تحقيقات وتقارير

المراجع العام و اتهام سفراء بالفساد .. أين تكمن الحقيقة؟

جرت العادة في كل عام أن يتقدم المراجع العام بتقاريره السنوية والكشف عن حالات فساد أو اعتداء على المال العام، ولكن هذه المرة ليست كسابقاتها، لأن التقارير فضحت (18) دبلوماسياً ومحاسباً وملحقاً مالياً وموظفاً بأسمائهم، واتهمتهم بالاستيلاء على مبلغ (233.517) دولاراً، بجانب اعتداءات بعملات مختلفة في سفارات متفرقة.

 

إشانة سمعة

التقرير يقول إن (18) دبلوماسياً ومحاسباً وملحقاً مالياً وموظفاً، من بينهم (5) نساء ببعثات السودان في كمبالا، برلين، جاكرتا، أبوجا والإسكندرية، متهمون بالاستيلاء على مبلغ (233.517) دولاراً، بجانب اعتداءات بعملات مختلفة في سفارات: مدريد، مسقط، القاهرة، صنعاء، جنيف، نيودلهي أكرا، وبانقي، الأمر الذي كان مدعاة لشروع بعض دبلوماسيي وسفراء وزارة الخارجية في تحريك إجراءات قانونية أمام المحاكم المختصة في الخرطوم، ضد المراجع العام، على خلفية الاتهامات الواردة في تقرير المراجع العام، معتبرين ما ورد إشانة سمعة وتجريماً لموظفي الدولة دون أدلة مادية قاطعة.
وبحسب صحيفة الانتباهة التي تؤكد أنه بالفعل تم تحريك الإجراءات القانونية ابتداءً من أمس، وأوضحت أن بعض منسوبي الوزارة خارج السودان سيواصلون ذات الأمر بإرسال توكيلات للقيام بالإجراءات المطلوبة، وفي ذات الاتجاه اعتبر أحد السفراء في الخارج ورد اسمه، أن معظم ما عرضه التقرير من حالات سُميت زوراً بالاختلاس، وكشف عن أنه توجد (١٢) حالة واردة في التقرير تشمل ملحقين ماليين يتبعان لوزارة المالية وليس للخارجية.

أخطاء محاسبية

الأمر أثار حفيظة عدد من السفراء السابقين الذين استنكروا اتهامات المراجع العام، ويقول السفير السابق الرشيد أبوشامة، إن المقاييس التي يعتمد عليها المراجع العام في إعداد تقاريره لا زالت نمطية وكلاسيكية، لذلك لا يجب الأخذ بها كحقيقة، وأضاف كأنها تعمل بنظرية (شختك بختك)، وأكد أن ما تمت تسميته باعتداء على المال العام، لم يكن سوى نتاج قصور في الأنظمة المحاسبية التي تعمل بها وزارة الخارجية، وأن المحاسبين العاملين بها ليسوا من ذوي الأداء الجيد، ما يعني أنها جراء أخطاء محاسبية وليست اختلاسات، وأوضح أبوشامة أن تلك الأخطاء بالسفارات الخارجية تعود إلى أن كثيراً منها يتعامل في حساباته باللغات الأجنبية فيما عدا بعض السفارات العربية، وأن كثيراً من المحاسبين بتلك البعثات ليسوا ممن يجيدون تلك اللغات أو التعامل مع الأنظمة المحاسبية الإلكترونية المتطورة، الأمر الذي ترتب عليه حدوث ارتباك أو تشويش في إدخال البيانات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يرى السفير أن عدم الانسجام بين الدبلوماسي والمالي في السفارة الواحدة يولد مثل تلك الأخطاء، وعليه طالب أبو شامة بتعيين دبلوماسيين يعملون كمحاسبين بعد أن يخضعوا للتدريب الكافي للحيلولة دون حدوث مثل هذه الأخطاء.

مسؤولية المالية

وبالمقابل لم يستثنِ السفير السابق الطريفي كرمنو الدبلوماسيين من تهمة الاعتداء على المال العام، باعتبار أن وزارة الخارجية ليست في جزيرة معزولة عن بقية الوزارات، ولكن الرجل استنكر إلقاء التهم بالجملة على الوزارة، خاصة أن من جملة (18) دبلوماسياً، المتهمون (12) محاسباً الذي قال عنهم إنهم يتبعون لوزارة المالية، وقال إن ما كشفه التقرير نوع من التشهير ليس له داعٍ في التوقيت الذي تعاني البلاد فيه من أزمة دولار، وأضاف كرمنو أن التقرير حوى أسماء لسفراء توفوا من مدة طويلة وآخرين تمت تسوية حساباتهم، وقال إنه من الأفضل أن يشير التقرير إلى البعثات وليس أسماء السفراء.

الناشر متهم

السفيران كرمنو وأبو شامة سجلا تأييدهما للخطوة التي أقدم عليها السفراء المعنيون، والتي تمضي في اتجاه تحريك إجراءات قانونية ضد المراجع العام، وقال أبو شامة: (ليهم ألف حق)، ولكن يقفز سؤال إلى الأذهان: هل يمكن لأي شخص الوقوف ضد المراجع العام في أروقة المحاكم، وهنا يقول الخبير القانوني ساطع الحاج: إنه من حق أي شخص أن يتقدم بدعوى قضائية ضد أي شخصية اعتبارية، وكذلك المراجع العام (شخصية اعتبارية)، ولكن الرجل عبّر عن دهشته من نشر أسماء السفراء المعنيين، وقال لـ(آخر لحظة): (أنا حقيقة استوقفني النشر، ما كان المفروض أن تنشر الأسماء)، وأوضح أن المراجع العام ليس من نشر هذه القضية، وأن تحديد الأسماء المتعدية في تقاريره أمر من صميم عمل المراجع العام، وأبان الحاج أن الجهة الناشرة هي من يجب تحريك إجراءات قانونية ضدها.

تقرير: أسماء سليمان

الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى