ناهد قرناص

متلازمة ما بعد الثورة

ونحن على أعتاب الشهر الكريم ..واحدة من اهم الوصايا التي يذكرنا بها الأطباء ..هي عدم الاسراف في الافطار ..ذلك أن المعدة اذا دخلها طعام دسم بعد طول صيام ..تعبت واتخمت ..وربما اضطر الانسان الى اخراج كل ما دخلها ..وان خف الامر سيصيبه (الحرقان ) ..وتراه يبحث عما يخفف ذلك الشعور السخيف بالم في أعلى المعدة ..ولسان حاله يقول (انا مالي ومال الرز باللبن ..ومالي ومال الحرقان )…حالنا بعد الثورة ..كحال ذلك الصائم الذي وجد نفسه امام مائدة عامرة بما لذ وطاب من اكل وشراب ..وهو الذي كابد الجوع والعطش في حرارة مرتفعة ..كان زاده فيها الايمان والصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين

الانسان السوداني تنسم عبير الحرية ..بعد سنوات عجاف ..واستطاع بعد طول صيام اقصد كبت ..ان يخرج ما في صدره من غبن ..وصرخات كانت في صدره لسنوات خلت ..لذلك كانت هناك ظواهر عنف كانت متوقعه على الاقل من جانبي …واستطيع ان اجد لها الف سبب ..لكن ذلك لا يمنعني من شجبها وادانتها ..وتظل هي الفكرة ذاتها التي شرحنا تحت بندها مقولة (اي كوز ندوسو دوس ) والتي كان الثوار يردودنها في التظاهرات ..

قلنا انها جاءت تعبيرا كردة فعل لعشرات الشعارات التي رفعت في وجه هذا الشعب الصابر طيلة الفترة البائدة ..بدءا من (فلترق كل الدماء ) ومرورا ب(الزارعنا غير الله اليجي يقلعنا ) وليس انتهاء بالتهديدات المباشرة باستدعاء كتائب الظل …ومليشيات النظام المجنبة لساعة الخطر ..انها ساعة انطلاق المارد من القمقم ..والتي لابد ان يصحبها دوي شديد وانفجار أشد ..يملأ السماء بذرات الغبار ..لكن ذلك لن يستمر طويلا ..سرعان ما تنقشع الغمة وتتضح الرؤية ..ويميز الخبيث من الطيب ..وتنطلق القافلة الوطنية الى الامام.

هل يعني هذا انني ادعو الى تقبل العنف الثوري ؟ لا ..انا فقط اتفهم الذي حدث ..لكنني اتشاطر مع الأطباء نصيحتهم حول الحرص في التعاطي مع الطعام بعد طول صيام ..التركيز مع المفاوضات مهم لكن ذلك يجب الا يدعنا ننسى ان الجماهير التي طال صيامها ستتنازل افطارها كيفما اتفق ..ستحاسب (من طرف )..بالامس القريب قرطبة ..ومباراة المريخ والهلال ..ولا ندري اين ومتى ستكون الخطوة التالية .. ..

لذلك نقول لان الامر لن يتم بين يوم وليلة ..لابد من اصدار قرارت تثلج صدور الجماهير المتعطشة للمحاسبة والقصاص ..مثل حظر سفر الرموز ..التحفظ على الممتلكات ومن ثم الشروع في اجراءات المحاسبة والمحاكمات ..من جهة اخرى نقول لقيادات الثوار وممن يمتلكون مقدرة خطابية ..لو استطاعوا عمل ورش توعية في الاعلام ..كل القنوات ..في الاحياء ايضا ..لتهدئة الجماهير وورفع قيم الحرية والعدالة للجميع وان ذلك سيتم بسيادة القانون …اذ لا يحق لأي مواطن اخذ القانون بيده ..لو حدث ذلك لاتخمنا ولجررنا البلاد الى ( عسر هضم) وقد تصاب البلاد ب(تلبك معوي) مما ينتج عنه الفوضى والانزالاق الى منحدر خطر لا قدر الله …لذلك نقول كما يقول أصدقاءنا البنغالة (سوي ..صبر ).

ناهد قرناص
صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى