تحقيقات وتقارير

حلفاء الإنقاذ.. البحث عن موطئ قدم

جَولات مُفاوضات ماراثونية بين القوى السِّياسيَّة المُوقّعة على إعلان الحُرية والتّغيير والمجلس العسكري، شَهدتها السَّاحة السِّياسيَّة، كانت المحصلة النهائية لمخرجات هذه الجولات هي الوصول الى طريقٍ مسدودٍ بعد إصرار المجلس العسكري بضرورة إشراك جميع القوى السِّياسيَّة، بما فيها تلك التي كانت مُشاركة في الحكومة السابقة من قوى الحوار الوطني وغيرها من القوى في التفاوض، يرى تجمُّع المهنيين ضرورة عدم مُشاركة قيادات قوى التغيير الوطنية مثل د. غازي صلاح الدين، الذي كان جُزءاً من حكومة الإنقاذ بقيادة الرئيس الأسبق (عمر البشير)، كما يعتقد قادة قوى الحرية والتغيير، أنّ المجلس العسكري ما زال مُصرِّاً على بعض مُنتسبي السُّلطة السابقة وإشراكهم في التفاوض حول ترتيبات المرحلة الانتقالية، فيما أصدرت قوى الحرية والتغيير، بياناً أشارت فيه إلى أنّ المجلس العسكري يُحاول فرض توافق ناعم معها في تشكيل السُّلطة المدنية عبر تشكيل لجنة تنسيقية تعيد ما أسماه البيان بـ(هزل) مسرحية الحوار الوطني للنظام السابق، واتّهم بيان قوى الحرية والتغيير، المجلس العسكري بالمُساومة من أجل استمرار النظام القديم بعقد مُشاورات ولقاءات جرت بين رئيس اللجنة السياسية للمجلس العسكري عمر زين العابدين وشخصيات وقيادات في النظام السابق، أبرزها مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد وأحزاب الحوار الوطني.

 

تجاذُب سياسي

في ظل هذا التجاذُب بين (العسكري) و(الحرية والتغيير)، تطل أسئلة عديدة واستفهامات لسطح الساحة السياسية، على شاكلة لماذا تسارع هذه القوى وتعجِّل بلقاء المجلس العسكري؟ وهل ظهور هذه القيادات في الساحة السياسية وما قدموه من رؤى ستجد القبول؟ وهل يمثل ما قدمته تلك القوى من رؤى طَوق نجاة للشعب السوداني الذي يُهدِّده الطوفان من كُلِّ صوبٍ؟ وإلى أيِّ مَدَىً مقبولية قادة قوى الحرية والتّغيير من قبل الثُّوّار المُعتصمين، حيث أشار بعضهم إلى أنّهم يُحاولون إنتاج أنفسهم وأحزابهم بصورةٍ أخرى ليجدوا موقعاً في التشكيل السياسي القادم؟ وما هي تداعيات الموقف ونقاط الخلاف بين القُوى المُختلفة التي تتسع كل يوم بظهور بعض الأسماء التي تُشكِّك فيها قُوى الحرية والتغيير.. وهو أمرٌ يخشى المُراقبون أن يكون عاملاً آخر من عوامل تطاوُل الأزمة الجارية اليوم.

 

عدم المُشاركة

في تحليله للمشهد الراهن، يقول المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية بروفيسور صلاح الدين الدومة، إنّ الذي يُريد مُعالجة المرض لا يزيده جرحاً، مُشيراً إلى أنّ المرض في وجود أحزاب التوالي وأحزاب الحوار الوطني، وفي وجود القيادات السابقة في الحكومة، داعياً عبر (الصيحة) إلى إبعاد هؤلاء وعدم إشراكهم في الحكومة القَادمة.

 

تدوير فشل

لكنّ الكاتب الصحفي عمار سليمان يرى في حديثه لـ(الصيحة)، أنّه طالما هدف الثورة النهائي هو إقامة دولة المُؤسّسات وهو العنوان الأبرز في بيان رئيس المجلس العسكري الانتقالي، فإنّ الخلاف في الطريق يجب أن يقطع الطريق على تحقيق الغايات، مُبيِّنَاً أنّه ليس منطقياً ولا مُبرّراً أن يتفاوض المجلس العسكري الانتقالي مع قُوى سياسية كانت تصطف إلى جانب الرئيس (المخلوع) حتى قبيل وبعد الإطاحة به، وشاركت ولو بالسكوت على كل الجرائم التي اُرتكبت بحق المُتظاهرين، وقال سليمان إنّ الحديث عن تجاوُز (الإقصاء) يتطلّب وجود المؤتمر الوطني نفسه، مُشيراً إلى أنه طالما التغيير قُصد به الإقصاء، فإنّ ذلك يتطلّب إبعاد كل المُشاركين في الحكومة قبل (خلع الرئيس)، مضيفاً بأنّ أي تغيير يتعذّر استكماله إن لم تتم إعادة تشكيل المشهد السياسي على أساس الثورة بدلا ًمن حوار البشير، مُبيِّنَاً أن خطوات المجلس أثارت الشكوك ولم تكن في تقدير كثيرٍ من المُتابعين مُوفّقة، خَاصّةً في ظل احتقان الشارع، مُشيراً إلى جلوس المجلس العسكري مع أحزاب الحكومة، مُؤكِّداً أنّ أغلب السِّياسيين الآن يُنادون بإبعاد المُحاصصة في الفترة الانتقالية، الأمر الذي يجعل من اتّفاقهم مُمكناً إن استطاع المجلس إخماد نيران الشك من دواخل طلاب التغيير، حيث تسود في الشارع هواجس مُحاولات إعادة النظام، مُؤكِّداً (سُقُوط) المؤتمر الوطني، إلا أنّ حلفاءه من (الأحزاب) التي شاركته طيلة العُقُود الثلاثة تُحاول إعادة تدوير فشلها السابق.

 

قيادات جهوية

بدوره، يرى المُحلِّل السِّياسي بروفيسور عبد اللطيف البوني، أن القيادات التي تَمّ لقاؤها مع المجلس العسكري أمثال مساعد رئيس الجمهورية للرئيس الأسبق عمر البشير، هي قيادات رمزية جهوية أكثر من أنّها سياسية، فهم أصحاب قضية وولاؤهم للسُّودان ولقضيتهم أكثر من ولائهم للمؤتمر الوطني، وأبان البوني في حديثه لـ(الصيحة) أنّ المُواطن ينظر إليهم باعتبارهم يمثلون جهةً مُعيّنةً، مُشيراً إلى أنّهم حاربوا الوطني ثم تحالفوا معه من أجل قضيتهم، مُطالباً بالاستماع إليهم، وأن الأحزاب التي شاركت الإنقاذ الحكم، عليها الانتظار حتى قيام الانتخابات بعد الفترة الانتقالية، مُبَيِّناً أنّ تلك الأحزاب أخذت نصيبها في المُشاركة في الحكومة السَّابقة، مُشيراً إلى أنّ حزب البجا حزب قديمٌ نشأ منذ ستينات القرن المَاضي، وأنه تحالف مع الحكومة من أجل قضية مُعيّنة.

 

تقرير : آمال الفحل
(صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى