تحقيقات وتقارير

قوش.. رجل الاستفهامات المريبة

 

توقيت مثير للحيرة ذلك الذي نقلت فيه تقارير إعلامية على موقع (الجزيرة) أن الفريق صلاح عبد الله قوش المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات يقوم بجولة خارجية ستمتد لفترة طويلة، رغم إعلان المجلس العسكري الانتقالي أنه يخضع حالياً لإقامة جبرية.

جولة ماكوكية

وكشفت التقارير عن لقاء قوش بمسؤولين نافذين في المخابرات المصرية وسياسيين مصريين معنيين بالشأن السوداني، والذين كانت لهم تحفظات محددة حيال بعض مواقف الحراك الذي فرضه واقع الإطاحة بالبشير، وبدت القاهرة خلال تلك اللقاءات قلقة على مجريات الأحداث في السودان.
والتقى قوش بزيارة سرية في أمريكا بنافذين في البنتاغون ووكالة الاستخبارات، وتناولت اللقاءات هناك مجمل الأوضاع التي تجري الآن بالسودان وكيفية التعاطي معها مستقبلاً، وتوجه بعدها إلى الإمارات.
وقد أشارت الصحف إلى أن زيارة قوش كانت رفقة مسؤولين حاليين من جهاز الأمن والمخابرات، دون ورود أي تعليق حول صحة المعلومات أو عدمها من قبل السلطات السودانية حتى الآن.

لماذا الآن؟

كثيرون رفعوا حواجب الدهشة إزاء توقيت فتح ملف قوش والتركيز عليه إعلامياً، بيد أن محللين فسروا الأمر أنه يأتي اتساقاً مع خلق حالة تململ تجاه أسماء أبرزت ميلها للحراك كالفريق أول قوش، خصوصاً وأن تسريبات نقلت عن الرئيس المخلوع البشير قوله بأنه تعرض للخيانة من قبل قوش، فضلاً عن أنه بحسب مصادر أمنية وتسريبات متداولة، ظل رافضاً استخدام الرصاص الحي لفض الاعتصام بعد صدور قرارات الدموي البشير مستنداً على مليشياته.. وتذهب التحليلات إلى أن إعادة التركيز الإعلامي على قوش لا يرتبط البتة بحرص تلك الدوائر على محاسبته على الجرائم المنسوبة له وإنما في محاولة لإبراز تواطؤ المجلس العسكري مع رموز النظام السابق وعدم اهتمامه بمحاكمتهم أو تقييد حركتهم إلى حين استلام حكومة الثورة مهامها، وذلك بهدف خلق حالة احتقان جديدة بين المجلس العسكري وقوى الثورة ممثلة في قوى إعلان الحرية والتغيير، مما يزيد من شقة الخلاف.

علاقته بالموساد

في وقت سابق نشر موقع “ميديل إيست آي” البريطاني أن قوش التقى رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في اجتماع نظمه وسطاء، وبدون علم البشير حينها.
وبحسب الموقع – ونقلاً عن مصدر عسكري – فقد أجرى قوش محادثات سرية مع رئيس الموساد في إطار ما وصفها المصدر بمؤامرة دبرها حلفاء إسرائيل لتنصيبه رئيساً عندما يتم إسقاط البشير.

علاقاته بواشنطن

ويحظى قوش بعلاقات جيدة في واشنطن حين كان رئيساً لجهاز مخابرات يمكن أن تعمل معه وكالة المخابرات المركزية في الحرب على الإرهاب ضد تنظيم القاعدة، بل إنه قام بزيارة الولايات المتحدة عام 2005م عندما كانت بلاده مدرجة من قبل الخارجية الأمريكية كدولة راعية للإرهاب.وقال تقرير لموقع “أفريكا إنتليجنس” نشر في وقت سابق إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ترى أن قوش هو الخليفة الأفضل للبشير.
لكن التقرير أشار إلى أن المخابرات المركزية ستعمل على ضمان الاستعاضة عن البشير بقوش إذا لم يتم احتواء الاحتجاجات.

سيرته الذاتية

يُذكر أن قوش أحد أبرز رجالات نظام البشير الذين طالب الحراك بإبعادهم من المشهد، وقدم استقالته الأيام الأولى للإطاحة بالرئيس، ووضع قيد الإقامة الجبرية وفقاً لتصريحات المجلس العسكري الحاكم.
يذكر أن الفريق أول صلاح عبد الله قوش، كان يشغل منصب مدير جهاز الأمن والمخابرات، ومستشار المخلوع البشير حتى أغسطس 2009م وفي عام 2012م تم اعتقاله بعد إدانته بالتخطيط لانقلاب، لكن أُفرج عنه لاحقاً بموجب عفو رئاسي. وفي فبراير 2018م عينه المخلوع مديراً للمخابرات مرة أخرى. وينحدر صلاح قوش من قرية صغيرة ضمن قرى منطقة نوري تسمى البلل، ورحلت أسرة صلاح عبد الله قوش إلى مدينة بورتسودان.

يقول الصحافي الأمريكي مارك قولدبيرج الذي يكتب في «نيويورك تايمز» والمتخصص في الشؤون الإفريقية: «يوجد اسم قوش ضمن لائحة قدمت إلى مجلس الأمن تضم 17 شخصاً يعتبرون من أهم الشخصيات المتهمة بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور». ويقول أيضاً إنه «مسؤول عن اعتقالات تعسفية والتضييق والتعذيب وإنكار حق المعتقلين في محاكمات عادلة». ويصف قولدبيرج قوش بأنه «عقل الحكومة السودانية». وفي عام 2005 أجرت إحدى وكالات الأنباء الغربية حديثاً نادراً مع صلاح قوش حيث أقر لأول مرة بأن الحكومة تسلح ميليشيات في دارفور، مشيراً إلى أنهم لن يرتكبوا الخطأ نفسه في شرق السودان. وأقر في تلك المقابلة أن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان حدثت في دارفور وأن الذين ارتكبوا تلك الانتهاكات سيقدمون إلى المحاكمة.

وعلاقة قوش مع «سي.آي.إيه» تحدث عنها الأمريكيون كما تحدث عنها السودانيون، عندما كشف مصطفى عثمان إسماعيل، وكان يومئذٍ وزيراً للخارجية، النقاب عن هذا التعاون، وقال إن «التعاون في هذا الصدد (الحرب ضد الإرهاب) بات سياسة عالمية، ونحن نقوم بذلك في إطار واجبنا كعضو في المجتمع الدولي وما يمليه الواجب من ضرورة التصدي لهذه الظاهرة». وأكد أن هناك تعاوناً استخباراتياً بين واشنطن والخرطوم. هذا التعاون سيؤدي إلى فتح «مكتب اتصال» خارج السفارة السودانية في واشنطن، للتنسيق بين جهاز المخابرات السوداني ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه). وهو التعاون الذي جعل الوكالة تعترض بشدة على إدراج اسم قوش ضمن المتهمين بارتكاب «جرائم حرب» في دارفور بسبب تعاونه الأمني مع الأمريكيين. وتعرضت «سي.آي.إيه» نتيجة تعاونها مع قوش إلى حملة إعلامية ضارية في الولايات المتحدة، إلى الحد الذي جعل بورتر غوس مدير «سي.آي.إيه» يتراجع عن عقد اجتماع مع قوش حين زار واشنطن. وكان يدرك الأمريكيون أهمية قوش بالنسبة لهم، وفي هذا الصدد يقول جون برنبيرغ المستشار السابق في البيت الأبيض خلال فترة حكم الرئيس الأسبق بيل كلينتون «كنا نعرف أن قوش هو المرافق اللصيق لأسامة بن لادن خلال وجوده في الخرطوم من 1990 إلى 1996، وهو الذي ساعده على إنشاء مشاريعه التجارية والمالية».
في 11 فبراير 2018، عين الرئيس السوداني عمر البشير، صلاح قوش مديراً لجهاز المخابرات والأمن الوطني، خلفاً لمحمد عطا.

الاستقالة

أعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان السبت الموافق 14 إبريل 2019 أن رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني صلاح عبد الله محمد صالح المعروف باسم صلاح قوش استقال من منصبه. وقال المجلس في البيان “صادق الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن رئيس المجلس العسكري الانتقالي على الاستقالة التي تقدم بها الفريق أول مهندس صلاح عبدالله محمد قوش من منصبه كرئيس لجهاز الأمن والمخابرات الوطني”، مساء الجمعة الموافق 13 إبريل 2019.

تقرير : القسم السياسي

الخرطوم (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى