الطاهر ساتي

و الشرطة أيضاُ ..!!

:: غياب الشرطة عن موقع العمل يعني غياب الأمن في المجتمع، ويعني الفوضى و العبث و قانون الغابة.. ومع ذلك ليس من الخطأ أن تطالب الشرطة بحقوقها في إطار الدستور والقانون، وليس من الخطأ أن يُعبًر الشرطي عن التظلم بكل وسائل التعبير المشروعة، بما فيها الإعتصام والإضراب عن العمل .. وشهدت البلاد يوم أمس إضراب الشرطة من رتبة نقيب وما دون، وتأثرت حركة المرور بالإرتباك وبعض مواقع الخدمات بالزحام ..!!

:: فالنظام البائد كان قد لوُث الشرطة بالحزبية والمحسوبية والمحاباة وغيرها من الموبقات، وهم اليوم يطالبون المجلس العسكري بتنقية مؤسسة الشرطة من موبقات النظام المخلوع .. ويطالبون أيضاُ بمحاسبة من تورطوا بفتح مخازن الشرطة وتوزيع زيها الرسمي وعرباتها لكتائب الظل التي قتلت وعذبت الثوار وإنتهكت خصوصيات الأسر بالإقتحام والتفتيش .. ثم يطالبون باصلاح الشرطة كجهاز قومي مهني يخدم ويحمي الوطن والمواطن، وليس الحزب والساسة ..!!

:: فالمطالب مشروعة، و نأمل أن يُسارع المجلس العسكري في تنفيذها، بحيث تحظى البلاد بشرطة أكثر رسوخا مما هي عليها الآن .. والشاهد، منذ بداية الثورة، كما مر بها الثوار وأسرهم، فالشرطة أيضاُ مرت بكل لحظات الثورة العصيبة .. وكما حزنت البلاد بفقد بعض شبابها، فقد حزنت البلاد أيضاُ لاحتساب الشرطة بعض أفرادها .. وفي خضم الثورة، كتبت زاوية تحت عنوان (ليس عدواً)، بحيث خاطبت فيها الشباب بالنص: (الشرطة ليست عدواً للمواطن، أو كما يسعى البعض لترسيخ هذا الخطل في المجتمع)..!!

:: فالشرطة بعض من أبناء الشعب .. أفرادها يُعانون من ضنك الحياة ورهقها كما يعاني المواطن، وكذلك يحلمون بغد سعيد لوطنهم وأنجالهم كما يحلم المواطن.. ومهما كانت وطأة الظروف الراهنة وقسوتها في الشوارع والأسواق، إذ ليس من الحكمة أن يتخذ المواطن الشرطة عدواً.. فالعدو كان نهجاً قبيحاُ، وقد بدأ في الإنهيار ثم التلاشي باذن الله.. وكثيرة هي الوقائع، ومنها ما يحدث حالياً من غضب مشروع واعتصام واضراب لرتية نقيب ومادون وكلها وقائع ونماذج تؤكد أن الشرطي – كان ولا يزال وسيظل – أحد ضحايا (واقع الحال)..!!

:: وكما المواطن، فالشرطي أيضاً دفع ثمن أخطاء وجرائم و كبائر النظام المخلوع .. وعلينا تعليم أطفالنا، وتذكير شبابنا، بأن الشرطي أحد أبناء المجتمع، وسيظل متحلياً بقيم وصفات مجتمعه، ويتقاسم معه السراء والضراء .. وما يجب أن يعرفه أطفالنا وشبابنا هو أن الشرطة لم تفرض هذا الوضع السياسي السابق على الناس والبلد، وكذلك لم تضع الشرطة (قوانين الانقاذ)، وليس من العدل أن تتحمل مسؤولية وسخ النظام المخلوع – سباً ولعناً وجرحاً وموتاً – إنابة عن أنذال الحزب الذي كان حاكماُ..!!

:: ومن الظلم أن نهدم الشرطة أو نضعفها بالإعلام السلبي .. وليس فقط في أشهر الثورة وما فيها من مشاهد الدم والدموع، بل في كل الأحداث التي كانت ضحيتها الشرطي أو مواطن، فإن كلاهما دفع ثمن السياسات الخاطئة وجرائم الساسيين .. نعم، لا أحد غير المسمى بالمسؤول السياسي يفسد الود بين الشرطي والمواطن، فانتبهوا بحيث تكون قوانين المرحلة القادمة مثالية، ليبقى الود والتقدير بين الشرطي والمواطن، وحتى لا يتفاجأ المواطن بوطن – كما الغابة – البقاء فيه لذوي الأنياب فقط لاغير ..!!

الطاهر ساتي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى