ناهد قرناص

حلاوة تفاوض

لا شئ يثير قلقي اكثر من هذه العبارة (جولة تفاوضية) ..ويزداد معدل القلق اذا صارت تلك الجولة تعقبها كلمة مستمرة ..عنده أعلم ان الشغلانة فيها لف ودوران ..وعلى حد قول المصاروة (دوخينا يا ليمونة ..احنا و اللي خلفونا ) ..الحقيقة ان قلقي له ما يبرره ..ذلك اننا شعب لم نمارس الديمقراطية كثيرا ..ولو نظرنا حولنا لرأينا ان الاجسام التي تنادي بالديمقراطية تفتقر اليها داخل بيوتها ..ألا من رحم ربي ..كذلك لسنا من الشعوب ذات النفس الطويل في لعبة (خد وهات )..واخيرا وليس آخرا لسنا من الذين يجيدون الكلام ..ويستطيعون من خلال تقديم وتاخير الأفعال ..الحصول على المبتغى والمراد محاطا بالابتسامات الدبلوماسية ..

ترقبنا بفارغ الصبر نتائج مفاوضات قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري ..رغم التحفظ الاساسي (المفاوضات على ماذا ؟ والمطلب الأساسي هو تنحي العسكر وتسليم البلاد لحكومة المدنية !!..) ..كان ذلك تحت شعار حفظ الجميل للجيش الذي انحاز لمطلب الشعب وساهم في اسقاط البشير يوم 11 ابريل ..لكن المفاوضات تشعبت وطالت واستطالت حتى قلنا متى الخلاص ؟ ..اليوم بدأ ان هناك بوادر خلاف ظهرت في الأفق عبر اصرار المجلس العسكري على النسبة الأعلى في مجلس السيادة ..ليه يا شباب ؟ ما هي الفكرة في تواجد الجيش في مجلس مدني ؟ ؟؟ كذلك الخلاف حول فتح المجال للقطار وازالة المتاريس ..(هل صارت هذه هي القضية ؟ )

الحقيقة ..فكرت وبصرت كثيرا ..لكني لم اسمع ابدا ..بمجلس سيادي مدني ..نسبة العساكر فيه تفوق نسبة المدنيين ..لكن خاطرة اسفيرية كتبها الناشط المجتمعي (عبد الجليل مبروك ) جعلت لمبة عبقرينو …تصرخ قائلة وجدتها ..وجدتها ..قال عبدالجليل (القصة كلها تكمن في حرب اليمن ) ..الجيش يخشى على القوات السودانية في اليمن ..ونحن كذلك نخشى علي حياة الجنود السودانيين ..مما يعني ان (كلا يغني على ليلاه) ..لذلك الجيش ينمق موقفه ويغلفه ويريد الحفاظ عل النسبة الأعلى لتكون له الكلمة العليا .. ..ولو وضع الامر على طاولة المفاوضات ..وتمت مناقشة نقاط الخلاف حولها .. وحكى كل فريق رؤيته حول الوضع الراهن ..(كدا بالواضح ما بالدس) ربما توصلنا الى حل توافقي ..او على الأقل حل وسط يحدد مدة زمنية لانسحاب الجيش السوداني وعودته للوطن .

نقولها للمرة الألف ..ولن نمل من تردادها ..الشباب المعتصمين حول القيادة ..لهم حيوات ..وجامعات وبيوت آمنة ..ولا تعجبهم الحياة في الشارع ..وليسوا من محبي المبيت على الأرض ..الذي اخرجهم لا يمكن ان يكون الاحتفال في شارع القيادة ..ولا التجمع لسماع اغاني الفنانين ..اخرجتهم مطالب الحرية والعدالة ..والتي من اجلها مات شباب كان يحلم بمستقبل زاهي ..وغد مشرق ..لم يموتوا لكي يستبدل حكم عسكري بآخر ..ولا ديكتاتورية بأخرى ..ماتوا من اجل حرية تسع الجميع ..وسلام يعم الأرجاء ..وعدالة تنصف الكل ..لذلك نقول للجيش (خليك واضح يا جميل ) اطرح رؤيتك حول موقف القوات في اليمن واستمع لرؤية الجانب الآخر ..واكيد ستكون هناك نقطة اتفاق ..وبعد ذلك عد يا جيشنا الى الثكنات مع خالص الاحترام والتقدير ..اما نحن في الاعتصام ف( لا كملت حكاوينا ..ولا لقينا البداوينا ) ولذلك وحتى اشعار آخر ..لا نزال (صاااابنها).

ناهد قرناص
صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى