سعر الدولار (85) جنيهاً بالشيك.. محاذير اقتصادية وفقهية

منذ نحو عام لم تراوح مشكلات توفر الكاش ونقص السيولة مكانها، رغم سعي وزارة المالية والبنك المركزي لوضع حل لها دون جدوى، حيث أعلنت وزارة المالية التحول للدفع الإلكتروني للوحدات الحكومية كافة مقابل طرح البنك المركزي فئات كبيرة من العملة، ومع دخول عام تطبيق التحول الإلكتروني وبدء التعامل رسمياً بالفئات الكبيرة، لم تُحل المُشكلة، بل نتجت عنها ممارسات مضرة بالاقتصاد ومنها بيع الدولار بالشيك بمبلغ أعلى من الكاش، فما هي الأسباب..؟

أرجع مختصون فروقات سعر الدولار بالشيك لاستمرار أزمة شح السيولة، حيث يباع الدولار من المتعاملين في سوق العملات بسعر “85” جنيهاً بالشيك، مقابل “71” جنيهاً للكاش بفارق “14” جنيهاً، تعادل “20%” من قيمة المبلغ الأساسي، فيما يحذر البعض من محاذير فقهية تتمثل في خطورة وحرمة التعامل في تلك البيوع باعتبارها عملية ربوية.

للدقة، ينحصر بيع الشيك بمبلغ أعلى في تجارة الدولار فقط دون الجنيه، حيث يتخوف عدد من تجار العملات من بيع الكاش من الجنيه بشيك بقيمة أعلى لكونه عين الربا، وينشط عدد من التجار في منطقة وسط السوق العربي وشارع الحرية في بيع الدولار بسعرين، أحدهما بالكاش والآخر بالشيك المصرفي، ولكل تسعيرة مختلفة.

حتى العام الماضي، كانت تجارة الدولار وتسعيره في السوق الموازي يتم بشكل مقارب للسوق الرسمي للحكومة ممثلة في بنك السودان المركزي، وكان الفارق بين السعرين لا يتجاوز بضع جنيهات، ولكن مع استمرار وتفاقم مشكلات الوضع الاقتصادي بات من الصعوبة الحصول على تلك العملة عبر المنافذ الرسمية للحكومة، التي عانت بدورها من ندرة في العملات الأجنبية التي يتصدرها الدولار مع عجز بائن في الميزان التجاري، جعل مهمة المعالجة أكثر تعقيداً.

ورهن الخبير الاقتصادي، د. عادل عبد المنعم، حل المشكلة بقدرة القطاع المصرفي على تلبية طلبات الصرف من شيكات المتعاملين، وقال إن التاجر لا يقبل شيكاً لا يعلم متى يصرفه، مما يجعله يفضل الحل الأسهل “الكاش”، مشيراً لـ(الصيحة) إلى أن رفع تجار العملات لسعر الدولار بالشيك المصرفي يؤكد وجود صعوبة في صرف الشيكات من القطاع المصرفي، داعياً الحكومة لحل مشكلة السيولة أولاً ليس فقط بطباعة فئات جديدة وكبيرة، بل بزيادة الإنتاج وجلب عوائد صادر تسد عجز الميزان التجاري.

ويشكك مختصون في تسعير آلية صناع السوق للدولار بـ”62” جنيهاً، مشيرين إلى أن الآلية نفسها ليست على استعداد لتوفير الدولار لطالبيه بهذا السعر ومنها التحويلات المخصصة لطالبي التعليم والعلاج بالخارج ومنصرفات السفر، وهو وضع كان متوفراً قبل تكوين آلية صناع السوق، وبمعنى أدق قبل إخراجها للعلن بلاً من عملها السابق كلجنة داخل البنك المركزي.

ويتساءل الخبير المصرفي وعميد أكاديمية العلوم المالية والمصرفية د. خالد الفويل، عن تسعير البنك المركزي ولجنة آلية صناع السوق، معتبراً أنها غير واضحة، وقال الفويل لـ(الصيحة) أمس، إن بيع الدولار بالشيك بسعر أعلى من الكاش هو نتيجة حتمية لاستمرار أزمة الكاش وصعوبة الحصول عليه، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي لا يزال غير قادر على تلبية طلبات المتعاملين في السحب من حساباتهم والصرف عبر الشيكات، موضحاً أن العجز لم يقتصر فقط على المبالغ الكبيرة، بل حتى بضع آلاف من الجنيهات لا يمكن الحصول عليها بيسر، موضحاً أن هذه التعقيدات انعكست تلقائياً للتعاملات التجارية في الأسواق، وفي البيع والشراء بحيث يكون هنالك سعر مختلف للشيك عن سعر الكاش، وحذر الفويل من خطورة هذا الأمر، معتبراً أنه معاملة ربوية ممنوعة فقهياً ودينياً، لكنه عاد ليقول إن الحكومة عليها معالجة الأسباب الرئيسية التي تسببت في ذلك، وليس مخاطبة الأعراض الناتجة عن الأسباب، لافتاً إلى أن أول معالجة يجب القيام بها تتمثل في إعادة ثقة العملاء في القطاع المصرفي وتمكينه من صرف أمواله المودعة في حسابه بالبنوك، مع إجراءات اقتصادية أخرى تتعلق بالإصلاحات الهيكلية المطلوب تطبيقها.

تقرير: جمعة عبد الله

الخرطوم: (صحيفة الصيحة)

Exit mobile version