الطاهر ساتي

اختفاء .!!

:: يوم الخميس الفائت، أعلنت رواندا إطلاق قمر صناعي خصيصاُ لتزويد مدارس الأرياف بخدمات الإنترنت (مجاناُ)، وتقول حكومة رواندا : ( كان ضرورياً إنفاق ما يقارب الإثنين مليار دولار لمد مدارس المجتمعات النائية بخدمات الإنترنت) .. ولكن في بلادنا، حيث موطن المآسي، يوم الخميس الفائت أيضاُ، بالتزامن مع إنطلاقة خدمات القمر الصناعي الرواندي، تحدثت أخبار الصحف عن احدى كوارث التعليم العام ..!!

:: إذ يقول الخبر المؤسف : أكد معتمد البطانة – بولاية القضارف – إغلاق ما يزيد عن ( 60 فصلاُ) من فصول الصف الأول بمدارس مرحلة الأساس بمحلية البطانة، وذلك بسبب الجوع و التسرب، ثم يقول المعتمد إن بعض المدارس شهدت تسرباً أفضى إلى (اختفاء فصول)، وهناك إنخفاض مريع في عدد الجالسين لامتحانات شهادة الأساس بمدارس المحلية .. وعلى سبيل المثال، هناك أربعة تلاميذ في المدرسة الواحدة..!!

:: هكذا الفرق .. هناك يصرفون المليارات و يطلقون الأقمار لتوزيع خدمات الإنترنت مجاناُ على مدارس الأرياف، وهناك يغلقون فصول أهم مراحل التعليم بسبب جوع التلاميذ وإرتفاع نسب التسرًب .. وليست في البطانة فقط، بل قبل أشهر كتبت الصحف عن أطفال بالمدارس الثانوية والأساس يغسلون السيارات في غابة السنط بالخرطوم، وذلك منذ الصباح الباكر وحتى نهاية اليوم الدراسي، أي يتسربون من الفصول ، ثم يغادرون إلى ديارهم بجنيهات بالكاد تسد رمقهم وأسرهم..!!

:: مكافحة التسرب وعمالة الأطفال ليست من أولويات السلطات الحكومية في بلادنا، اتحادية كانت أو ولائية ومحلية .. وفي الخاطر، قبل أشهر، وهم يناقشون تقرير المجلس الأعلى للبيئة، حذر نواب الخرطوم من كارثة بيئية بسبب انتشار النفايات، ثم انتقدوا ظاهرة استخدام الأطفال في جمع النفايات، ثم قالوا بلا حياء: (الأطفال لا يعرفون التعامل مع النفايات).. نقدهم كان لاستخدام طفل لا يعرف التعامل مع النفايات، وليس لاستغلال الأطفال بدلاً عن تعليمهم ..!!

:: ثم في الخاطر ، قبل أشهر أيضاً، عندما تبرعوا للدورة المدرسية بملبغ (ألف جنيه)، تباهى والي جنوب دارفور بتبرعهم وأصدر توجيهاً بإعفاء أطفال الدرداقات من الرسوم الدراسية.. وأطفال الدرداقات – بنيالا وغيرها – ما هم إلا نتاج للوضع الراهن بكل محليات السودان، وما هم إلا بعض حصاد التسرب .. ما كان على قانون الطفل أن يكتفي بعلاج التحرش والاغتصاب بنصوص العقاب، بل كان عليه أن يُجنِّبَ الأطفال مخاطر التسرُب من المدارس ..!!

:: نعم، يجب أن يمنع القانون ويردع (عمالة الأطفال)، وأن يكون تعليمهم مجاناً و(إلزامياً)، وأن يطال العقاب ولي أمره في حال تجاهله تعليم صغاره، ويطال أيضاً من يستغلهم في الأعمال، وكل مسؤول عاجز عن توفير الحد الأدنى من وسائل التعليم .. معاناة الأطفال في الأسواق و فيافي الذهب و المراعي من الماسي التي لا تخطئها عين .. ولكن من نلقبهم بالمسؤولين، لا يعلمون أو يتجاهلون، ولذلك يكتفون برصد وتوثيق نسب التسرب و إختفاء، بسبب الجوع و العمالة ..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى