الطاهر ساتي

تقليص آخر ..!!

:: لعلكم تذكرون، في اكتوبر 2013، عندما زادت أسعار الوقود وغضب الشارع ونقلت وسائل الإعلام ردود الفعل، استضافت قناة العربية القيادي بالحزب الحاكم الدكتور قطبي المهدي، وسألته عن تأثير الزيادة في حياة الناس، فقال بالنص : (لن يتأثر الشعب السوداني بزيادة سعر البنزين، فالسواد الأعظم منهم يتنقل بالدواب)، فابتسم المذيع.. وما لم تتدارك وزارة المالية وبنك السودان ما يحدث حالياً في عالم الطيران، فان الشعب على موعد مع التنقل – في أرجاء الكون – بالدواب، وبهذا يكون قطبي قد صدق ..!!

:: والمؤسف أن السادة لم يبالوا بما يحدث في عوالم الطيران – الأجنبي والوطني – رغم المحاذير الكثيرة .. فالحدث لم يبدأ بالأمس، بحيث تنفي سلطة الطيران المدني مسؤوليتها عما حدث أو لتجتمع وزارة المالية مع بنك السودان وغيره، بل منذ أشهر تعلن شركات الطيران الأجنبية عن صعوبات تواجه تسيير رحلاتها إلى الخرطوم، ثم تقلص الرحلات .. ومثل هذا التقليص من الأحداث ذات الوقع المؤلم على أنفس أهل السودان، ومن الأخبار الصادمة لأي مواطن سوداني .. والمؤسف أن القطرية التحقت بركب التقليص وبدأت في تخفيض عدد رحلاتها إلى الخرطوم، وكذلك الخطوط الكينية ..!!

:: وقادمات الأيام حبلى بالمزيد من التقليص .. إذ لم يعد هناك خيارٌ أمام شركات الطيران غير الامتثال لخسائر أو بيع تذاكرها بالدولار أو تخفيض رحلاتها لحد التوقف، كما فعلت شركة لوفتهانزا في أكتوبر العام 2013.. نعم، بعد نصف قرن من خدمة شعبنا وشعوب الدول المجاورة، تأسف هارتموت فولتس المدير العام لفرع لوفتهانزا بالسودان، واعتذر عن تسيير الرحلات المباشرة من فرانكفورت إلى الخرطوم، وذلك لعجزها عن مجابهة تكاليف التشغيل وتحويل أموالها بغير دولار السوق الأسود..!!

:: يومها قلت إن إيقاف شركة طيران عالمية بحجم لوفتهانزا رحلاتها إلى الخرطوم يجب أن يكون حدثاً يشغل عقول ولاة أمر اقتصاد البلد بحيث تعيد العقول النظر في أمر سياساتها وطرائق تعاملها مع شركات الطيران (أجنبية كانت أو وطنية)، ولكن لم يشغل الحدث عقولهم، ولم يبالوا به، ولم يتأسّفوا كما فعل فولتس.. وكما لم يبالوا بقرار توقف رحلات لوفتهانزا بالأمس، فلن يبالوا اليوم أيضاً بقرارات تقليص الرحلات التي قررتها القطرية و الكينية وغيرها، ولن يبالوا حتى ولو أوقفت كل الشركات رحلاتها لحد انعزال بلادنا عن العالم.. فالسادة لا يشعرون بالأحداث والمخاطر..!!

:: ثم تحسباً لتقليص أو إيقاف الشركات الأجنبية رحلاتها، ناشدت السلطات كثيراً بدعم الشركات الوطنية، بحيث تكون قادرة على خدمة المواطن بأسعار مناسبة، كما كانت تفعل الناقل الوطني (سودانير)، قبل تدميره .. نعم مع الالتزام بسياسة تحرير الأجواء، كان يجب خلق سياسة تُمكِّن شركات الطيران الوطنية من منافسة الشركات الأجنبية.. فالدول من حولنا لا تعامل شركاتها الوطنية – عامة كانت أو خاصة – بذات تعاملها للشركات الأجنبية، إذ للشركات الوطنية امتيازات.. ولكن سياسة الحكومة، كما ترغم الشركات الأجنبية على تخفيض وإيقاف الرحالات، فإنها أيضا ترغم الشركات الوطنية على التخفيض والايقاف ثم (التصفيات).. ربما لتحقيق ( نبوءة قطبي)..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى