تحقيقات وتقارير

(حميدتي) مع قادة سلاح المُدرّعات.. أكثر من رسالة

 

هناك ما يستدعي التوقُّف عنده في الحديث الذي أدلى به نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن محمد حمدان دقلو، الذي دعا فيه لتشكيل حكومة تكنوقراط، بجانب قوله إنهم لن يقبلوا بتصفية الحسابات، لأنهم يحتكمون إلى دولة القانون.. وعلى الرغم أنّ الحديث جاء في خاتمة خطابه أمام ضباط سلاح المُدرِّعات، إلا أنّه يُعتبر مفتاحاً لكل ما يطرحه المجلس العسكري من قضايا، وما يحمله من رسائل تجاه القضايا السياسية، ويرى عَدَدٌ من المُراقبين أنّ نائب رئيس المجلس ربما أراد أن ينقل رغبة المجلس بأنّ الحكومة الانتقالية المُقبلة من الأفضل والأوفق أن تتشكّل من التكنوقراط، وقالوا إنّ المجلس العسكري وضع لنفسه سياسة واضحة تجاه التعامل مع القوى السياسية.

حساب توفير

حسناً.. لقد بدأ حميدتي حديثه أمام الضباط بتطمينات حول ما يقوم به المجلس في مُحاربة الفساد، وأنهم جادون في ذلك، وأشار إلى شركات كبرى ومبالغ ضخمة بالعُملتين المحلية والأجنبية ستؤول إلى الدولة، وكشف عن قيام المجلس بفتح حسابات في بنك السودان (حساب توفير)، وقال: (أي قروش تجي من برّه تمشي لبنك السودان ووزارة المالية ما في زول في المجلس بيستلم ليهو قرش)، وزاد: (اكتشفنا إنو القروش دي زمان ما بتنزل).

بَرّ الأمان

ورد حميدتي على المُشكِّكين في استلام المجلس للسلطة وبأنها مسرحية، قائلاً: (نحن ما بنغش، وما عندنا مسرحية، وما عندنا وقت عشان نعمل مسرحية، نحن دايرين البلد تمرق لي بر الأمان).. وشدد على أن مُهمّتهم حماية السودان، وقال: (صحيح في تجاوزات ومُخالفات كبيرة وفي حاجات غير أخلاقية).

تصفية حسابات

ويرى بعض المُحلِّلين أنه حتى لا يكون الجيش على مفترق طرق ويصبح جبهة واحدة مُتماسكة كقوات نظامية، كان لا بُدّ من إجراءات تُعزِّز ذلك في الوحدات المختلفة، ولَعلّ كل وحدات القوات المسلحة هي مهمة، ولكن ابتدر نائب رئيس المجلس لقاءه بسلاح المُدرّعات لرمزيتها التاريخية في مثل هذه الأحداث، بيد أنّ المُختص في الشؤون العسكرية د. أبو بكر آدم يرى في حديثه لـ(الصيحة) بأنّه اختيار مُهمٌ جداً في إطار سلامة وأمن المواطن، واعتبر حديث حميدتي عن حكومة تكنوقراط موفقاً فيه لحدٍّ كبيرٍ، لجهة أن التكنوقراط يمكنهم انتشال البلاد والساحة من حالة الاحتقان بين القوى السياسية وقُوى التغيير.

قطع الطريق

ويبدو أن المجلس شعر بأنّ هنالك قوىً سياسيةً تريد تصفية حسابات مع قوى أخرى عبر المجلس، وبحسب آدم أنهم لن يقبلوا بذلك، وأوضح أن حديث حميدتي صحيحٌ، لذلك أراد قطع الطريق أمام أيِّ مُمارسات بين القوى السياسية حتى لا تصل لدرجة تصفية الحسابات، ورأى أن الحديث عن الأموال التي ضُبطت في أماكن مختلفة، دلالتها أن هنالك فساداً، ورغم الإجراءات التي اُتّخذت إلا أنّ الفيصل في ذلك القضاء.

إشارة تطمينية

وقال آدم إنّ إشارة حميدتي أنه لا يتطلّع إلى منصب الرئيس، وإنما فقط قيادته للدعم السريع، هي إشارة تطمينية للقوى السياسية الثائرة وللحراك، بأنهم زاهدون في المشاركة بالحكومة، وأنّ الحكومة ستكون مدنية، فقط يحتفظ الجيش فيها بوزارتي الدفاع والداخلية.

رأي عامٌ

وامتدح الأكاديمي والمُحلِّل السياسي د. معتصم أحمد الحاج، حديث حميدتي وقال: ليست فيه أجندة خفية، وإنما هو رأي واضحٌ وصريحٌ بأنه مع الشارع والثورة، بيد أنه قال إنه يريد إرسال رسائل لأطراف أخرى تُريد أن تناور، في مُحاولة منها لإجهاض الحراك وبثّ الاتّهامات بوجود من هُم كانوا جُزءاً من النظام السابق، وكان يفترض أن يكونوا في ساحات العدالة بدلاً من ساحات السياسة، وأكّد لـ (الصيحة) أنّ حميدتي كان صادقاً في حديثه، خاصّةً وأنّ مثل هذه الأماكن تكسبه قاعدةً، ويخلق رأياً عاماً وسط الجيش، وأشار إلى رمزية حميدتي باعتبار أنه صاحب أكبر انتشار للقوات في العاصمة.

انطباعٌ جيِّدٌ

ورسم معتصم، صورة إيجابية عن قوات الدعم السريع، وقال إنّ قُوّات الدّعم السَّريع عرفها أهل الخرطوم على حقيقتها كما قال حميدتي من قبل، مُضيفَاً أنّ هُنالك انطباعاً مُختلفاً في الوقت الراهن ، وقال: (هذا الشخص لا يُناور، وصادقٌ في مواقفه)، ورأى أنه مُتسامحٌ مع المُتظاهرين، ويرفض فضّهم بالقوة لعبور المرحلة المُقبلة.

تقرير : صلاح مختار

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى