صلاح الدين عووضة

جنون الثورة !!

*ولكل ثورة في بدايتها جنونها..
*سواءً كانت شعبيةً…أم عسكرية ؛ تُسمى – كذباً – ثورة..
*وجنون الثورة الفرنسية أدى إلى تهاوي رؤوس عديدة من على منصة المقصلة..
*وثورة روسيا البلشفية كان جنونها مجنوناً..
*ولم يسلم من جنونها هذا حتى أطفال القيصر الذين أُعدموا معه رمياً بالرصاص..
*وثورة يوليو المصرية أكلت أبيها…وبنيها……ومصر..
*وفي بلادنا هنا يبدأ أي انقلاب – يُطلق عليه اسم ثورة مجازاً – بجنونٍ مخيف..
*وجنون (مايو) دفع بها إلى التأميم…والتطهير…والمصادرة..
*ثم بعد أن تعقلت – وعاد إليها بعض رشدها – تراجعت عن ذلكم الجنون كله..
*و(الإنقاذ) كان جنونها فريداً من نوعه..
*فهي أحالت ثلثي العاملين بالدولة إلى الصالح العام…لأغراض التمكين الثوري..
*واستعدت أقوى دولتين في العالم…دونما سبب..
*وطفقت في تجريب نظريات سياسية – واقتصادية – لم يسمع بها العالم من قبل..
*وشرعت فيما سمته (إعادة صياغة الإنسان السوداني)..
*وأحلت قتل النفس في وقفة يوم عيد رمضان ؛ دون محاكمات…ولا إنسانيات..
*وأعدمت نفراً في حر مالهم ؛ باسم الدين…والثورة..
*فكان جنوناً ثورياً دموياً ؛ فضلاً عن شذوذه…وشبقه…وهياجه…و غرابته..
*والآن تعيش بلادنا أجواء جنون ثوري شعبي..
*وهو جنون لذيذ رغم انبثاقه من بين الدماء…وركام الأحزان…ورحم المعاناة..
*وتحفه ثوريات انتهازية ألذ…تريد ركوب الموجة..
*فقد طمع في نصيبٍ من كيكتها بعض الذين أكلوا من كيكة الإنقاذ إلى حد التخمة..
*وأتى مهرولاً من الخارج نفر ممن لم يكتووا بنار الداخل..
*ويحملون بين جوانحهم طموحاً ذا سقف أعلى…وهو رئاسة الوزراء (حتة واحدة)..
*ونفض بعض كسالى الأحزاب ثياب النوم من على أجسامهم..
*وارتدوا – على عجل – ثياب الثورية ليلحقوا بالركب ؛ فقد (جاءتهم باردة)..
*ولكن ما يهمنا هنا ثورة الشعب اللذيذة…الأصيلة..
*ويكفي أن ميدان القيادة صار جامعةً لتعليم الشعوب المقهورة أدب الثورات..
*ثم ؛ أدب التكاتف…والتلاحم…والتراحم..
*ولكنا نخشى أن يؤدي التمادي في الأشواق الثورية إلى أن يصير جنونها مؤلماً..
*وشتان ما بين ألم اللذة…ولذة الألم…وبين الألم عقب لذة..
*فجنون الثورة يأخذ بخناق المجلس العسكري الانتقالي حتى ليوشك أن يخنقه..
*ومعلوم أن حياة الثورة من حياة هذا المجلس..
*فإن مات ماتت…وتنقض على الجميع (ثورة مضادة) تتربص بهم هذه الأيام..
*ولعلمنا بأدوات هذه الثورة طالبنا بتعطيل بعضها..
*طالبنا بإعفاء مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون فوراً…محمد حاتم سليمان (الدباب)..
*فاستجاب المجلس العسكري مشكوراً…في اليوم ذاته..
*ثم في اليوم التالي طالبنا بترحيل الرئيس المخلوع إلى (كوبر)…بأعجل ما يمكن..
*فهو محور الحراك المضاد…وتحت يده مالٌ لا حصر له..
*فاستجاب المجلس أيضاً في اليوم نفسه…فهو يستمع إلى النصائح المنطقية الهادئة..
*ولكن دعونا لا نرهقه من أمره عسرا…فتتعسر..
*ولنُبق على جنون ثورتنا لذيذا !!.

صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى