الطاهر ساتي

العقود ..!!

:: قبل عام تقريباُ، سألت الدكتور جلال شليه، وكان المدير العام لهيئة الموانئ البحرية، ومهندس العقد الموقع مع الشركة العالمية الفلبينية، عما يحدث في ميناء بورتسودان الجنوبي، فقال بالنص: ( لن يحدث شئ في كل الموانئ غير تطويرها بشراكات أجنبية، إذ ليس هناك خصخصة ولا تشريد للعمالة ولا بيع للميناء كما يظن البعض)، ونشرت حديثه .. ولكن ما يثير توجس الناس – اليوم – من هذا العقد المثير للجدل هو ( غموضه) و مصير العاملين وحقوق الأهل بولاية البحر الأحمر..!!

:: نعم، ليس هناك ما يمنع تطوير الموانئ بالشراكة مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي، وهكذا تفعل كل دول الدنيا والعاملين..ولكن الشاهد أن الصوت الرافض لإشراك القطاع الخاص في تشغيل وإدارة الموانئ البحرية يبدو (عالياُ) بالبحر الأحمر، فلماذا؟..تًخطئ السلطات الحكومية لو ظنت بأن هناك من يرفض تطوير الموانئ وجذب القطاع الخاص إليها، فمن وحي تجارب تكدس الحاويات وترهل العمالة وضعف الموارد، فان القطاع الخاص هي الحل لتجاوز كل أنواع الفشل والعجز والتردي بالموانئ ..!!

:: ولكن ما يُعيب العقد الموقع مع الشركة الفلبينية هو غياب أهم العناصر .. الشفافية.. وعلى سبيل المثال، ما مصير العمالة؟، وكم قيمة العقد؟، وكم منها مدفوع مقدما؟، وكم تدفع شهرياٌ؟، و كم فترة العقد؟، وهل هو عقد تشغيل أم تشغيل وتطوير؟، وهل التشغيل بآليات الموانئ البحرية أم سوف تجلب الشركة آليات حديثة؟، وهل على الشركة مسؤولية إجتماعية أم لا؟، وهل لولاية البحر نسبة من قيمة العقد أم لا؟.. والكثير من الأسئلة المشروعة إجاباتها (مغيبة)، وكان يجب تمليك إجاباتها لرأي العام، قبل العاملين بالموانئ قبل التوقيع ..!!

:: ويوم الثلاثاء الفائت، بعد أن دخلوا في إضراب عن العمل لمدة أربع ساعات، ذهب إليهم وزير النقل حاتم السر وهناك نفى وجود اي أتجاه لتشريد أو تهميش العاملين، موضحاً حرص الدولة على حقوق ومكتسبات العاملين، وبان الاتفاق الذي تم التوقيع عليه مع الشركة الفلبينية تخدم مصلحة السودان في مجال النقل البحري، والاستفادة من الخبرات العالمية لمواكبة التطور والتنافس العالمي ..حسناً.. إن كان الإتفاقية بكل هذه المثالية، فما الذي يمنع السادة المسؤولين – بوزارة النقل وإدارة هيئة الموانئ – عن إشراك أهل السودان جميعاُ، بمن فيهم العاملين بالميناء الجنوبي، في معرفة تفاصيل الاتفاقية ..؟؟

:: وعلى كل، نأمل تخصيص بعض موارد الموانئ لأهم مشروع خدمي وإستراتيجي ينتظره أهل الثغر لأكثر من عشرين سنة، وهو مشروع مدهم بمياه النيل .. لقد كثرت الوعود، ومن عقود الموانئ – مع الشركات الأجنبية – كان يمكن تنفيذ الوعود.. ولعلكم تذكرون تداعيات أزمة المياه الحادة التي ضربتهم قبل أشهر، بحيث كادت أن تُشعل (أزمة أمنية)، إذ عمت مظاهرات الغضب كل أحياء بورتسودان، وبالتظاهرة إنتبهت السلطات إلى عطش الناس.. ولو لم يتظاهر العطشى لماتوا عطشاً، ولقالت التقارير الرسمية قتلتهم (حيتان البحر).. فالسلطات كما تتقن توفير أسباب الموت الحقيقية، تتقن أيضاُ توفير الأسباب (الوهمية)..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى