تحقيقات وتقارير

حكومة الانتفاضة… بشريات الدعم الخليجي

ظل الاقتصاد السوداني يعاني العديد من المشكلات خلال فترة حكومة الإنقاذ التي امتدت  لفترة  30 عاماً عانى فيها الشعب السوداني العديد من الأزمات  من ارتفاع في سعر الصرف والتضخم الذي وصل لأرقام كبيرة تجاوزت 73% بجانب ارتفاع البطالة، فضلاً عن ندرة الوقود وغاز الطهو  والقمح والخبز، نتيجة لتدهور العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية   بجانب شح السيولة في الفترة الأخيرة مما أدى إلى خروج المواطنين للشارع والمطالبة بوضع إصلاحات اقتصادية، حيث تكرر المشهد عدة مرات أدى آخرها إلى إسقاط النظام، وسعت الحكومة في الفترة الماضية إلى وضع العديد من الحلول للخروج من الأزمة، إلا أنها لم تُسهم في المعالجة، ومن المعروف أنها اتجهت لدول الخليج للمساهمة في الحد من تلك المشكلة بتوفير العديد من القروض والمنح، إلا أنها لم تظهر جلياً في إصلاح الاقتصاد السوداني  أبرزها الدعم القطري حيث قدمت منحة لحل الأزمة الاقتصادية خلال العام المنصرم والتي بلغت مليار دولار،  كما  ساهمت المملكة العربية السعودية في توفير كمية من الوقود، كما فعلت الأمارات ذات الأمر، فخلال تلك الفترة يمكن القول إن تمسك دول الخليج في تقديم الدعم خاصة الإمارات والسعودية  أنها  لا تريد في ذلك التوقيت سحب السودان قواته المشاركة في عاصفة الحزم  الموجودة على أرض المعركة لاستمرار حرب اليمن، حيث يكون استمرار مشاركة الجيش السوداني نقطة قوة  للتحالف العربي.

 

أما بالنسبة لدولة قطر، فإن التقارب معها جاء بسبب موقف السودان من الأزمة الخليجية ودعمها لها بجانب دخول البلدين في استثمارات واتفاقية بميناء بورتسودان والذي يعتبر الميناء الرئيسي للسودان لإطلاله على البحر الأحمر وموقعه الاستراتيجي المهم، كما تم توقيع اتفاقية تأهيل ميناء سواكن بقيمة 4 مليارات دولار، وفتح خطوط ملاحية جديدة من ميناء حمد، وما زالت مبادرة الخليج مستمرة  لدعم إصلاح الاقتصاد كان آخرها مبادرة المملكة العربية السعودية والأمارات في دعم المجلس العسكري  الانتقالي حيث أعلنت السعودية توفير قمح وأدوية ووقود لمدة 6 شهور، بجانب ذلك أكدت دولة الأمارات تقديم دعمها لنظام الحكم الجديد بالسودان، ووصفت الأمر بأنه خطوة تجسد تطلعات الشعب السوداني في الامن والاستقرار والتنمية.

 

ويرى العديد من الخبراء أن استمرار الدعم الخليجي للسودان يصب في مجال تبادل المصالح مع السودان، وهذا ما ذهب الية الخبير الاقتصادي د. حسين جبريل، والذي أكد على أن الدعم السعودي مثال لذلك، مشيرًا لاتجاه العديد من دول الخليج  لتلك الخطوة في المرحلة القادمة، والتي تصب في تحسين العلاقات لحين اتضاح الأوضاع السياسية في السودان.

 

وقال خلال حديثه لـ(الصيحة) أن هذا يعتبر عربون صداقة في ظل وجود  المصلحة من ناحية إنسانية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية، وتوقع المزيد من الدعم في حال حدوث توافق بين دول الخليج والنظام الجديد في السودان، خاصة وأن البلاد  في الوقت الراهن في أشد الحاجة لمثل هذا الدعم لحين  تحسّن الوضع، ونفى أن يكون الدعم السعودي المقدّم في هذه المرحلة لمشاركة السودان في الحرب باليمن.

 

فيما تساءل الخبير الاقتصادي د. هاشم عبد الله  لماذا تقدمت السعودية بتقديم دعم اقتصادي في هذه اللحظة، مشيراً إلى دخول البلاد خلال الفترة السابقة ولمدة طويلة في ضائقة اقتصادية صعبة لم تقدم الدعم بالصورة المطلوبة، وأرجع  خلال حديثة لـ(الصيحة) خطوة السعودية  لتخوّف الخليج من ثورات الربيع  العربي خاصة في السودان والتي اقتلعت نظاماً دام 30 سنة، ونجح في إسقاط رئيسين خلال فترة وجيزة،  الأمر الذي وصفه بالحدث الكبير، مشيراً أنه جزء من الاحتواء في المرحلة القادمة، لافتاً لحاجة البلاد في الوقت الراهن للدعم المقدم من السعودية خاصة وأن النظام السابق ساهم في تدهور اقتصاد البلاد، وقال: لابد أن يكون نظام الحكم ديمقراطياً  في الفترة القادمة، والذي يتطلب ترتيبات عديدة مشيراً لمحدودية دور المجلس العسكري،  والذي يتمثل في توفير الأمن واستقرار البلاد، مشدداً على عدم  تكوين حكومة مدنية فضفاضة، بل تضم كوادر مؤهلة بجانب الاهتمام بتوحيد الرؤى خاصة وأن السودان يحتاج لإصلاح مؤسسي كبير للخروج من الاضمحلال الاقتصادي، وطالب المجلس العسكري بضرورة الإسراع في التحرك حتى لا يتفاقم الوضع، وبالتالي تواجه البلاد بالتدخل الخليجي والعربي، ومن  ثم التحكم في مسارها، وقال إن استمرار تدفق الدعم الخليجي لا يصب في مصلحة البلاد، خاصة وأن السودان يمتلك العديد من الموارد التي تؤهله اقتصادياً، وأشار إلى أنه يعاني أزمة حكم في التخطيط والمتابعة والتي تتطلب معالجتها.

 

تقرير: إنصاف أحمد
(صحيفة الصيحة) .

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى