صلاح الدين عووضة

عدا السودان !!

*مما تعلمناه زمان أن الفلسفة وليدة الدهشة..
*ومما تعلمناه الآن أن بلادنا وليدة العادة…والتعود…والاعتياد..
*ولولا كتشنر لظل السودان – أعواماً عديدة – على ما كان عليه أيام الخليفة..
*لظل على ما اعتاد عليه الناس من بدائية الحياة…وبؤسها..
*ولظل الناس على اعتقادهم بأن فكتوريا فرَّطت في يونس الدكيم..
*وبأن من يحكم السودان لابد أن يتلقى الوحي في ضريح الإمام..
*وبأن من يأكل في الظلام سيصفعه شيطان (يعوج) فمه..
*ولما كانت هنالك كلية غوردون…ولا دار بريد…ولا قصر رئاسة..
*ولا أي مبانٍ حكومية – على الطراز الحديث – بشارع النيل..
*ولا خطوط سكك حديد…ولا ملاحة بحرية…ولا بواخر نيلية..
*وفارقت بلادنا محطة الرتابة…والكآبة…والـ لا دهشة ؛ طوال فترة حكم الإنجليز..
*ثم عدنا إلى هذه المحطة فور ذهابهم إلى المحطة..
*إلى محطة القطار تشيعهم صيحات (يا غريب يلّا لبلدك…سوق معاك ولدك)..
*وساقوا معهم أولادهم…أدوات الدهشة الحضارية…إلى بلدهم..
*وبقيت لنا بلدنا بلا دهشة…ولا حضارة…ولا نظافة…ولا طموح…ولا (فعل)..
*أو بقيت كذلك إلى حين ؛ بفعل (قوة الدفع الذاتي) القديمة..
*ثم تعطل كل شيء…إلا الذي يقود إلى كراسي السلطة بأي ثمن..
*ولو كان هذا الثمن هو رؤوس…وعظام…ودماء…بعضنا البعض..
*وصارت الدهشة الوحيدة هي مارشات الفجر العسكرية..
*وما بين مارشات وأخرى هدوء…ورتابة…وملل…وتكرار لشعارات جوفاء..
*ونشرات أخبار يعرف الناس تفاصيلها…وتفاصيل تفاصيلها..
*وخطب سياسية لست في حاجة إلى سماعها…لأنك سمعتها قبل أعوام..
*أو بطول سنوات النظام القائم ؛ بكل وعودها…ووعيدها..
*وتقفز الدول من محطة لأخرى…ونحن محلك سر في محطة قطار الإنجليز..
*بل نستقل منها قطار الزمن لنعود إلى أيام حكم الخليفة..
*أيام انحصار كل الهم – والهمم – في كيفية الحفاظ على السلطة بأي ثمن..
*ثم لا (يهم) إن كنا نسير للأمام…أو الخلف…أو نقف في مكاننا..
*بل يمكن للزمن ذاته أن يتوقف…كما توقفت ساعتنا (17) عاماً في محطة البكور..
*فلا أهمية للزمن عندنا…تماماً كما فعل حزب عقائدي البارحة..
*فعدا أنه نفسه حزبٌ ينتمي لحزب خارجي منقرض فهو ما زال يردد كلاماً منقرضاً..
*يقول كلاماً سمعناه منذ (30) عاماً…ثم يردد فيه إلى يومنا هذا..
*وفحواه أنه لن يشارك في أي حوار مع النظام القائم إلا بعد وقوع (الدهشة)..
*أي بعد ذهاب النظام بفعل (مدهش)…علمه عند الله وحده..
*ثم نظل هو…ونحن…والشيوعي…والمهدي…والتاريخ…في انتظار هذه الدهشة..
*ولا أدري لم مُنحت عقولنا جوازات سفر فلسفية لعوالم الدهشة..
*فهي تصلح لكل الأقطار..
*عدا السودان !!.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى