ناهد قرناص

ميراث الغضب

فيلم امريكي ..البطلة تعمل محامية اشتهرت بفوزها في القضايا التي تمثلها امام المحكمة ..اكتشفت انها استطاعت اقناع المحكمة ببراءة فتاة رغم تورطها في مقتل صديقتها ..هذا الموقف جعلها تراجع سجل قضاياها السابقة وتقرر الاعتذار لشاب تسببت في سجنه11 عاما رغما عن براءته ..عند اللقاء وبعد ان استمع الشاب لاعتذارها وبكائها ..قال لها (انتظرت طويلا هذه اللحظة ..ان تاتي معتذره لي ..لكني عندما رأيت دموعك اكتشفت ان هذا افضل ..ان اراك تبكين وتتوسلين المغفرة ..لانك لم تتركي لي شيئا غير الكراهية )

الشعارات التي رفعها الشباب في التظاهرات الاخيرة ..كانت وليدة مشاعرهم التي تكونت خلال سنوات قضوها وهم يستمعون لكل الشعارات والمقولات الاستفزازية التي رددها منسوبي الحزب الحاكم ابتداء من (فلترق كل الدماء ) ..مرورا ب عبارات (لحس الكوع ) و (الرهيفة التنقد )..و (الشعب السوداني كان شحات )..وليس انتهاء بالتهديد المباشر بقطع الرقاب واستدعاء كتائب الظل ..لذلك العجيب ان يستغرب منسوبي النظام شعارات على شاكلة (اي كوز ندوسو دوس ) ويعدونه نوعا من الإقصاء وهم اكثر حزب مارس الإقصاء على اساس الفكر ..وأقال اناس كثر..وزج بالكثيرين في السجون فقط لأنهم يقفون على الجانب الاخر من الشاطئ .. ..ماذا كنتم تتوقعون من شعب لم تتركوا له غير الكراهية ؟

عندما حانت الفرصة للجهات الحكومية للتعامل مع حراك التظاهرات الشبابية ..كانت ردة الفعل الحكومية عنيفة جدا لاناس يرفعون شعار السلمية ..فلم تكتف الحكومة بتفريق التظاهرات بالقوة واستخدام البمبان وضرب المتظاهرين ..ولكنها أيضا مارست الاعتقال (من طرف ) وامتلات السجون حتى فاضت ..اعتقلوا الشباب والبنات والرجال والنساء ..طاردوا الأطفال وتابعوا الصبيان في الطرقات .. و انتهكوا حرمات البيوت .. اعتقلوا اشخاص لا ذنب لهم غير بذل انفسهم متطوعين لنجدة الجرحى واسعاف المرضى ومحاولة توفير ما غلا ثمنه من علاج ودواء ..

قل لي بربك ما هي تهمة شخص مثل (ناظم سراج؟ ) ولماذا يتم اعتقاله طوال هذه المدة ؟ ماهو ذنبه غير وقوفه بجانب المصابين واسر الشهداء ؟ ..ولو فكرت الجهات الرسمية قليلا لوجدوا ناظم يقدم خدمة مجانية لهم باسعاف الجرحى والمصابين ..والا كان سيرتفع عدد الشهداء لارقام فلكية (لا قدر الله) .. يعني حتى اؤلئك الذين يسهمون في جعل العلاج ممكنا للجميع يتم اعتقالهم ..لم تكتف الحكومة بكل ما سبق ولكن مارست القتل المباشر بالرصاص الحي والتعذيب في المعتقلات حتى الموت ..لذلك نقول ماذا كنتم تنتظرون من شعب لم تتركوا له شئ غير الكراهية ؟

المفارقة ان هؤلاء الشباب ..عندما اتاح لهم الزمان فرصة الانتقام ..لم يفعلوا شيئا ..لم يطبقوا الشعار الذي يهتفون به ( كل كوز ندوسو دوس) ..بل حدث العكس تماما .. ساعدوا احد منسوبي القوات الرسمية عندما تعثر ..رفعوه من الأرض وقالوا له (نحن اخوانك) ..شيعوا اؤلئك الذين تركوا سيارتهم الرسمية ..بعبارات مثل (سلمية …سلمية ..كلنا اخوان ) ..الشباب اثبتوا بان هذا الشعار ما هو الا كلمات حماسية ..لكنهم عند المحك ..يحتكمون الى العقل ..ولا يمارسون الاقصاء كما يظن البعض ويعتقد.

في نهاية الفيلم ..تقول البطلة (لا يمكن لاحد تغيير الرياح ..ولكن يمكن ضبط شراع السفينة) ..نعم لا احد يمكنه ايقاف الموج القادم من التغيير .. طال الزمن أو قصر ..فالفجر آت باذن الله ..والحرية والسلام والعدالة ..قادمة بلا شك..حينها حتما سيتم احقاق الحق ويسود العدل ..وتختفي الكراهية ويكون الوطن للجميع دون اقصاء ولا عنصرية.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى