ناهد قرناص

يمامة السودان

(لا تصالح
الى ان يعود الوجود لدورته الدائرة
النجوم لميقاتها
والطيور لاصواتها
والرمال لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة )
امل دنقل
قيل ان اليمامة بنت كليب بن ربيعة ..عندما انهكت الناس الحرب ..اتوا الى عمها (الزير سالم) سائلين الصلح ..فقال لهم اصالح لو صالحت اليمامة ..فذهبوا اليها وسألوها عن مطلبها فقالت (اريد أبي حيا ) ..فعلموا ان لا صلح ..وان الحرب ستستمر. والمتامل في قول اليمامة يجد الغبن يبرز بين حروف كلماتها ..فألم الغدر لم يخف حينها ..فقد قتل ابيها فجأة ولم تستطع تقبل حقيقة غيابه بهذه الصورة .

الثوار يتعجلون التغيير ..وكلما اجيب لهم طلب ..اخرجوا مطلبا آخر ..ولا تزال (اللستة) طويلة ..ولو تابعت كتابات الأسافير ستجد ما يمكن ان يشغلنا الى أبد الدهر ..والسؤال هل يمكن جمع الطلبات في مطلب واحد كمطلب اليمامة ؟ والاجابة نعم ..والطلب هو (نريد السودان كما كان ..من جديد ..)

حين تقرأ ان العالم كان يراهن على ثلاثة بلاد لتكون هي منقذة الأرض في المجاعات ..وهي الاراضي التي كانت واعدة بكل الخير ..(السودان ..كندا ..استراليا ) ..تخيلوا الجماعة ديل كانوا قاعدين معانا في نفس الكنبة في الفصل .. كنا ندرس من ذات المعلم ..لكنهم نجحوا وارتقوا في سلم العلا ..واخلدنا نحن الى الأرض ..وما زلنا نعيد السنة كل مرة ..فمن ضيع السودان ؟ من الذي اخرجه من صف الناجحين ..وحاد به عن طريقه حتى وجد نفسه متزيلا الفاشلين ؟ لكن حتى الاجابة على هذه الاسئلة ستجعلنا ندخل في دوامة الاتهامات وكل يشير الى الآخر ..ربما الافضل البدء باجابة السؤال (كيف نرجع السودان الى سابق عهده).

التعليم هو البداية ..مناهج مواكبة للحداثة والتكنولوجيا ..والعلوم التي يحدث فيها تغيير في كل ثانية ..مناهج تشجع الابتكار والاختراع وتنتهج وسائل حديثة في التدريس ولا تعتمد على التلقين والحفظ ..كذلك لابد من استعادة المناهج واعادتها الى تلك التي تعزز الهوية السودانية وتحكي عن التاريخ الذي كان مغيبا (ما عارفة ليه ) ..

ربما كانت احد مكتسبات الثورة هو الاعتزاز بلقب (الكنداكة) وانتشاره عبر الاثير ..حتى صار مميزا للمرأة السودانية دون غيرها من النساء … هذا فيما يخص التعليم الاساسي ..اما التعليم العالي ..تلك (قصة اخرى ) ربما نفرد لها مقالا ذات يوم .

ثانيا وتحت شعار هذه الأرض لنا ..اعتقد انه يجب تكوين لجنة قانونية تراجع كل الاتفاقيات التي ابرمها النظام السابق واعطى بموجبها الالاف من الفدانات الصالحة للزراعة ..لدول اجنبية ..تزرع فيها ما تشاء وتأخذ ما تحصده الى بلادها دون مشاركتنا باقل القليل وليست المشكلة هنا فقط ..بل أن امد هذه الاتفاقيات يمتد الى زمن بعيد ربما لا يحضره احفاد الاحفاد !!..كيف يمكن استعادة الأراضي المملوكة للشعب السوداني والتي تصرف فيها هؤلاء دون الرجوع الى المالك الأصلي ؟ ؟ الأمر ينطبق أيضا على مناطق التعدين ومناجم الذهب …والميناء الجنوبي ..وكدا يعني .

ثالثا ..الثروة الحيوانية وما ادراك ما ثروتنا الحيوانية ..هي منجم الذهب الذي لم تتم الاستفادة منه حتى الآن ..والدخل الذي ترفد به الميزانية ما هو الا ربع الذي يمكنها ادخاله لو تم الالتفات لها والاهتمام بهذا القطاع الحيوي ..اليس غريبا ان كل هذه الثروة الحيوانية ولا تزال اللحوم هي أغلى السلع ؟ولا يزال اللبن والبيض سلع نادرة وغير متوفرة في أغلب الاحيان ؟ ؟ .. اننا فعلا كما قالت اليمامة (اريد ابي حيا من جديد).

ناهد قرناص
صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى