تحقيقات وتقارير

المحاصصات في الحكومة الجديدة

 

مرة أخرى تعود المحاصصات للمشهد السياسي على خلفية إعادة تعيين الصادق الهادي وأحمد هارون مساعدين لرئيس الجمهورية، بمبررات اعتبرها كثيرون تشي بأن الحكومة ما تزال تعتمد على نظريتها بأن جميع الأحزاب التي شاركت في الحوار الوطني يفترض أن تكون جزء من الجهاز التنفيذي، واصفين الخطوه بمثابة إعادة إنتاج لفعل المحاصصات التي ظنها كثيرون انتهت.

الاتحادي في الطريق

ويبدو أن ما فجر الدهشة من عودة المحاصصات ما أعلنه الأمين العام المكلف للحزب الاتحادي الديمقراطي أحمد بلال بأن لديهم اتفاقاً في المشاركة يقضي بمنح حزبه منصب مساعد لرئيس الجمهورية وسفيرين بالخارجية، مطالباً قيادات حزبه بأن لا ينشغلوا بأمر تعيينات الحكومة، مطالباً إياهم بضرورة الانخراط في واجبهم الوطني.
المحاصصات التي عادت إلى الحكومة تفرغ التغيير الذي أعلنته الحكومة مؤخراً من مضمونه طبقاً للمراقبين، كما أن الظروف لا تتسق مع تعيين سبعة مساعدين لرئيس الجمهورية، ويذهبون إلى أن الخطوة ترهق كاهل الدولة المرهقة بالأصل بزيادة تضخيم الجهاز التنفيذي الذي يحتاج إلى تخفيف.. مما جعل سؤالاً واحداً فقط يتبادر في الأذهان

: ما هي معايير الاختيار في تعيين حكومة الكفاءات؟

نظرة أولى

المحلل السياسي عبد الماجد عبد الحميد يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن التعيين أو المحاصصات في ظل حكومة ثابتة يعتبر ذلك إفراغاً لمحتوى التغيير لكنها تعيينات مؤقتة لمرحلة معينة، مشيراً إلى أن القرارات تستند على رأي الرئاسة، مؤكداً عدم وجود بدائل مناسبة بل إن الجهد للتغيير يستسهل وجود البدائل، وأضاف: كان يجب أن توضع سياسات للمواقع قبل أن تتم تسمية الأشخاص، قاطعاً بأن ما يحدث هو توظيف سياسي لا معنى له بل إنه لن يحل المشكلة الموجودة، معتبراً أن التقدير السياسي يمثل المعايير وليس معيار الحاجة لحل المشكلة.

مكافآت لا كفاءات

عضو الآلية التنسيقية العليا للحوار الوطني نائب رئيس كتلة التغيير عبد العزيز دفع الله يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن المحاصصة بدأت منذ الهيمنة على الحوار وتحديد المناصب للآخرين، مشيراً إلى أن الحكومة الجديدة حكومة مكافآت وليست حكومة كفاءات، وأي شخص يعمل ويبذل من أجل أن تتم مكافآته بمنصب، مؤكداً استمرار المحاصصة، معتبراً إعلان الطوارئ يحول دون دخول الآخرين للحوار، وأضاف: تكوين الحكومة آخر نقطة لهزيمة الحوار الوطني لأن تعيينها ليس حلاً للقضايا ولا تهيئة للمناخ، موضحاً وجود حكومتين إحداهما مباشرة تتبع للرئاسة وأخرى تتبع لمجلس الوزراء الذي يقع تحت إشراف الرئاسة، مضيفاً: الحلول دائماً تكمن في حل جهاز مجلس الوزراء، منوها إلى أن استمرار المحاصصات أفشل آلية الحوار الوطني، وتسهم فقط في توسع المشاركة في الجهاز التنفيذي الأعلى، كما أن ضخامة عدد المساعدين يشير إلى أن الرئاسة (قنعانة) من السلطة التنفيذية ومجلس الوزراء.

شخصيات داخل القصر

يذهب الأمين السياسي للمؤتمر الوطني عمر باسان في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن التغيير لا يعني طي صفحة الماضي والانقلاب عليها ولا أن المجموعات الموجودة تتجاوزها المقاعد التنفيذية، مؤكداً أن الشخصيات الحالية جزء من الماضي والحاضر وجزء من المستقبل، معتبراً أن المراجعات داخل الدولة لا تعني إغلاق باب المشاركات، وأضاف: الموجودون الآن في الحكومة ارتضوا المشاركة وجلسوا للحوار، منوهاً إلى أن هناك كثيراً من الملاحظات حول قدرة الجهاز التنفيذي في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لذلك لا بد من مراقبتهم.
وقطع باسان بأن تعيين الوجوه الأخيرة ليس مستغرباً لأن ما حدث تغيير وليس قطيعة، موضحاً الدولة ما تزال في مرحلة التشكيل وتشظٍّ سياسي، ولذلك يجب التعامل مع الواقع. مقراً بأن القصر الجمهوري لا يحتاج لعدد كبير من المساعدين ولكن هناك اعتبارات سياسية لا بد من وضعها في الحسبان بإشراك عدد من القوى السياسية، واستدرك: الأحزاب الموجودة في القصر بالنظر إلى حالة الرضا السياسي لا يقارن بالصرف المالي، مؤكداً أن الشخصيات الموجودة داخل القصر صاحبة ثقل جماهيري وسياسي ونفوذ كبير، وتوليها المناصب لضمان مشاركتها في صناعة القرار السياسي.

أسيرة ظروف

أما المحلل السياسي الحاج حمد يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن المشاهد تسير كما اعتدنا عليها والأحزاب المشاركة هي نتاج لشبكة من التقديرات خصوصاً أن المحاصصات تعد قوة ضغط داخل السلطة لا تستطيع الرئاسة أن تتخطاها لأنها واقع سياسي سقطت أسيرة ظروفه، مضيفاً أن محاولة تغيير النمط في الحكومة بالنظر لأحزاب القواعد الدينية، موضحاً أن الرئاسة ألغت عملياً مؤسسات الدولة وصارت مترهلة تماماً وليس لديها جهاز تنفيذي ولا خدمة مدنية، واصفاً ما يحدث بالتخبط السياسي، مؤكداً استمرار النظرية بالمحاصصة وإعطاء المؤتمر الوطني 60% والأحزاب المشاركة الأخرى 40%، لأن الحكومة لا تستطيع أن تخوض تجارب جديدة لأنها محاصرة.

تقرير : مشاعر أحمد

الخرطوم (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى