تحقيقات وتقارير

الجمع بين منصبيين..(الجنرال) في وجه التحديات.!

بموجب التعديلات الأخيرة بالخارطة السياسية والتي بدأت منذ خطاب رئيس الجمهورية يوم الجمعة قبل الماضي، يخوض الفريق أول ركن عوض ابن عوف تحدياً استثنائياً، وذلك بجمعه بين منصبي النائب الأول ووزير الدفاع، في وقت يخشى فيه المراقبون بأن تأتي التجربة خصماً عليه خاصة وأنه في غضون عام ونصف العام كانت حصيلة الجمع بين منصبين غير جاذبة بعد تجربتين، إذ جمع سلفه الفريق أول ركن بكري بين منصبي النائب الأول ورئيس الوزراء، وكذلك معتز موسى بين منصبي رئيس الوزراء ووزير المالية، ما جعل مهامها صعبة للغاية فهل ينجح الجنرال ابن عوف في التنسيق المحكم ويقدم تجربة ناجحة.

 

وأفضى الحوار الوطني الذي انخرط فيه أكثر من 120 حزباً سياسياً وحركة مسلحة إلى استحداث منصب رئيس الوزراء ليحظى الفريق أول ركن بكري حسن صالح في مارس من العام 2017 بأن يكون أول من يتقلد هذا المنصب في عهد الانقاذ وليجمع ما بين هذا الموقع الرفيع ومنصب ارفع منه وهنا اعني النائب الاول، ورغم تفاؤل الكثيرين بمقدم بكري الذي عُرف عنه الصرامة والحزم الا ان حكومة الرجل واجهت ظروفاً اقتصادية صعبة فاشتد الهجوم عليها ابان اجازة موازنة 2018 واجتهد الرجل كثيراً في ان يحافظ على التنسيق المحكم بين القصر ورئاسة الوزراء والعمل على اجتياز الظروف الصعبة ولكن يبدو ان تصاريف العمل العام الذي لا يعترف بالتوقعات واحوال الاقتصاد المتقلبة وقفت عائقاً امام الرجل، وفي ابريل من ذات العام بدأت الاقوال تتناثر هنا وهناك عن ضرورة فك الارتباط بين المنصبين حتى يكلف رئيس وزراء بمهام رئاسة الوزراء ويبقى بكري نائباً في القصر من مكانه، شريطة ان يكون اقتصادياً، وفي سبتمبر من ذات العام عين معتز موسى رئيساً للوزراء خلفاً لـ بكري الذي احتفظ حينها بمنصبه الرفيع داخل القصر الجمهوري .

 

وعلى ذات منوال سلفه جاء معتز موسى وهو محاط بقدر عال من التفاؤل خاصة وانه يمثل شريحة الشباب سواء أكانت لرمزية الاسلاميين او حزب المؤتمر الوطني، والشيء الثاني انه من خريجي اقتصاد الخرطوم وقدم تجارب ناجحة في المناصب التي تقلدها واخرها وزارة الكهرباء كما انه يتحدث ثلاث لغات (انجليزية ، فرنسية ، المانية) عوضاً عن لغته الناعمة مع قطاعات المجتمع وهو ما جعله في نظر الكثيرين بمثابة (مسؤول عصري) اذ انشأ موسى صفحات للتواصل الاجتماعي مباشرة ما بينه والمواطنين سواء أكان ذلك تغريداً على تويتر او بوستات في الفيس بوك وغيرها كما انه كان متواضعاً، الامر الذي جعله محل احترام للكثيرين ولكن يبدو ان معتز ادخل نفسه في حقل من الالغام بجمعه بين منصبي رئيس الوزراء ووزير المالية والاخير بات من المناصب المخيفة حتى لاصحاب القدرات العالية لجهة ان المشاكل التي تحيط باقتصاد السودان معقدة للغاية، ورغم ان معتز موسى كان متطلعاً واستطاع ان يخلّف افكاراً واطروحات جديدة الا ان معضلات الاقتصاد نالت من تجربته وقادت ايضاً الى احتجاجات شعبية جراء تفاقم الوضع الاقتصاد والغلاء وندرة بعض السلع المهمة لينتهي الامر بحل حكومة الوفاق الثانية برئاسة معتز موسى وحكومات الولايات وفرض حالة الطوارئ، وذلك في خطاب رئيس الجمهورية الاخير بالقصر الجمهوري..

 

تجربة الفريق أول ركن عوض بن عوف الذي يجمع حالياً بين منصبي النائب الاول ووزير الدفاع قد تبدو مختلفة في معطياتها ودلالاتها عن تجربتي الفريق اول ركن بكري ورئيس الوزراء السابق معتز بحسبان انهما جمعا بين منصبين أبعادهما سياسية واقتصادية فيما يجمع ابن عوف بين منصبين سياسي وعسكري .

 

ويرى خبراء بان تجربة ابن عوف قد تنجح، وذلك لجهة ان الظروف التي اقتضت جمعه بين منصبين جاءت بموجب تغييرات عامة تشهدها البلاد والتي تمضي حالياً بخطى قانون الطورائ بعد الاحتجاجات التي عاشتها البلاد لسوء الظروف الاقتصادية وافضت الى حل حكومة الوفاق وتكليف ابن عوف بمهام وزير الدفاع مع 3 وزراء اخرين هم الخارجية ورئاسة الجمهورية وديوان الحكم الاتحادي ولاحقاً اصدر الرئيس مرسوماً بتعيينه نائباً اول معتبرين بان فرص نجاح ابن عوف اكبر من سلفه بكري وكذلك معتز موسى .

 

و يرى الخبير السياسي البروفسير حسن الساعوري في حديثه لــ(الانتباهة) ان الجمع بين منصبين رفيعين غير مفهوم ،وتابع : ليس من داع لذلك ولا اعتقد بان البلاد فيها ازمة كوادر كما انه ليس بالضروري ان يكون متقلد مهام وزير الدفاع عسكرياً وبالامكان الاستعانة بالسياسيين وزاد قائلاً الجمع يعني تقسيم الوقت والجهد بين الوظيفتين وقد ينجح من يتقلد المنصبين في واحد على الاخر .

وبالمقابل فان الخبير الامني اللواء (م) د.محمد عباس يختلف مع الرأي السابق حيث استشهد خلال حديثه لـ(الانتباهة) بتجارب لعسكريين نجحوا في الجمع بين منصبين وقال انه تم الاخذ بها في عهد النميري حينما جمع اللواء خالد حسن عباس الذي كان من ابناء الدفعة العاشرة انذاك بين منصبي النائب الاول ووزير الدفاع، والتجربة الثانية الفريق اول عبد الماجد حامد خليل الذي كان اول الدفعة السابعة بمعية سوار الذهب وعمر محمد الطيب وعدد كبير من الضباط الذين تولوا مناصب قيادية رفيعة في القوات المسلحة وشغل الفريق اول عبد الماجد بين منصبي وزير الدفاع والقائد العام وامين عام للاتحاد الاشتراكي الذي كان يمثل ارفع المناصب السياسية في ذلك الزمان، ويضيف محدثي في سرد افاداته ويقول :بعد عبد الماجد جاء الفريق عمر محمد الطيب الذي كان نائباً للرئيس ورئيساً لجهاز امن الدولة وكذلك النميري نفسه الذي جمع لفترات طويلة بين منصب الرئيس ووزير الدفاع ، واضاف عباس وقال بان تجارب عبد الماجد وعمر محمد الطيب كانت ناجحة جداً مشيراً الى ان النائب الاول ووزير الدفاع الحالي الفريق اول ركن عوض ابن عوف في السن اكبر من التجارب السابقة وكذلك لديه خبرات ممتازة واتوقع ان ينجح نجاحاً كبيراً ..

 

أما الخبير الاستراتيجي د.عصام بطران بدوره قال لـ(الانتباهة) بان هنالك مناصب ذات خصوصية تحتمل ان تجمع مع اخرى، ومن الافضل ان يجمع بين منصبين في شق واحد وتابع بان الجمع بين المناصب السيادية مع المناصب ذات الخلفية العسكرية تحتمل وقد يقدم من يتقلدها اداءً متميزاً ، وبحسب بطران فان فرص نجاح ابن عوف كبيرة جداً خاصة وان ابن عوف بجانب طبيعته العسكرية عمل دبلوماسياً بالخارجية في فترات سابقة وكان سفيراً بسلطنة عمان قبل ان يعاد الى الخدمة بالرتبة العسكرية الرفيعة وبالتالي اتوقع ان يؤدي مهمة الجمع ما بين منصبين بسلاسة وتنسيق محكم.

تقرير: محمد جمال قندول
(صحيفة الانتباهة) .

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى