الطاهر ساتي

الآفات ..!!

:: كما يحدث كل عام، منذ عقد ونيف، كشفت لجنة الحسابات والمظالم بالبرلمان عن وجود (273 شركة حكومية) لا تورد أرباحها في خزينة المالية، وليست لها حسابات ختامية، وذلك من جملة (300 شركة حكومية)، هكذا حال المال العام.. كل تلك الشركات تعمل وتربح وتصرف خارج سلطة الدولة.. وإذا بحثت بمحرك بحث على حاسوبك، أوقصدت دار الوثائق وراجعت أرشيف صحف العقود الفائتة، ستجد كثير أمر و توجيه وقرار وتحذير ومناشدةحول ذات الأمر، أي حول الآفات الإقتصادية المسماة بالشركات الحكومية..!!

:: وماهي بشركات حكومية، بل هي محض ضيعة تمتلكها مراكز قوى.. ولا يمض عام مالي إلا وتصدر فيه رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء أو وزارة المالية توجيها للوزارات والولايات والهيئات بالتخلص من هذه الآفات الاقتصادية .. وكذلك المراجع العام، وقد بح صوته و تقاريره من تكرار النداء بأهمية القضاء على هذه الآفات الاقتصادية المسماة بالشركات الحكومية، وذلك بالتخلص منها، ولكن يبقى الحال على ما هو عليه (معوُجاُ).. فالشركات تتهرب من المراجعة، و لاتورد أرباحها في خزينة الدولة .. !!

:: نعم، ليس في هذا العام فحسب، بل سنوياً من أوجه البؤس أن يقدم المراجع العام – للبرلمان – قائمة الشركات الخاضعة للمراجعة العامة، ولكنها رافضة .. وعلى سبيل المثال، في العام المالي 2018، بلغ حجم الشركات الحكومية حسب تقرير المراجع (431 شركة)، وكل هذا العدد رغم أنف القرارات الصادرة بالتخلص من الشركات الحكومية .. (431 شركة).. راجع منها المراجع العام حسابات (43 شركة فقط لا غير)، ومنها ست شركات لم تظهر أرباحها أيضاً.. !!

:: لعدم استقامة الأشياء في بلادنا، ولأن مراكز القوى أقوى من الدولة، ما تزال مراجعة حسابات شركات حكومية عصية على المراجع العام، ولا تزال أرباح الشركات الحكومية بعيدة عن خزينة الدولة.. إنها إحدى بؤر الفساد التي يجب أن يدكها الدكتور محمد طاهر ايلا رئيس مجلس الوزراء، فليبدأ بها الحرب على الفساد .. وقبل هذا العبث، كان هناك مكتب بديوان المراجع العام لنشاط إدارة عدلية وشرطية مسماة بمكافحة اختلاسات المال العام، وكانت أحد فروع وحدة مكافحة الفساد التابعة للمباحث المركزية..!!

:: وكانت تلك الإدارة الشرطية تدير نشاطها من ديوان المراجع العام، وهي الجهة العدلية التي كانت تستلم تفاصيل تقرير المراجع العام سنوياً، ثم تبحث وتتحرى وتحقق وتطارد عما في تلك التفاصيل من فساد و إهمال .. هكذا كان نشاط شرطة مكافحة الفساد في معقل ديوان المراجع العام، ولم تكن هناك فوضى الشركات .. ولكن نجحت مراكز القوى في تحجيم الشرطة وإخراجها من ديوان المراجع العام، ومن هنا بدأ تهرًب الشركات من المراجعة وعدم إيرادها لأرباحها في الخزينة العامة و كل مظاهر الفساد ..!!

:: وعليه.. ليس بمراجعتها فحسب، بل لن يتعافى الاقتصاد ما لم يتم التخلص من هذه الآفات الاقتصادية ( شركات الحكومة) .. والغريب في الأمر، فالسادة لم يتوانوا في تدمير مرافق إستراتيجية في حجم وأهمية (سودن لاين وسودان إير)، لينافسوا رجال الأعمال و التجار في التجارة .. نعم، مٌحزن للغاية أن تؤسس وحدات حكومية وكالات سفر وسياحة في شوارع الخرطوم ، وفي ذات اللحظة تتخلص من ناقل (استراتيجي جوي) و آخر (استراتيجي بحري).. وهذالتناقض هو المسمى بسياسية تحرير الاقتصاد ..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى