تحقيقات وتقارير

إيلا .. هل تعتري حملته (المطبات)

بعد أن حظيت بترحيب واسع في الأوساط السياسية والاقتصادية، بصورة مباغته توقفت حملة رئيس مجلس الوزراء القومي محمد طاهر إيلا، التي أبتدرها بحل المؤسسات، وإقالة مسؤولين على رأس مؤسسات حكومية، لخمسة أيام، ثم عادت مساء الأمس، في وقت أصدر مكتب رئيس الوزراء بيان أوضح فيه مبررات القرارات السابقة، غير أن هناك من توقع بأن يواجه رئيس الوزراء ضغوطاً من جهات عليا ربما تحد من الاستمرار في حملته الواسعة، خاصة المتضررين من هذه الحملة التي ربما تطال جهات ومؤسسات على رأسها نافذون بالدولة .

ترقب القرارات

منذ إبتدار إيلا لحملته المعلنة أصبحت تتجه الأنظار بصورة تكاد تكون يومية إلى مجلس الوزراء، لمعرفة من أعفى إيلا، مجالس المدينة شغلها الشاغل هذه الأيام قرارات رئيس الوزراء، لدرجة أنها ذهبت إلى أبعد من ذلك وهي تتوقع القرارات القادمة، لكن تلك المجالس مضت عليها خمسة أيام وهي في حيرة من أمرها، بيد أن إيلا لم يصدر قراراً فيها، متسائلين عن سر التوقف المفاجيء للحملة، التي حظيت بقبول واسع النطاق، ليفاجئهم إيلا مساء أمس بقرارات جديدة .

هل تواجهه عقبات سابقيه؟

في وقت ذهب البعض إلى أن إيلا أدخل يده في عش الدبابير، لذلك من المتوقع أن يواجه معارضة، بيد أنه ليس من السهولة أن يتم إصلاح جذري في دولة عميقة.
وليس بعيداً عن ما بدأ بفعله إيلا، كان قد حاول الخوض فيما خاض فيه سلفه الفريق بكري حسن صالح، فحسب تصريحات نائبه وقتها مبارك الفاضل فإن الرجل قبل أن يبدأ معركته تلك دخلت قيادات نافذة في حزب المؤتمر الوطني السوق، واشترت الدولار بكميات كبيرة رفعت سعر الصرف من 18 جنيهاً إلى 45 جنيهاً، وعلى نحو مفاجيء انشغل كل طاقم حكومة بكري في البحث عن حلول للأزمة الطارئة التي كان أحد الأسباب القوية في الإطاحة بها، فقطع هؤلاء الطريق أمام حكومة بكري في إجراء إصلاح حقيقي في الدولة .
ثم حاولت أيضاً حكومة معتز موسى في دك حصون الدولة العميقة أو الموازية، لكنها حُوربت حرباً شعواء حسب مقربين من الرجل ومدافعين عن حكومته، فمعتز كان قد سجل كثيراً من الزيارات المفاجئة لمؤسسات ربما تمهيداً لإجراءات حلها، لكن ربما كشر حراسها أنيابهم في وجه الرجل الذي كان عازماً على محاربة الفساد وضرب المفسدين، مواصلة لحملة القطط السمان التي توقفت في ظروف غامضة أو ربما تعمل في الخفاء بعيداً عن أعين الإعلام طبقاً لفقه السترة.

مصيبة كبيرة

أستاذ العلوم السياسية عبد الوهاب عثمان محمد كوكو، يقول إنه من المحتمل أن يواجه رئيس الوزراء ضغوطات، في وقت لم يستبعد أن يتأنى في الفترة القادمة لمزيد من الدراسة، وقال إذا توقف نتيجة لضغوط، فهذه تعتبر مصيبة كبيرة، وعليه أن لا يستجيب لها، وأكد كوكو لـ(آخر لحظة) أن إيلا المعروف عنه أنه لا يخضع للضغوط، وقراراته دائماً متفردة وجريئة، علاوة على عمله بقوة لإصلاح الدولة، وأشار عثمان إلى أن رئيس الوزراء واجه مقالات ناقدة، بعد حله لإحدى المؤسسات، مؤكداً أن قراره كان صائباً، وقال عبد الوهاب من المفترض ألا يتوقف إيلا عن حملته التي ابتدرها، خاصة وأن هناك مؤسسات عديدة بحاجة إلى إعادة النظر فيها .

لن يخضع للضغوط

بالمقابل يرى المحلل السياسي والقيادي بالشعبي أبو بكر عبد الرازق، أن محمد طاهر إيلا كقادم جديد على مجلس الوزراء، ينبغي أن يتوسط في تصرفاته السياسية، ما بين الاطمئنان للقرار ولجدواه، والقدرة على اتخاذه حتى لا تكون هناك قرارات غير مدروسة تؤدي إلى نتائج غير إيجابية، وقطع عبد الرازق لـ(آخر لحظة) أن إيلا لن يخضع لأي ضغوط من أي جهة كانت، إلا للرئيس البشير فقط، نسبة لقوة شخصيته، وأضاف أبوبكر أن إيلا ليس بمؤتمر وطني ولا بحركة إسلامية، بقدر ما هو من مجموعة الرئيس، مؤكداً أن الرجل ليس لديه مشكلة في اتخاذ القرار .

القرارات .. كيف جاءت ؟

ويبدو أن هناك من همس في أذن رئيس الوزراء بأن إجراءات حل بعض المؤسسات والشركات وإعفاء المديرين العامين لبعض الشركات، تمت دون توضيح للمبررات، الأمر الذي جعل مكتبه يصدر بياناً توضيحياً، يقول فيه إن إعفاء المديرين العامين لبعض الشركات تم بغرض رفع كفاءة العمل والالتزام بلوائح وقوانين الخدمة المدنية، وأيضاً لتلافي الخسائر المالية وترشيد الإنفاق، مبيناً أن المخصصات التي كان يتقاضاها بعض مديري هذا الشركات كانت تصرف بلوائح خاصة لا تخضع لقانون الخدمة المدنية، وأوضح المكتب أن قرارات إعفاء مديري هذه الشركات الغرض منها الحد من الخسائر المتواصلة في هذه المؤسسات، لإعطاء فرصة العمل المؤسسي وتكليف مدراء من داخل هذه الشركات والمؤسسات عملوا لفترات طويلة، واستحقوا قيادة هذه المواقع، وأشار مكتب رئيس مجلس الوزراء أن إجراءات حل بعض المؤسسات والشركات جاء لإعمال مبدأ المؤسسية والشفافية، وإعادة السلطات والصلاحيات للوزارات، وتوحيد الهياكل وإزالة الفروقات غير المبررة بين العاملين في تلك المؤسسات والوزارات.

وحول الحديث الدائر فإن حملة إيلا يقودها منفرداً دون استشارة أحد، أكد مكتب رئيس الوزراء أن الإجراءات تمت عبر عدد من اللجان المختصة التي تم تكوينها لمراجعة وحصر الوحدات والشركات والهيئات والمفوضيات والصناديق، فضلاً عن مراجعة كافة القوانين لتلك المؤسسات، وذلك لإزالة التشوهات في كل الأجسام غير الضرورية حتى تمارس الوزارات سلطاتها وصلاحياتها، وقدرتها على الإنجاز والمتابعة، وأعلن المكتب أن الإجراءات والقرارات التي تم اتخاذها مؤخراً تمت بناءً على موجهات لجان وفرق عمل من مجلس الوزراء، لمراجعة المهام والاختصاصات في مؤسسات وأجهزة الدولة، والتي تم بموجبها إعفاء (6) وكلاء وزارات وتعيين آخرين، مبيناً هذه الإجراءات جاءت في إطار الالتزام بالمؤسسية وقوانين الخدمة المدنية، وتم التكليف من داخل المؤسسات والوزارات مع مراعاة التخصص والكفاءة والخبرة التي تناسب الوظيفة.
وحمل البيان إجابة لتساؤلات البعض بأن الحملة هل ستقف عند هذا الحد؟، قائلاً بأن سياسة الحد من الصرف الحكومي والشفافية سوف تتواصل في المرحلة المقبلة، فهي من أولويات الحكومة، ولن يسمح لأي شخص بالبقاء في موقع قيادي بالخدمة المدنية شغله دون استحقاق، وهناك من هو أصلح وأكفاء منه لإدارة الموقع، بل وكشف مكتب إيلا عن عمل مصاحب ومواز يتم بالوزارات والوحدات المختلفة لإعادة تنظيم وتحديد السلطات والصلاحيات ومراجعة القوانين لإكمال ما تم اتخاذه من إجراءات، بجانب مراجعة القوانين واللوائح لإجراء ماهو مطلوب لتحقيق الوضع الأفضل في تلك المواقع، مؤكداً أن عملية الإصلاح عملية مستمرة وتتطور من يوم لآخر، وسوف تتواصل الإجراءات وفقاً لتوصيات اللجان .
وبشأن الأحاديث التي برزت إلى السطح مؤخراً بأن قرارات إعفاء المدراء جاءت على خلفية تصفية حسابات قديمة مع رئيس الوزراء، أكد المكتب أن إيلا لن يظلم شخص، ولا مكان لحسابات شخصية، فالأمر أكبر من الأفراد بل هو أمر دولة ومؤسسات وشأن عام تمتد آثاره للمجتمع بأسره .

قرارات جديدة

وبعد توقف الحملة لخمسة أيام بالكمال والتمام، أصدر رئيس مجلس الوزراء القومي د. محمد طاهر أيلا قرارات مساء أمس، بإعفاء كل من ابو عبيدة محمد دج من وظيفة المدير التنفيذي لصندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان ونافع إبراهيم نافع من وظيفة نائب المدير التنفيذي لصندوق إعادة وتنمية شرق السودان، ووجه القرار وزارتي ديوان الحكم الاتحادي والعمل والإصلاح الإداري وتنمية الموارد البشرية والجهات المعنية الأخرى باتخاذ إجراءات تنفيذ القرار، كما أصدر قراراً بحل صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان، ونص القرار على أيلولة مشروعات الصندوق وإداراتها وسلطات الإشراف عليها ومتابعتها للولايات الشرقية (كل مشروع حسب موقعه في الولاية المعنية).. على أن تتولى الهيئة القومية للطرق والجسور مسؤولية الإشراف والمتابعة الفنية لمشروعات الطرق التي كان يتولاها الصندوق.. وتتولى وزارة الموارد المائية والري والكهرباء مسؤولية التنفيذ والمتابعة والإشراف على مشروعات الكهرباء التي كان يتولاها الصندوق.. وشدد على وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي الاستمرار في تمويل المشروعات التي كان يتولاها الصندوق وفق ميزانية العام 2019م.

ووجه القرار وزارتي ديوان الحكم الاتحادي (الولايات الشرقية) والمالية والتخطيط الاقتصادي والجهات المعنية الأخرى اتخاذ إجراءات تنفيذ هذا القرار.

تقرير : جاد الرب عبيد

الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى