تحقيقات وتقارير

طباعة العُملة.. هل تستأصل أزمة الكاش؟

يُعاني الآف المُواطنين من مُشكلة عدم توفُّر السُّيولة لدى البنوك عقب إحجامهم عن الإيداع في البنوك لندرة الكاش في المصارف عند عملية الاسترداد، وترجع الأسباب إلى عدم توفُّر السُّيولة في البلاد جَرّاء الأزمة الاقتصادية الأخيرة، والتي امتدّت لقَرابة العام، وتَشهد الصّرافات اصطفاف أعدادٍ كبيرةٍ من المُواطنين في انتظار الحُصول على أموالهم، وتَوسّعت فَجوة النقد الأجنبي ممّا دعا الحكومة إلى طباعة كميّات من العُملات النقدية لمُعالجة المشكلة، حيث تمّت طباعة العُملة فئة الـ (100) جنيه خلال الفترة الماضية، وتمّ طرح فئات جديدة من الـ (100 – 200 – 500)، ومازالت الدولة تَسير في طريق طبع المزيد من العُملات، حيث أعلنت عن وصول شحنات جديدة من النقود تمت طباعتها بالخارج وتبلغ (1,2) ميار جنيه من فئة الـ (100) جنيه، وتوقعت مصادر حكومية وصول شحنة أخرى تبلغ (2,5) مليار جنيه للمُساهمة في توفير السُّيولة النقدية بالصرّافات والبنوك وتلبية الاحتياجات وحل الأزمة بنهاية أبريل القادم، وعلى الرغم من تَصريحات المسؤولين بانتهاء الأزمة، حيث استبشر العديد من المُواطنين بتصريحات وزير المالية السابق معتز موسى منذ بداية الأزمة بمُعالجة المُشكلة، والتي أكّد على حلها خلال (10) أسابيع فقط، إلا أنّ الناظر للوضع بشكلٍ عامٍ يرى أنّ الوضع ما زال على حاله.

 

وبحسب المُتابعات، نفّذت الحكومة مطلع فبراير من العام الماضي، إجراءات غير مُعلنة بتحجيم السُّيولة لدى المُواطنين تجنباً لإيقاف تدهور الجنيه السوداني أمام الدُّولار، وَشَملَت الإجراءات تَحديد سُقوفات سَحب الودائع المصرفية بالمَصارف التجارية وتَجفيف الصرّافات الآلية، وبسبب شُـــــــح السُّيولة توقّف عدد من رجال الأعمال السودانيين عن تغذية حساباتهم المصرفية عقب قرار تحديد سقوفات السحب، وأشاروا إلى أنهم أصبحوا يُفضِّلون التعامل عن طريق “البيع بالكاش”، تجنباً لأي تضييق في سحب الودائع، بجانب ذلك فإنّ الأسعار في الأسواق شَهدت ارتفاعاً كبيراً للسلع كَافّة، مِمّا يدل على عدم نجاح الدولة في مُعالجة مُشكلة الشُّح، حيث تصر على طباعة المزيد من العُملات والتي تراه الخيار الأفضل للعلاج.

 

ومن المعلوم حسب آراء الخبراء، فإن طرح فئات جديدة وطباعتها يزيد من نسبة التضخم في البلاد ولا يعتبر العلاج الناجع لاستئصال المشكلة التي عانى معها الشعب السوداني كثيراً، ورغم تركيز السياسات الاقتصادية المُتشدِّدة التي انتهجتها الحكومة في الأعوام السابقة على عدم الاستعانة بالاستدانة من النظام المصرفي إلا في أضيق نطاقٍ وفي حُدُود المسموح به والابتعاد عن طباعة العُملة، إلا أنّ وزارة المالية أقرّت في فبراير المُنصرم عبر وزارة المالية اتجاه الحكومة لطباعة العُملة، حيث أكّدت توجيهها لدعم المواد البترولية أو استيرادها، مشيرة للآثار السالبة للطباعة خاصةً إسهامها في انفلات سعر الصرف بمُعدّلات عالية وغير مَسبوقة.

 

وأكد الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب، أنه ضد طباعة العُملة الورقية، خَاصّةً وأنها ترفع من حجم الكتلة النقدية والذي يقابله إنتاج أو مخزون من السلع التي تُنتج بالبلاد، لافتاً إلى أن تطور السياسة النقدية في البلاد ما أسماها سياسة الـ (رب.. رب) والتي توحي بعمل ماكينات أو آلات لطباعة العملة، وذلك حسب ما أفتى به النائب بالبرلمان مِمّا يعني أنه يتم دون أيِّ أساس لمفاهيم الاقتصاد، ودعا لضرورة التحكم الأمثل في حجم الكتلة النقدية، مُضيفاً أنّ ما حَدَثَ من الشعب السوداني، لأنه بدأ يُعاني من ارتفاعٍ بالغٍ في أسعار السِّلع والخدمات مُقابل كتلة نقدية كبيرة تفقد قيمتها ساعة بعد ساعة، وقال لـ(الصيحة): كان على الحكومة أن تتصالح مع المواطن والقطاعات الإنتاجية ولكنها سعت لطباعة المزيد من الأوراق النقدية، ووصف الأمر بالكارثي بكل المعايير، مُضيفاً: إذا حدث وان طبعت من قبل أوراق نقدية وتم سحبها وتخزينها فلا يوجد أيِّ مانع من أن تتم زيادة طباعتها التي أصبحت لا تساوي قيمة طباعتها والتي تُساهم في زيادة معدل التضخم، بجانب وجود المزيد من الآثار السالبة على الاقتصاد التي سيُعاني منها المُواطن البسيط، ورأى أنّه في الوقت الراهن لا تُوجد حلول، إلا حلول جذرية وهي التغيير الشامل للعملة.

 

 

فيما رأي الخبير الاقتصادي عز الدين إبراهيم أنّ طباعة المزيد من العملات سيكون له أثر في تخفيف المشكلة، لافتاً خلال حديثه لـ(الصيحة) إلى استمرار الأزمة، مُرجعاً الأسباب إلى ارتفاع مُستوى الأسعار والذي يؤدي الى زيادة الطلب على الكاش، بجانب ذلك الاستدانة الحكومية من الجهاز المصرفي، مشيراً إلى أن طبع المزيد من العُملات سيُساهم في طرح كميات منها لدى الجمهور، مُبيِّناً أنّ كمية النقود التي يتم طرحها في السوق لا بُدّ أن تكون بنسبة 70% منها لدى البنوك و30% لدى الجمهور وفي حال الزيادة ستفاقم المشكلة.

 

تقرير: إنصاف أحمد
(صحيفة الصيحة) .

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى