ناهد قرناص

خارج السرب

قال لي صاحب المكتبة التي أتعامل معها (يا استاذة ..قالوا طبعوا عملة بي 100 جنيه ..هسه لما واحد يجي يشتري جريدة ويدفع ورقة بي 100 اديهو الباقي من وين )..نظرت اليه مفكرة ..قبل ان افتح فمي للحديث .. سمعت صوت احد العملاء الذي يتصفح احدى الجرائد ..قال له (حتكون الجريدة بقت بي 100 جنيه ..لانو الناس دي بتطبع ساكت ..قايلين القصة حبر ..وورق)..ضحكت فعلا ..وشر البلية ما يضحك .

في خضم الاحداث ..والتظاهرات ..والسماء التي صارت ملبدة بالغاز المسيل للدموع ..والبمبان ..الطرقات التي تلونت بدماء الشهداء ..والموت الذي خيم بظلاله على كثير من البيوت ..في العاصمة والولايات ..يتحفنا الجانب الحكومي بصور يعتبرها بشريات ..صور لاوراق عملة جديدة فئة المائة جنيه ..والمطبعة تعمل بكامل كفاءتها ..على حد قول الفاتح عز الدين (رب رب رب ) ..بالمناسبة ( وين الزول دا ؟ ).

الحق الذي يجب قوله هو اننا كنا نتوقع حلا جذريا لمشكلة الاقتصاد السوداني ..بعد كل تلك البروباغندا التي حدثت من شاكلة اقتصاد الصدمة ..والحلول المبتكرة ..وحاجات وشنو ..وشنو ..لكن ان يكون الحل هو (رب رب رب ) هذا هو العجب العجاب ..ان كانت الدولة ستطرح فئات عملة جديدة مما يعني الطباعة على المكشوف دون وجود غطاء ذهبي ..او رصيد عملة صعبة ..لماذا اذن كان الانتظار ؟ ولم كان التقشف ؟ ولماذا تم (عصرنا ) حتى (جبنا الزيت ؟) ..

وما هي المخارج التي ستنتهجها الحكومة للخروج من نفق العملة التي تفقد قيمتها يوما بعد يوم ؟ اقول هذا وانا التي لا افهم في تفاصيل الاقتصاد ولا حيثياته ..لكني (شقيت المقابر ) ..واعرف جيدا ما الذي يعنيه طرح عملات ورقية جديدة بفئات كبيرة ..انها حافة الهاوية وايم الله.

ان كان هذا هو (الطريق الصحيح) الذي تقصدونه ..اسمعوا لقولي فاني لكم من الناصحين ..انتم تغردون خارج السرب تماما ..الشباب الذي خرج متظاهرا ..خرج لان الملل قد أصابه جراء سماع افكار (رزق اليوم باليوم ) ..خرج لانه اصبح لا يصدق المقولات التي تروج لافكار المؤامرة والاستهداف وايه مش عارف ايه..خرج لانه ضاق ذرعا بمعاملته كفأر تجارب ..كل يوم تطبق عليه نظرية جديدة علها تصيب …وان خابت ليست هناك جهة محاسبة ..ولا مراجعة ..انما فكرة اخرى تتفتق عنها عبقرية اخرى ..وهكذا دواليك ..

صور تشغيل مطبعة الاوراق المالية التي اتت بعد طول غياب ..ربما كانت ستدخل الفرح في قلوبنا لو اتت في زمن اخر ..وواقع مختلف ..لكن يا اصحاب السعادة (الزمن غير ملامحنا ..ونحن بقينا ما نحن )..فلم نعد ذلك الشعب (الصابر علي المحنة ) ..تغيرت اشياء واشياء ..وعدت مياه كثيرة من تحت الجسر ..بل قل ان المياه جرفت الجسر معها ..فصعب معه العبور الي الضفة الاخرى ..لذلك يؤسفنا ان نقول لكم ..( من بعد ما فات الاوان ! ).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى