تحقيقات وتقارير

تَمسُّك الشعبي بالمشاركة.. سر البقاء والخُرُوج

رغم حساسيته المُفرطة من قانون الطوارئ التي امتدت معه منذ أن كان طالباً، إلا أن الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. علي الحاج أراد من خلال مؤتمره الصحفي الأخير أن يضع حدّاً للتكهنات والمُطالبات الكثيرة، بخروج الحزب من الحكومة والانضمام لقوى المعارضة. فيما يرى البعض عدم جدوى وجود الشعبي في الحكومة، حيث أعلن الحاج تمسُّكه بالمضي قُدُماً في مُشاركتهم بالحكومة، وقال: (نحن ما مارقين منها وقاعدين جُوّه ونقول كلامنا، وما واقفين في الشارع نحن مع الحكومة).

وعي سياسي

بيد أن الحاج رأى من خلال مشاركتهم في الحكومة أنها ليست حماية لأحدٍ. وفي المُقابل انتقد بشدة الذين يستخدمون لغة (تسقط بس) ودمغها بأنها جُزءٌ من سياسة الشعبي، وقال إن هُنالك مُؤتمراً شَعبياً (كاريكاتيرياً) في إشارة لبعض المُنتمين للحزب ويتحدثون باسمه وليسوا أعضاءً فيه، واسترجع الحاج في ذاكرته عندما كانوا في المُعارضة قبل ذلك، قال: كنا نقول (تسقط بس ومافي زول وقف معانا)، واعتبر الذين يدعون الى (تسقط بس) غير واعين.!

الاتّفاق والاختلاف

إن نقاط الاتّفاق والاختلاف بين الشعبي والوطني ليست كبيرة بالحد الذي يجعله يُقرِّر الخروج عن الحكومة. ولكن رغم ذلك تُشكِّل تلك النقاط مصدراً من المصادر التي تُرجِّح فرضية الخروج عن البقاء، ربما واحدة منها تلك المُتعلِّقة بالحريات وخاصة إعلان قانون الطوارئ، وأقر الحاج أنه التقى الرئيس في المرة الأولى وأكّد أنّه بحث معه إعلان الطوارئ، ولكن يبدو أنه لم يَتلقَ وعوداً من الرئيس بعدم إعلانها، ورغم ذلك يرى الحاج أنّ مُناقشة البرلمان لقانون الطوارئ بالسابقة الجديدة والإيجابية، وبالتالي لا تُشكِّل تلك نقطة سوداء للخروج من الحكومة، الإ إذا لم يتم رفعها كما أراد بأعجل ما يكون. وكان الحاج قد أكّد في حديثٍ سابقٍ على استمرارية الشّعبي في المُشاركة بالحكومة، مُوضِّحاً أنّ الخروج من الحكومة في الوقت الحالي يُعتبر هُرُوباً ولن يسهم في حل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

فقه الضرورة

ويتطابق حديث الأمين العام مع نائبه د. الأمين عبد الرازق في القضايا المُختلفة مع الوطني، وقال إنّ مشروعية الطوارئ استثنائية وهي أقرب إلى فقه الضرورة، ولكن لا يجوز التوسع فيها وبالتالي تطبيق الطوارئ تحكمه شروطٌ. ويرى عبد الرازق أنّ إعلان الطوارئ لا يكسبها مشروعية دستورية، لجهة أنها مُخالفة لكل الشروط الدستورية. ورغم ذلك اتّفق الشعبي والوطني في كثيرٍ من المُهدِّدات، فإنهم يختلفون على كثير من القضايا، ومثلما اختلفوا بشأن الطوارئ لجهة ما يترتب عليه، كذلك كان واحدة من القضايا المتفق عليها قضية الحوار الوطني وتنفيذ مخرجاته، فيما انتقد الأمين العام للشعبي علي الحاج تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ودعا إلى هيكلة ومراجعة الآلية التنسيقية للحوار، بل سَخرَ من بعض أعضائها، وقال إنّهم أصبحوا أعضاءً في المؤتمر الوطني، وأضاف: عند إعلان الطوارئ كل الأعضاء كانوا مُوافقين عليها عدا الشعبي. وبالتالي دعا لمُراجعتها وأن يتم ترشيح لعُضويتها من خارج الوزراء التنفيذيين.

عهدٌ ووعدٌ

ولكن رغم ذلك يَظل الشعبي في كل القضايا لم يَستخدم لغة الخُرُوج عن الحكومة، رغم التلويح بمُغادرة الحزب في مراتٍ سابقةٍ، ولذلك يتساءل المراقبون عن سبب بقاء الشعبي في الحكومة، وما هي الدوافع التي دفعته ليعلن مُساندته للوطني؟ وهل ما قاله الشعبي بأنّ دوافعه هي بغرض الوعد الذي قطعه مع الحزب الحاكم، أم هنالك دوافع أخرى خلف كواليس البيت الشعبي؟ وكشف نائب الأمين العام للشعبي أبو بكر عبد الرازق في حديث سابق لـ (الصيحة)، عن بقاء الشعبي بالحكومة من زاوية أنّ للشعبي عهداً ووعداً بألا يخرج من حكومة الوفاق الوطني بمسمياتها التشريعية والبرلمانية كَافّة، وأشار عبد الرازق إلى أنّ السودان يُعايش في الوقت الحالي أزمة حقيقيّة، وأردف بقوله: إذا خَرَجَ الشّعبي في مثل هذه الظُّروف فإنّ هذا يُعتبر انزلاقاً من المركب على حد قوله، مُوضِّحاً أن قرار الخروج من الحكومة إن قُدِّر له سيكون بعد انجلاء الأزمة.

روح الإجماع

ورغم القضايا المختلف حولها بين الشعبي والوطني، إلا أن الأمين السياسي للوطني د. عمر باسان في حديثٍ سابقٍ معي قال: (نحن حريصون على أن يظل المؤتمر الشعبي جُزءاً من الشراكة السِّياسيَّة التي تقوم عليها العملية السياسية بيننا والآخرين، ولا نريد للمؤتمر الشعبي أن ينظر فقط إلى خطابه السياسي يخاطب عضويته الداخلية، نريد له أن يُخاطب مجمل العملية السياسية وليس فقط إرضاء عُضويته ببعض الأحاديث التي تُشَكِّل مُزايدات سياسية أكثر مِمّا تبحث عمّا يُطوِّر روح الإجماع وتقوية الجبهة الداخلية، وعبّر عن أسفه بأنّ البعض يفتقد إلى البوصلة السياسية التي تُحرِّكه، ولفت إلى وجود شخصيات داخل المؤتمر الشعبي أكثر عداءً للمؤتمر الوطني بمُجرّد تبني د. الترابي لمواقف نقلت العلاقة بين الوطني والشعبي مائة وثمانين درجة، وبذات السرعة انتقلوا الى العكس مائة وثمانين درجة بعد وفاة الترابي.

 

تقرير: صلاح مختار
(صحيفة الصيحة) .

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى