الطاهر ساتي

( كلات الموانئ )

:: قبل أشهر من الأزمة التي يشهدها الميناء الجنوبي بورتسودان (حالياُ)، كتبت ما يلي : عندما يتحدث البعض عن أزمات الموانئ، عليهم تجاوز شتم المدير ولعن الخفير إلى ما هو أعمق .. فالموانئ لم تطور، بل تدهورت .. ولقد تأخر فصل الرقابة والإشراف عن الخدمات والتشغيل بهيئة الموانئ البحرية، وعدم الفصل من أسباب التدهور.. أكرر، من الأسباب وليس كل الأسباب.. ولو أتقنت الحكومة الرقابة والإشراف بنزاهة وشفافية، فان شركات القطاع الخاص تتقن تشغيل وتطوير الخدمات، وكل ميسر لما خلق له .. !!

:: ولذلك، أي لأن الغاية هي التطوير والتحديث والمواكبة، فمع العض على حقوق العاملين بالنواجذ، فلم يكن هناك ما يمنع إستيعاب ذوات الكفاءة والخبرات من شركات الخدمات والتشغيل بالموانئ وغير الموانئ ..فالاقتصاد الحديث – في الدول الناهضة- يتكئ على نهج تقزيم السلطات الحكومية وتضخيم سلطات الشركات..ولكن في بلادنا ليس بمدهش أن يشجع البعض الحكومة على إنشاء هيئات لبيع الشاي والقهوة للمارة، أولبيع الفول والطعمية لطلاب المدارس.. وكل هذا يحدث رغم أنف شعار (تحرير الإقتصاد)، المرفوع شعاراُ فقط لاغير ..!!

:: هم لا يعلمون بأن الحكومات الذكية هي التي تكتفي أجهزتها بالتشريع والرقابة والإشراف، وتفسح سوح الإنتاج والخدمات لشركات القطاع الخاص، بنزاهة و ( شفافية)..ولكن ( كالعادة)، في بلاد اللاشفافية، تفاجأت نقابة العاملين بالموانئ البحرية بما يحدث بالميناء بالجنوبي ببورتسودان.. لقد تم التوقيع بين هيئة الموانئ البحرية والشركة العالمية الفلبينية على اتفاق ينص على منح امتياز إدارة وتشغيل محطة الحاويات بالميناء الجنوبي لشركة الفلبينية لمدة (20 عاماً)..!!

:: و (كالعادة) تفاجأت نقابة العاملين بالعقد الموقع مع الشركة الفلبينية، وغضب العمال وتظاهروا ثم توقفوا عن العمل – أربع ساعات – عند تنفيذ العقد، وهذا دليل على أزمة الشفافية .. نعم، من الخطأ الفادح عدم إصطحاب العاملين – عبر نقاباتهم – في كل مراحل صناعة مثل هذه القرارات المصيرية ..ولكن ليس فقط بهيئة الموانئ البحرية، بل في كل مؤسسات بلادنا ومرافقها العام ، فان السادة – الذين نلقبهم بالمسؤولين – هم فقط سلاطين القرار و ملوك التوجيه و أمراء الأوامر، وما على المواطن – عاملاً كان أو موظفاُ – إلا التنفيذ مكرهاُ ( بدون نقاش)..!!

:: ولم يكن مدهشاً أن يتفاجأ عمال الموانئ بقرار التعاقد مع الشركة الفلبينية عند التنفيذ.. وغضبوا لأنهم أصحاب حق، وليسوا أجراء .. والعمال لم يرفضوا التطوير، بل هم الأحرص على تطوير الموانئ، ولكن ما يغضبهم هو تجاهلهم وجهلهم بمصيرهم و بنود العقد ( المخفية)..وعليه، فالخصخصة (شئ) و التخصيص (شئ آخر).. للخصخصة شروط، منها النزاهة والشفافية.. ولكن التخصيص هو تسليم مقاليد المرافق العامة – بنهج أم غمتي – إلي فئة خاصة، لتخسر الشعوب مواردها وتثري الفئة الخاصة ثراءُ فاحشاً، وهذا ما يُغضب الله ثم كل أهل الأرض، بمن فيهم (ﻛﻼﺕ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻲ، ﺍﻟﻐﺒﺶ ﺍﻟﺘﻌﺎﻧﻲ) ..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى