تحقيقات وتقارير

خارطة اعتصام السادس من أبريل.. هل تعيد قطار التفاوض نحو محطة (المدنية)

خارطة اعتصام السادس من أبريل..
هل تعيد قطار التفاوض نحو محطة (المدنية)
* الأصم يقطع الطريق على العسكري ويعيد الثوار إلى واجهات القيادة العامة
* محاولات فض الاعتصام تتسارع بالتزامن مع تقدم المفاوضات
* الرأي العام بين المعتصمين كان يتوقع تجدد الهجمات

 

المجلس العسكري الذي يقوده عدد من الجنرالات تنازل فيما يبدو عن سلميته تجاه أول ثورة شعبية في تاريخ الثورات في إفريقيا تنتهج السلمية سلاحا لإجبار رئيس على التنحي بعد 30 عاما من الحكم وذلك حسب مراقبين وأجهزة رصد إعلامية. ويبدو أن مجلس برهان يختار ببيانه الأخير التصعيد والتنازل عن وعوده في بيانه الأول بسرعة إنهاء التفاوض ثم تبع ذلك سلسلة من الاجتماعات والتقاطعات الإجرائية في طبيعة ومسار التفاوض استغرقت 33 يوما تعرض خلالها المعتصمون السلميون العزل ومعظمهم من الشباب حول ساحات القيادة إلى كثير من المهددات حتى لا يصلوا إلى قطف ثمار ثورتهم التي مُهرت بدماء الشهداء وتوقفت عند منعطف مجلس برهان الذي تحكمه عدة تحالفات موثقة على المستوى الداخلي والإقليمي .

فض الاعتصام

الشاهد أن اجتماعات مجلس برهان من جانب والتجمع وقوى التغيير من الجانب الآخر لم تتوقف وكذلك محاولات فض الاعتصام بالقوة التي بدأت منذ 6 أبريل بتهريب الأسلحة البيضاء والنارية للغدر بالمعتصمين وتهريب السموم والمياه الملوثة وانتهت بالهجوم المباشر على المعتصمين من قبل القناصة بالذخيرة الحية من مباني المدينة الطبية والتي أدت إلى موت عسكريين وعدد من الشهداء والمصابين وتلا ذلك هجوم على المصلين بمسجد الجامعة وحرقه هجوم الاثنين الدامي الذي أسقط 6 شهداء دفعة واحدة وعددا كبيرا من المصابين في الوقت الذي أنكرت فيه القوات المهاجمة التي ظهرت في الوسائط وإفادات الشهود والمصابين (علاقتها بالهجوم)، واكتفى المجلس العسكري بالإشارة إلى وجود مندسين مسلحين تسببوا في الحادثة في اعتراف رسمي بسلمية الثوار مما يدحض حجة تعليق المفاوضات من جانبه، بسبب تصعيد التجمع والثوار ضده، واستنكر الثوار مزاعم تعطيل سير القطار الذي توصل التجمع لاتفاق حوله مع إدارة السكة الحديد منذ 27 أبريل الماضي.

 

ونعى البيان شهيد الجيش السوداني الذي سقط في الهجوم وكذلك شهيد الدعم السريع رغم عدم إعلان حميدتي عن شهداء وسط صفوف قواته واستهجن الثوار تجاوز البرهان لشهداء الهجوم من شباب الاعتصام والذين شكلوا ضغطا إضافيا رفع وتيرة الحراك ضد المجلس الذي اتهمه الثوار في منصاتهم بالمماطلة في التوصل لاتفاق نهائي وحملوه مسؤوليه الهجوم على المعتصمين الأمر الذي دفع مجلس برهان على ما يبدو إلى التهدئة بإبرام اتفاق سريع وشبه مكتمل على معظم بنود التفاوض مع الإبقاء على بند توزيع النسب والمهام في المجلس السيادي .

 

عدم ثقة

وقد لمسنا في استطلاع رأي لعينة عشوائية من المعتصمين عشية الإعلان عن الاتفاق توجس وحذر بالغ من طرفهم ورفض قاطع لفض الاعتصام ختي لو تم إعلان التوصل لاتفاق نهائي وذلك لعدم ثقتهم في جدية مجلس برهان في التوصل لاتفاق حقيقي يعيد السلطة للمدنيين وأفصحوا عن توقعاتهم بتكرار هجوم آخر لفض الاعتصام، وقد أبدى عدد كبير منهم عن عدم رغبتهم في فض الاعتصام حتى تصبح السلطة المدنية واقعا ملموسا ويتم القصاص لشهداء النظام وأن يطبق مبدأ المحاسبة ضد رموز النظام كما حدث في الجزائر.

وتماهيا مع توقعات الرأي العام التي لمسناها في (الجريدة)، داخل ساحات الاعتصام بعد الاثنين الأسود، تم تنفيذ هجوم آخر نهار الأربعاء سقط فيه 9 جرحى بإطلاق نار بعضهم إصاباتهم خطرة ثم فاجأ المجلس العسكري المعتصمين قبل أن تجف دماء شهداء الاعتصام بإعلانه وقف التفاوض مع التجمع وقوى التغيير لمدة 72 ساعة احتجاجا كما ذكر البرهان على (الإساءة للجيش ولقوات الدعم السريع التي هي جزء أصيل من القوات المسلحة) وذلك بعد أقل من ٢٤ ساعة على إعلان (البشارة) للشعب السوداني الذي زفه مندوب التجمع وقوى التغيير من على منصة التجمع.

 

مربع 6 أبريل

اعتراضات مجلس برهان على التصعيد في الشوارع والأحياء رد عليها (الأصم) عمليا وهو يخاطب ويوجه المعتصمين حول القيادة ويدعوهم إلى الحذر والالتزام بالمواقغ المحددة لخارطة الاعتصام، ونبه الشباب إلى وجود مندسين حقيقيين يخشون أن يعلقوا على المشانق عند قيام السلطة المدنية بسبب جرائمهم، وأوضح أنهم في التجمع لن يتنازلوا عن دماء الشهداء وشدد على عدم الاحتكاك مع العسكريين أو الاستجابة للاستفزاز للمحافظة على سلمية الثورة، واستنكر في بيانه باسم التجمع محاولة تجيير ملف المطالب السياسية إلى ملف آمني ومحاولات تحويل مسار الثورة إلى لا غير السلمية مثمنا دور الثوار في ضبط النفس بعد مقتل رفاقهم داخل ميدان الاعتصام وانتقد تراجع العسكري بعد إحراز الطرفين تقدما كبيرا في اتفاق نقل السلطة، داعيا الثوار إلى الاستمرار في الاعتصامات والالتزام بجدول مواكب تجمع المهنيين، مؤكدا أن الثورة لن تحيد عن سلميتها لعزل قوى الظلام والثورة المضادة عن مسار ثورة ديسمبر السلمية .

وقد وصف مراقبون لـ(الجريدة) خطاب الأصم وإعلان خارطة للمتاريس بأنها خطوة ضرورية بعد التصعيد من الثوار المحتجين على تأخير الإعلان عن الحكومة المدنية. وجاء إعلان التجمع عن عدم مسؤوليته عن أي حراك خارج ساحات القيادة الموضحة بالخريطة ليضع حدا للتصعيد غير المبرر الذي مارسه البعض باسم الثوار لإفراغ الثورة من السلمية وجرها إلى مواجهات عنيفة تمهيدا لفض الاعتصام.

 

السلمية رهان الثوار

الرهان للوصول إلى سلطة مدنية رغم تعنت المجلس العسكري يقع جله على عاتق الثوار المعتصمين حول القيادة العامة في الخرطوم وعدد كبير من مدن السودان وقدرتهم على الحفاظ على سلمية الثورة لأطول وقت ممكن في مواجهة المجلس العسكري الذي يفقد شرعيته الدولية كلما تأخر في نقل السلطة السلطة للمدنيين، ويعتمد كذلك على قدرة التجمع وقوى التغيير على إدارة مواجهات سياسية ومطلبية ناجحة مع المجلس العسكري لإفشال الثورة المضادة التي تختبئ خلف العسكر وتعتمد على الشائعات والقوة المفرطة على الأرض .

 

تقرير : نادية محمد علي

الخرطوم (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى