ناهد قرناص

القطار دور حديدو

مشهد عبور قطار عطبرة لكوبري النيل الازرق وهو يحمل في داخله وعلى ظهره الألاف من الثوار ..والملايين من الثوار يستقبلونه بالدموع والأعلام والاهازيج ..شكل علامة فارقة في عمر الثورة السودانية التي أتت نسيج وحدها ولا تشابه غيرها من الثورات ..لحظات توقف فيها الزمن ..وطفق يتامل تلك السحنات السمراء التي سجلت تاريخها باحرف من نور.

عندما عبر قطار عطبرة كوبري النيل الأزرق بعد طول غياب (ففي السنوات الاخيرة كان يتوقف في محطة بحري ولا يعبر النيل) لم يكن يحمل ثوار ام المدائن فقط ..لكنه بعبوره النيل الأزرق حمل رسالة ضمنية فحواها ..ان الثورة لا تحدها حدود ..وانه قد آن لهذا النظام ان يرحل بكل رموزه ..وكل تفاصيله ..وحان وقت الجد ..وقت الكشف عن ملفات الفساد بمؤسسة السكة حديد ..وآن للقطار ان يتساءل ..من كان وراء انهيار اطول سكك حديدية في أفريقيا ؟ ومن هو المستفيد من تراجع التعامل بالقطار ولصالح من تم استبدال القطار بالشاحنات لنقل البضائع رغم ان القطار هو الأقل تكلفة والاكثر امنا ؟ ولماذا تقلصت أعداد القاطرات في ورش عطبرة ولصالح من تم بيعها ؟

النظام السابق لم يدخر وسعا في تحطيم السكه حديد عندما أعمل معول التمكين بين عماله وموظفيه ..وسلط علي رقابهم سيف الصالح العام فاخرج منهم الالاف في يوم واحد الى الشارع ..دون ان يطرف له جفن ..لم يتردد النظام السابق في الاستغناء عن خدمات عشرات المئات من عمال وموظفي اهم مؤسسة في بلاده ..واخذته العزة بالاثم ولم يتراجع عن قراره الذي كان القشة التي قصمت ظهر السكة حديد ..ومن ثم توالت عليها المحن ..من بيع للأصول ..واحلال للكفاءات واستبدالهم بأصحاب الولاء ..ومن ثم تقليص لدور السكك الحديدة ..حتى توقفت أغلب الخطوط ..وتوقفت أغلب القطارات وانتهى الامر بالسكة حديد لتسيير قطار لعطبرة وقطار لمدني ..وهي التي كانت صافرات قطاراتها لاتتوقف على مدار اليوم.

عطبرة التي خرجت عن بكرة أبيها منافحة للظلم ..ورافضة لحياة الذل ..وعمال السكة حديد الذين اعتصموا امام رئاسة السكة حديد بعطبرة مطالبين بتسيير القطار ..و(صبوها ) هناك حتى تم لهم ما أرادو ..ركبوا على متن القطار من اجل قضية الحرية والكرامة ..قائلين انه ما ضاع حق وراءه مطالب ..وحضورهم في ذلك اليوم ابكى الجميع وتصدر مانشيتات الصحف المحلية والعالمية ..

ونقلته الفضائيات في جميع انحاء المعمورة ..عطبرة بعد نجاح الثورة ..مثل غيرها من مدن السودان التي نالها التهميش ..واتى عليها التريف ينقصها من أطرافها ..وقضى الفساد على البقية الباقية منها ..عطبرة تنتظر منا الانصاف ..وان نعيدها سيرتها الاولى ..منارة شامخة ..حتى ذلك الحين تقبلي تحياتي يا ام المدائن ..مدينة الحديد والنار ..ومحطة الوطن الكبير …… ووو (باكر بجيك قاطع مسافات العشم )

ناهد قرناص
صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى