب المعارضة بفاعلية كبيرة.

هل يفعلها المجلس العسكري وينهي ذلك الجدل العقيم بحيث يقصر الفترة الانتقالية ويقوم خلالها بالدور التشريعي على غرار ما قام به المجلس العسكري الذي رأسه المشير سوارالدهب؟!

Exit mobile version