الطيب مصطفى

آن للمجلس العسكري أن يمد رجليه!

> استعرت عبارة الإمام أبي حنيفة حين عقص رجليه الى الخلف احتراماً لرجل وجيه بدا من سمته الوقار والهيبة .. كان الرجل قد حضر مجلس علم يقيمه الإمام الذي كان يعاني من آلام في الركبة تضطره الى مد رجليه، فما أن طرح الرجل الوقور سؤالاً ينم عن جهل فاضح حتى قال الإمام : (آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه)!
> فقد آن للمجلس العسكري أن يمد رجليه بعد صبر جميل وطويل على قوى إعلان الحرية والتغيير فاق صبر الإمام أبي حنيفة بمراحل سيما بعد أن انفضح ذلك التحالف وتعرى أمام المجلس العسكري حتى من ورقة التوت، بل تعرى أمام الشعب السوداني الذي ظنه منقذاً ومخلصاً بعد سنوات الإنقاذ العجفاء، فإذا به يتمخض عن كيان أناني وإقصائي لا يهمه إلا الصراع المستميت من أجل السلطة.

> نعم.. لقد ظهر بصورته الدميمة التي تضم مكونات سياسية متناحرة لا يهمها غير السعي لسرقة ونهب السودان، بعيداً عن شعبه المغيب الذي سعى ذلك التحالف الشره لوراثته وتقسيم تركته بالرغم من أنه لا يزال حي يرزق!
> عجبنا وغضبنا أن ينصب المجلس العسكري ذلك التحالف المتشاكس ممثلاً للشعب السوداني بدون تفويض شعبي بعد أن خادع المجلس وفرض نفسه عليه بأنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوداني المغلوب على أمره!
> في ذات الوقت الذي كان فيه ذلك التحالف يصول ويجول منفرداً بالساحات والفضائيات الأجنبية المتآمرة، وبالجلسات المتطاولة مع المجلس العسكري، كانت كثير من الأحزاب والقوى السياسية والحركات المسلحة تجأر بالشكوى وتتميز غيظاً وتعلن رفضها لانفراد ذلك الكيان الإقصائي بالمجلس العسكري الذي ظل يجتمع به صباح مساء.
> كنت أعلم من البداية أن الحزب الشيوعي لا غيره، هو نقطة الضعف الكبرى وكعب أخيل في ذلك التحالف الذي جمع فيه ذلك الحزب الشيطاني واجهاته اليسارية الصغيرة مثل الحزب الناصري وأحزاب البعث وبعض منظمات المجتمع المدني وكانت غلطة العمر أن يندرج حزب الأمة وحزب المؤتمر السوداني في تحالف مع الحزب الشيوعي وواجهاته العلمانية بالرغم من تجاربهما الدامية السابقة مع ذلك الحزب الشيطاني الذي ظل منذ الاستقلال يدمي خاصرة السودان ويعطل مسيرته بمؤامراته وكيده ودعمه للحروب التي أنهكت السودان وتسببت في تخلفه بين أمم الأرض جميعاً.

> من الغريب بحق أن مكونات قوى الحرية والتغيير ظلت تشكو بالليل والنهار من استبداد النظام السابق ومن طبيعته الإقصائية وبالرغم من ذلك مضت في خطها الإقصائي مستعينة ببعض قنوات الخليج الفضائية التي سخرت شاشاتها وكاميراتها لصغاره وكباره لتضليل الشعب السوداني ولاختطاف الثورة لمصلحة المحورين المتصارعين في جزيرة العرب.
> لعل أكثر ما فضح إعلان قوى الحرية والتغيير وأبان عوارها وكشف تشاكسها موقفها من الوثيقة الدستورية التي قدموها للمجلس العسكري فقد أنكرها حزب الأمة ثم رفضها وطلب مراجعتها المؤتمر السوداني، بل حتى البعث لم يتردد في نقدها وحدث كل ذلك قبل أن يقول المجلس العسكري رأيه فيها!
> الغريب أنه في الوقت الذي كانت قوى الحرية والتغيير تضغط باتجاه استحواذ المدنيين على أغلبية او كل عضوية المجلس السيادي بما يجرد المجلس العسكري من السلطة السيادية، برزت خلافات عاصفة أخرى بين مكونات قوى الحرية والتغيير، فقد امتعض السيد الصادق من تطرف الأحزاب اليسارية التي تطالب بتسليمها السلطة السيادية كاملة فقال: (حسع لو المجلس العسكري قال أنا مستعد لتسليم السلطة يسلما لي منو)؟!
> وطالب المهدي بتكوين مكتب قيادي لقوى الحرية والتغيير، رافضاً الاعتراف بأي تفاوض يتم قبل تشكيل ذلك المكتب ومعلوم أن غضبة المهدي نشأت جراء تطاول الشيوعيين وربيبهم تجمع المهنيين الذي قدم تلك الوثيقة الدستورية الهزيلة للمجلس العسكري قبل أن يطلع عليها المهدي او يجيزها حزب المؤتمر السوداني.
> أما عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، فقد شن هجوماً كاسحاً على الحزب الشيوعي ثم تبعه بعض قياداته الشبابية مثل سيف الدولة أحمد خليل الذي قال في تجمع المهنيين وسيده الحزب الشيوعي ما لم يقل مالك في الخمر، بما في ذلك مسيرته الدموية، بل أن الخلافات والمواجهات حدثت حتى بين المؤتمر السوداني وحزب الأمة!

> من تراه يقنع رئيس ونائب رئيس المجلس العسكري وبقية الأعضاء أن الشركاء المتشاكسين في قوى الحرية والتغيير ليسوا جديرين بالحظوة التي ظلوا يتمتعون بها دون غيرهم، سيما بعد أن انكشف ذلك التحالف على حقيقته العارية وأن هناك قوى أخرى أكبر منهم حجماً ووزناً وأجدر، يغضبها أن يتم تجاهلها فإن كان أولئك الإقصائيون لا يتحلون بقيمة العدالة التي رفعوها في شعارهم الكذوب (حرية سلام وعدالة)، فما أقل من أن يمارسها المجلس العسكري الذي يعلم ما ينطوي عليه إقصاء المكونات الأخرى من أخطار على أمن البلاد القومي.
> اسمعوا لمني أركو مناوي الذي لم تسكته عضويته في نداء السودان فهاجم حلفاءه في قوى الحرية والتغيير ووصف سلوكهم بـ(الهرولة والتخبط، بل والهمجية)، كما وصف خطابهم بالمتناقض، وقال إن ذلك (يمثل أعراض لمرض التغييب والسيولة الإدارية)!
> أما عزالدين كرامة ممثل حركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم – فقد هدد المجلس العسكري (عدييييل) باستخدام ما سماه بـ(الخيارات الصعبة والمكلفة) اذا تم تجاوزهم في التفاوض، وقال إن (قوى الحرية والتغيير لا تمثل الحركات المسلحة)
> هذا عن بعض الحركات المسلحة في الخارج. أما حركات الداخل، فقد انتظم معظمها في جسم تنسيقي يضم أكثر من أربعين حركة تطالب المجلس العسكري بالالتزام بما تعهدت به الدولة السودانية ممثلة بالنظام السابق تجاه تلك الحركات التي انخرطت في السلام وفق التزامات محددة.
> أخي الفريق أول البرهان.. أخي الفريق أول حميدتي ..أرجو أن تقرآ هذا المقال الذي عضدته بأقوال موثقة فهلا التفتم الى المظاليم الذين بلغ صبرهم منتهاه او كاد؟!

المصدر : الطيب مصطفى

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى