حوارات

شقيق الشاعر (المختفي) أبوذر الغفاري: نطالب بفتح ملف القضية لمعرفة التفاصيل وتقديم المتورطين إذا تم له مكروه

في بداية سنوات الإنقاذ الغابرة، كانت حكايات الاختفاء القسري، روايات بيوت الأشباح ومناحات الفقد تعم المكان، كانت القصص تتواتر على ناس لم يكونوا يملكون سوى الدموع وتساؤلات الاندهاش بـ(من أين أتى هؤلاء؟)، خلال تلك الأيام المؤلمة بالتحديد بعد أربعة شهور من الانقلاب فجع الوسط الفني بل والسوداني عموماً بنبأ اختفاء الشاعر أبوذر الغفاري، انتظرت أسرته وترقب أصدقائه خروجه أو ظهوره ليحكي التداعيات والتفاصيل لكن مرت الأيام والشهور والسنوات دون جدوى ومازالت عيونهم ضاجة بالشوق والهواجس زين العابدين شقيق (أبوذر الغفاري) زار أمس (الجريدة) مطالباً بفتح ملف أخيه وإذا كان ثمة مذنب يجب تقديمه للمحاكمات العدالة.

ملامح (زين العابدين) وهو يسرد ما دار وما فعلوه طيلة السنوات الفائتة كانت في غاية الحزن ، كان لسان حاله متطابق تماماً مع قصيدته التي صاغها لأخيه قائلاً: (“ثلاثين” سنة وسرك دفين إحترنا مين البكشفو، عايش براك وميت براك وغايب معاك وأنت البراك بتعرفو)، شقيق أبوذر الغفاري أكد على سعيهم في تحريك القضية مجدداً على أمل اتضاح الحقائق.

• ماذا حدث بالضبط وكيف تلقيت الخبر؟
كنت أسكن في الختمية بحري والدتي تسكن بالحاج يوسف ومعها شقيقي أبوذر، في الفترة قبل الاختفاء. أبوذر كان يعمل في صحيفة الأسبوع ورئيس تحريرها (تيتاوي) وأفادني أن شقيقي قد تقدم باستقالته، وسألته: لماذا؟ قال لي رئيس التحرير إنه يريد توجيه الصحيفة لمسار يخدم أجندة حزبية وتقدمنا باستقالاتنا أنا ومعي ثلاثة محررين، في العودة لموضوع تلقي النبأ، في شهر أكتوبر عام 1989م أرسلت لي الوالدة وأخبرتني بأن أبوذر لم يعد للمنزل منذ يومين، سألتها: (مشى وين؟) قالت لي: (في واحد دق ليهو الباب في الحاج يوسف، وجاها راجع وقال ليها في واحد صحبي ماشي معاهو) لم يحدد الوجهة ولا الشخص، وحين خرج كان يحمل (قرطاساً) به أوراق فقط، اتجهت بعد ذلك لفتح بلاغات في الشرطة وكتبت في الجرائد وعممت صورته، لكن كل البلاغات لم تأتِ بأي نتيجة في مسألة ظهوره. لم نكتفِ بذلك، فقد كان يسكن بجوار المنزل الذي يسكنه أبوذر (إبراهيم نايل إيدام) (عضو مجلس الثورة آنذاك)، فذهبت له الوالدة وأخبرته باختفاء أبوذر ووعدها بأن يتحقق من الأمر وأيضاً لم نصل إلى نتيجة، أخي الأكبر محمد عبد الله الحسن يسكن الحاج يوسف وزوجته لها علاقة بوالدة البشير ذهبت وحدثتها عن الاختفاء وأخبرتها بعد ذلك أنها تحدثت إلى البشير بالحادث وأنه أصدر أمراً إذا كان موجوداً في أي سجون بأن يفرج عنه. بنفسي بعد ذلك ذهبت إلى بورتسودان بواسطة ابن عمي الذي كان عميداً في الشرطة وبحثنا في السجون ولم نجده.

• في تلك الفترة هل كان لدى (أبوذر) أي نشاط سياسي معارض؟
كان بعثياً، وكان يذهب للجامعات ويشارك في الفعاليات المختلفة. كان معارضاً لانقلاب الإسلاميين بشدة، وأغنية مصطفى سيد أحمد (في عيونك ضجة الشوق والهواس) تلمح للمعارضة الخفية وأيضاً قصيدته (تراتيل الصحابة) بالإضافة إلى الاستقالة التي تحدث عنها. في حادثة أذكرها أنه حكى عن القبض عليه من قبل جهاز الأمن وكان يحمل شرائط لمصطفى سيد أحمد وتم الإفراج عنه بعد الاستماع إليها.

• إحساسكم كأسرة، كان يذهب إلى أي السيناريوهات؟
كنت أتوقع أنه اعتقل لأن كل الأقوال تؤكد أنه كان هناك بوكس حضر وأقله هو وصديقه.

• من هو هذا الصديق، ألم تتعرفوا عليه؟
لا، هو لم يخبر الوالدة به وقد يكون قد قال لها هذا حتى لا تجزع.

• ألم يأتِ إليكم أي شخص ويخبركم بأي معلومة؟
كانت هناك إرهاصات أو أقاويل كتيرة، مثلاً كان هناك من يأتي ويقول إنه ظهر في مصر أو ظهر في ليبيا، أنا أعتقد شخصياً إذا كان أبوذر موجوداً وحراً لكان سيكتب أشعاراً وستظهر للناس لأنه شاعر بوضعه ولن يسكت، وعندما توفيت والدته نشرنا الخبر عبر الصحف وكذلك والده وإذا كان موجوداً لظهر.

• هل كانت لديه أحلام بالسفر أو الاغتراب؟
لم يصرح لي بنية السفر وأنا كنت قريبا منه جداً.

• هل كان يعاني من مشاكل أسرية؟
المشاكل الأسرية موجوده والدتي انفصلت وكان معها أبوذر، كانت موجودة لكن ليس للدرجة التي تؤثر على حياته وتجعله يغادر.

• كيف كان تفاعل المبدعين والشعراء مع قضية الاختفاء؟
كثير منهم كتبوا، قابلت مصطفى سيد أحمد وكلمته وقلت له إنه غير موجود في الأمن ولا في أقسام الشرطة، قال لي: (في حاجة اسمها بيوت الأشباح أسألوا عنها)، أغلب أصدقائه من المبدعين يرجحون اعتقاله.

• ثلاثون عاماً مضت على الاختفاء، ماذا تطلبون وتتوقعون؟
المتوقع ما دام هذه فترة حرية يجب أن تتكشف الحقائق؟ أنا أرى إذا كان أبوذر موجوداً لكان ظهر وإلا أحد الاثنين: أما ما زال مسجوناً أو اغتيل، الفترة التي اختفى فيها كان يدير جهاز الأمن نافع علي نافع وهي فترة عُرفت بالتصفيات، أنا أطالب المجلس العسكري أو الحكومة القادمة أن تحقق في القضية وتبين التفاصيل وإذا اغتيل يتم أخذ القصاص، في السابق كان الحديث صعباً لكن الآن الوضع اختلف.

• أبوذر هل لديه بطرفكم أي أعمال شعرية أو أدبية لم تُنشر؟
لديه (ديوان) لم يطبع لدى شقيقه الأكبر كان يبحث له عن راعٍ.

حاوره: محمد الأقرع
الخرطوم (جريدة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى