حوارات

رئيس الجبهة الوطنية العريضة علي محمود حسنين : “لم أكن متفائلاً حينما دقت المزيكا و الدعم السريع تم تقنينها”

إثر غياب دام نحو عشر سنوات أمضاها في الخارج، عاد إلى البلاد القطب الاتحادي المعروف ورئيس الجبهة الوطنية العريضة والقانوني الضليع علي محمود حسنين الأسبوع الماضي، وهو ممارس للسياسة والمحاماة، لأكثر من 60 عاماً. عاد وفي كنانته الكثير والمثير من السهام التي سددها يمنة ويسرى في جرأة يُحسد عليها، بدءاً من تكييفه لموقع المجلس العسكري في مرحلة الحكم الانتقالي، وموقفه من قوى الحوار الوطني والأحزاب الاتحادية التي شاركت النظام السابق، ومحاكمتها جنائياً وسياسياً، فضلاً عن الحركات المسلحة وعودتها للبلاد، ورؤيته تجاه محاكمة الرئيس المعزول، كما قدم أطروحة كاملة عن نظام الحكم، بجانب دستور انتقالي يمهد لنظيره الدائم، ولم يبدُ حسنين في حواره مع (الانتباهة) متسامحاً قط، بل كان أقرب لإعمال سيف القانون دون هوادة. فإلى الحوار:

< بداية حسنين حمداً لله على سلامة العودة إلى البلاد؟ >

الله يسلمك ويبارك فيك
< هل تحقق حلمكم بإسقاط النظام؟

بدأت بشائر النصر، وسيتحقق الحلم عندما تتم تصفية نظام الإنقاذ كله، ومحاسبة ومحاكمة كل من أجرم في حق البلد، وكل الفاسدين، وبعد جمع السلاح من مليشيات (الوطني)، عندما يحدث كل ذلك، وتؤول السلطة إلى حكومة مدنية ديمقراطية، تحقق أهداف الثورة، عندها أقول إن النصر تحقق بالكامل. أما الآن فنحن على أبواب النصر.

< كيف تابعتم أحداث الثورة منذ 19 ديسمبر إلى السادس من أبريل؟

تابعتها منذ حراك عطبرة 19 ديسمبر، وشعرت أنها بداية ثورة حقيقية، لأن ما حدث في عطبرة لم تكن مظاهرات كتلك التي كانت تنطلق في المدن من وقت لآخر، وإنما هي ثورة عارمة شاملة حرقت فيها دار المؤتمر الوطني وجهاز الأمن، واحتل الثوار مدينة عطبرة، عندها أيقنت أن هذه ثورة حقيقية، وبسرعة كبيرة انتقلت لمدن القضارف وبورتسودان ومدني ثم العاصمة الخرطوم، فأيقنت أن الثورة السودانية قد امتدت، وأن هذا بركان قد انفجر، وأن غضب ثلاثين سنة قد انفجر، وأيقنت أنها لحظة غضبة الحليم، وقد غضب حليمنا بعد 30 سنة من الصبر المُر وانفجر، كل تلك كانت مؤشرات بأنها هي الثورة التي تطيح بنظام الإنقاذ.

< ما الذي دار بمخيلتك عندما (دقت المزيكا) معلنة بأن للجيش بيان مهم فترقبوه؟

لم أكن متفائلاً كثيراً.. لأني أعلم أن الجيش يمثل قيادة عليا موالية على الدوام للنظام، وكانوا أعضاء في المؤتمر الوطني، وفي تعليقهم على المظاهرات وصف الفريق عوض ابن عوف والفريق أول كمال عبد المعروف الشباب بأنهم شذاذ آفاق وأنهم خونة ومندسون، وأننا ملتزمون بتأييد القائد الأعلى للقوات المسلحة.

< إذاً.. لم يكن توقعك صائباً..؟

كنت أتوقع بأن بيان عوض بن عوف من ورائه غضبة، فقد كنت في مقابلة تلفزيونية في لندن، وعندما أعلن البيان أوقفت المقابلة وعندما انتهى البيان، أدنت ابن عوف وبيانه، فهو متناقض، لأنه قال إنه أصدر البيان بوصفه وزيراً للدفاع، وأنه حل الحكومة وبالتالي حل منصبه تلقائياً، فكيف يتحدث بصفته وزير دفاع، مما يدل على أنه لا يوجد تفكير منهجي لابن عوف.

< ثم جاء بيان التنحي؟

كان بياناً غريباً، أعلن فيه استقالته وتعيين الفريق عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس العسكري، كيف يعين البرهان، كنت أتمنى لو أن البرهان قام بقوة من الجيش وعزل ابن عوف، لقلنا إنها هي الثورة الحقيقية التي يريدها الشعب السوداني، فكيف يعين ابن عوف رئيساً للمجلس والشعب قد رفضه مما اضطره للتنحي.

< ألا تثق في الفريق البرهان؟

أنا لا أتحدث عن ثقة شخصية، فهم ليسوا أصدقاء أو زملاء دفعة، فأداء القائد هو الذي يحدد الموقف منه، فأنا رجل قانون مارست المهنة لأكثر من 60 عاماً، وأقول كيف يعين ابن عوف البرهان رئيساً للمجلس العسكري، فلو جاء البرهان وقال أنا عزلت ابن عوف فهذا يتماشى مع المنطق.

< وما الإشكال في استقالة ابن عوف وتعيين البرهان؟

خلل، وعدم معرفة بالجوانب القانونية والدستورية، والأمر الواقع الآن أن البرهان أصبح رئيساً للمجلس العسكري.

< ما رأيك في هذا الواقع؟

إذاً.. هذا الأمر انحياز للانتفاضة والثورة فهو قطعاً أمر مرحباً به. هم قالوا إنهم جاءوا استجابة للشارع ونرحب بهذا، لكن المطلوب من المجلس العسكري أن يقوم بأوامر دستورية سريعة تؤدي إلى حل المؤتمر الوطني، والبرهان قال كلاماً جميلاً. قال (نحن جئنا لاجتثاث نظام ومكونات ورموز الإنقاذ)، هذا يثير البهجة، ومكونات النظام هي المؤتمر الوطني وهي أكبر من الحل، الحل إجراء قانوني وهو قال اجتثاث.

< ألا ترى أن فعل الاجتثاث عمل إقصائي عنيف؟

أنا سعيد بكلام البرهان، فقد قال اجتثاث مكونات ورموز النظام، فالمكونات التي عليه أن يجتثها وفق بيانه، هو المؤتمر الوطني، والأمن الشعبي، والشرطة الشعبية والدفاع الشعبي، فهي ليست مؤسسات دولة، وإنما مؤسسات عقائدية كونها النظام لحماية نفسه في مواجهة خصومه وهم الشعب.

< صدر الأمر في ما يتعلق بالدفاع الشعبي والشرطة الشعبية؟

> صدر القرار لاحقاً بضم الدفاع الشعبي للجيش والشرطة الشعبية للشرطة، وأعتقد أن هذا القرار خاطئ، لأنها مليشيات، فكيف تضمها لقوات نظامية منضبطة كالقوات المسلحة، وكيف تضم الشرطة الشعبية للشرطة؟، فالشرطة الشعبية تشمل المحامي والخضرجي والتاجر والمعلم والعامل .

< قوات “الدعم السريع” وصفت بالمليشيات ومع ذلك تم تنظيمها وألحقت بالقوات المسلحة؟

لنتحدث عن كل نقطة بصورة منفصلة لتتضح الرؤية، عندما أتكلم عن الشرطة الشعبية، فأنا لا أتحدث عن أناس تخرجوا من كلية الشرطة وتدربوا وصاروا شرطة، إنما عن تجار أو محامين أو مدرسين أو عمال في البيت انتسبوا للشرطة الشعبية والدفاع الشعبي والأمن الشعبي، هؤلاء جواسيس منتشرون في الساحة، وتعليماتهم تأتي من المؤتمر الوطني.

< هل تدعو لتسريح الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية؟

> أولاً يتم حلهم والاستيلاء على سلاحهم، ومحاسبة مرتكبي الجرائم منهم وهذه كلها مكونات النظام وليس الدولة، وهناك أيضاً الأمن الطلابي التابع للوطني الذي يقدم لهم السلاح والمال لقتل الطلاب في الجامعات والمتظاهرين، وهؤلاء ينطبق عليهم كلام برهان في الاجتثاث، وهناك كتائب الظل، فالاجتثاث يبدأ بحل الوطني والدفاع الشعبي والشرطة الشعبية والأمن الشعبي والأمن الطالبي وكتائب الظل هذه كلها مكونات النظام، وبذا يتم اجتثاث النظام، وتحدث برهان عن اجتثاث الرموز اي الأشخاص، وما حدث أنهم اعتقلوا عدداً من الرموز وهذا مطلوب ومشكورين عليه، ولكن هناك ما لا يقل عن سبعة إلى عشرة آلاف من رموز النظام منتشرين في البلد، منهم قيادات الوطني نفسه، فهناك الأمن الشعبي والطالبي والعمالي وغيره، وزعماء الوطني في الولايات، بالإضافة للفاسدين ولا يقلون عن سبعة إلى عشرة آلاف فرد، نهبوا أموال البلد. نحن نريد اجتثاث نظام فاسد ومجرم، ولذا لا يمكن أن يحدث ذلك بمجرد استبدال البشير بالمجلس العسكري، فالبشير رمز من رموز الفساد والإجرام.

< ولكن المجلس العسكري لا يزال في بداياته ولم يكمل أسبوعين بعد..؟

هذه إجراءات، عندما نفذ البشير انقلابه حل الأحزاب كلها والنقابات وقبضنا نحن السياسيون جميعاً من أول يوم ووضعنا في الزنازين، وتم التحفظ على الأموال، كل ذلك تم بعد ساعتين من إعلان الانقلاب بالجمعة، فلماذا لم يفعل المجلس العسكري هذا واليوم (السبت الماضي ) مرت تسعة أيام على بيان برهان، ونميري في أول بيان قبض على الزعيم الأزهري بالدبابة ووضعه في السجن وحل جميع الأحزاب والنقابات وسجن رموز الأحزاب.

< قوات “الدعم السريع” وصفت أيضاً بالمليشيات فدُربت وأُلحقت بالجيش..؟

قوات “الدعم السريع” حدث لها تقنين ،ولها دور إيجابي فيما يحدث الان، ولها وضع معين جعلها مقبولة للشعب، وهي التي تسيطر على الأمن العام في العاصمة الآن، وحدث لها تقنين ورتب وحميدتي صار فريق أول..

< ماذا تقول عن الشباب الذي أسقط الإنقاذ؟

شباب شجاع قوي ذو تصميم وعزيمة وإرادة وذو إبداع.

< إذاً كيف يشارك هذا الشباب في حكومة ثورته؟

المشاركة في الحكم لا تعني أن تكون وزيراً أو حاكماً، بل تعني المساهمة في خلق البرنامج البديل والرؤى التي تسند النظام الديمقراطي، فلا يمكن لسبعة ملايين من الشباب المشاركة في الحكم ،ولكن الحكم يتم عبر شريحة مختارة يرضى عنها الشباب، والنساء أيضاً ،فالمرأة السودانية أثبتت إنها أعظم وأشجع وأفهم امرأة ليس على مستوى العالمين العربي والافريقي فقط إنما في الكون كله.

< ماهي أولويات المرحلة الراهنة؟

تصفية نظام الانقاذ محاسبة ومحاكمة ،واسترداد الأموال المنهوبة كلها داخلياً وخارجياً، واقامة العدل الحازم كاملاً لكل مظلوم وبالقانون دون انتقام او تشفي ،فالعدل لا يعني التسامح أو الميوعة ، ووضع سياسات سريعة وعاجلة لتطوير الاقتصاد، فنحن بلد ثري جداً، وعندما نصدّر للقيادة كل أمين ومخلص ، سيسترد الاقتصاد عافيته خلال شهور، وبدلاً من أن نكون دولة متسولة نكون دولة مانحة ومعطية.

< إذاً ما رؤيتكم لآلية الحكم عبر الفترة الانتقالية؟

لابد من وجود مجلس رئاسي، يتكون من رئيس ونائب رئيس من أقاليم السودان الستة، وعلى أن يكون هناك نظام فيدرالي من هذه الأقاليم الستة، وكل اقليم يحكم نفسه بالطريقة التي تريد ،وينشئ المؤسسات بالطريقة التي يريد، وتكون مسؤولة أمام الاقليم وليس المركز ،ونواب الرئيس من الاقليم ، كل نائب يكون مسؤولاً عن أحد القطاعات الستة ومنها أمن وخدمات واقتصاد وغيرها ويعاونه وزراء ، عندما يلتقي هؤلاء النواب الستة بقطاعاتهم ووزرائهم يشكلون مجلس الوزراء القومي الذي يرأسه رئيس الجمهورية أي المجلس الانتقالي .

< عضوية هذا المجلس من المدنيين أم من الجيش؟

رأيي الشخصي ان تكون كل عضويته من المدنيين، ولكن هناك رأي أن يكون تمثيل للقوات المسلحة بالتسوية.

< إذاً أين يذهب المجلس العسكري إذا كانت عضوية المجلس جلها من المدنيين؟

عساكر في الجيش.

< بمعنى أن دوره قد انتهى؟

> انتهى دوره كحكم، ولكن لم ينتهِ دوره كقوة حافظة للأمن ومنفذة للقانون في إطار القوات المسلحة، هل صنعة الجيش أن يحكم أم حفظ الأمن، طبعاً حفظ الأمن ،وهذا موجود، هل من مقررات الجيش لأداء مهامه أنه لابد أن يكون حاكماً.

< هل تتوقع أن يقبل المجلس العسكري بطرح كهذا؟

لماذا لا يقبل، فنحن نتكلم بلغة الشارع والشعب، الذي أسقط عمر البشير، هل أسقطه ابن عوف مثلاً.

< هل رفض الشعب المجلس العسكري؟

هذا رأي، وللشباب المعتصمين أن يقولوا رأيهم ما إذا كانوا يريدون المجلس العسكري أم لا، وفي رأيي أنهم لا يريدون مجلساً عسكرياً، وأنا أفتكر أن المجلس الرئاسي مدني وهذه أهداف الثورة ولكن لو رأوا أن يكون للجيش تمثيل فيه يأتي عن طريق التسوية والتراضي، وليس عن طريق الموقف المبدئي..

< وماذا عن التشريع؟

بواسطة برلمان مستقل

< كيف يتم تشكيله؟
عبر الاعتصام ،لأنه برلمان الثورة ،وهو الذي يشرع، ويقول نريد برلماناً من 120 عضواً ، وتوضع الخطة لكيفية تعيينهم..

< ما رأيك في آلية إعلان قوى الحرية والتغيير؟

أي آلية..

< مجلس رئاسي مدني فيه ممثلان اثنان للمجلس العسكري وبرلمان ومجلس وزراء من 17 وزيراً؟

> هذا لا يتعارض مع رأيي، وأنا أتحدث باعتباري رئيس الجبهة الوطنية العريضة و أحد قادة التجمع الاتحادي المتعارض.

< ألست عضواً بتحالف “نداء السودان”؟

أنا ضد “نداء السودان”، وعمري لم أكن معهم، ولم أؤيده ،وظللت أحاربه لمحاورته للنظام، لأننا ضد الحوار مع النظام..

< كم هي سنين الفترة الانتقالية برأيك؟

> مدتها تنبني على مهامها، ومهامها أن تنشئ قضيب السكة الحديد ونأتي بالقطر ونضعه على السكة الحديد ، وتنتهي الفترة الانتقالية وتأتي الانتخابات لتنتخب سواق القطر .

< كم هي الفترة المناسبة لإعداد السكة الحديد والقطر؟

ليست أقل من أربع سنين.

< أربع سنوات دون تفويض شعبي.. تبدو فترة طويلة جداً؟

ما اكلمك عنه هو التفويض الشعبي ، أنا شخصياً أريد أقل فترة ممكنة فلو أمكن الإعداد في عامين أو ثلاثة فليكن ، على أن يكون أقصى حد هو أربع سنين والمهم أن تنجز مهمتها في إعداد القضيب والقطر، واذا لم يحدث هذا سيحدث خلل في العمل السياسي، وسيتكرر ما حدث في أكتوبر و أبريل.

< تعني الانقضاض على الديمقراطية مجدداً؟

> نعم
< قوى الحرية والتغيير عندما تتحدث عن آلية الحكم تشير إلى أن مكوناتها هي التي تسير تلك الآلية؟

الحرية والتغيير تتكون من 30 كياناً

< هل هذه الكيانات تعبر عن السودان كله؟

تعبر عن الذين وافقوا على خط الثورة وليس السودان ،وهم قوى الحرية والتغيير والذين قالوا “تسقط بس” ،هم الذين يشكلون الحكومة .

< أليس في هذا إقصاء لبقية المكونات السياسية؟

المكونات التي كانت مع الإنقاذ نقصيهم ونحاكمهم كمان ، نحن هزمنا النظام فهل ونعود ونحكمه من جديد ..

< هناك فرق بين أن يحكموا لوحدهم وأن يكونوا مشاركين مع الآخرين..؟

يشاركو في( شنو)؟ (النضيف) منهم والذي لا تتم محاكمته أو عزله سياسياً ليشاركوا في الانتخابات العامة ، (انت عملت ) ثورة وعزلت الإنقاذ تجي تسلم الدركسون للانقاذ؟ وإذا ما سلمته للإنقاذ يبقى إقصاء؟.

< هناك فرق بين استلام الحكم والمشاركة فيه ..؟

مشاركة لتستلم الدركسون

< ليس بالضرورة؟ 

ما بندخل مؤتمر وطني معانا ،فهو مكانه السجن

< لا أتحدث عن الوطني إنما القوى السياسية الأخرى؟

أي قوى أخرى مع نظام الإنقاذ لا دور لهم في التغيير وهم خونة ومؤيدين للبشير (أدخلهم معي الحكومة الانتقالية . كيف يعني دا )؟.

حوار : ندى محمد حمد

الخرطوم (صحيفة الإنتباهة)

 

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى