الطاهر ساتي

البدعة ..!!

:: قبل ثلاث سنوات تقريباُ، عندما كان نائباُ بالبرلمان بعد إقالته عن منصب مدير عام جهاز الأمن والمخابرات الوطني، و في حوار شهير – بهذه الصحيفة – قال الفريق أول صلاح عبد الله إن أكثر من 90% من المعلومات التي كانت تأتيه عبر التقارير (غير صحيحة).. وكانت تلك الإفادة ونسبتها – التي سارت بها ركبان الأقلام – صادمة لمن أحسنوا الظن في تقارير يتكئ عليها صُناع القرار عند اتخاذ القرارات المهمة .. و يبقى السؤال المهم اليوم، هل لاتزال تلك النسبة (كما هي)، أم زادت أم نقصت ..؟؟

:: والمهم، بمناسبة نسب المعلومات غير الصحيحة، و هي المراد بها خداع السلطات العليا والرأي العام ثم تغطية الفشل والعجز، نقرأ الخبر التالي : أكد الدكتور بابكر محمد علي المدير العام لوزارة الصحة بولاية الخرطوم بأن إضراب الأطباء عن معالجة الحالات الباردة لم يتجاوز (6%) من عدد الأطباء الذين يعملون في مشافي ومراكز الخرطوم، أي (94%) من الأطباء يؤدون عملهم في المشافي كما يجب، مضيفاُ : (لا يوجد في دول العالم ما يسمى بإضراب الأطباء)، واصفاً هذا النوع من الإضراب بالبدعة .. !!

:: وعليه، إن كانت أكثر من (90%) من معلومات تلك التقارير الأمنية (غير صحيحة)، كما ذكر المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، فان (99.9%) من المعلومات التي يلطم بها من نلقبهم بالمسؤولين عقل الرأي العام – عبر وسائل الإعلام – تستدعي التوقف عندها ثم مراجعتها بالتقصي والتحري، قبل نشرها وتصديقها .. نعم، من وحي تجارب مريرة وموثقة، فان السادة بهذه الوزارة يدمون تجميل القبح، ويعشقون تضليل الناس والسلطات العليا لحد الإدمان، لأن الغاية هي التشبث بالمناصب ومزايها ..!!

:: وعلى سبيل المثال، في ذات إضراب شهير للأطباء قبل سبعة أشهر فقط لاغير، وعندما كانت الصحف تنقل من المشافي ما تٌبكي العيون دما قبل الدموع، حيث المرضى يفترشون الأرض أمام أقسام الحوادث ذات الأبواب الموصدة، وبعضهم جاءت بهم عربات الإسعاف وتركتهم على النقالات أمام تلك الأقسام الغاضبة والمضربة عن علاج الحالات الباردة، كان هذا المدير العام و وزيره وآخرين – بذات الوزارة – يرتكبون جريمة في حق المرضى بخداع الرأي العام والسلطات العليا بمزاعم مفادها : الأوضاع مستقرة و لا يوجد ما يُعكر صفو الأطباء والمرضى..!!

:: وكما حالهم اليوم، كانوا الوزير ومديره وغيره يقزمون نسب الإضراب لما دون ال (6%) .. ولكن، عندما كشفت الصحف مآسي المرضى، وبعد (48 ساعة) من إضراب الأطباء المسمى بالبدعة، هرولوا الى المشافي ، ووفروا مطالب الأطباء، فرفعوا الإضراب.. علماُ بأن الأطباء لم يطلبوا السلطة ولا الثروة، بل أجهزة ومعدات وأدوية منقذة لحياة مرضاهم .. أي كان الإضراب عن علاج الحالات الباردة – والمسمى بالبدعة – من أجل المريض، وقد تم توفير المطالب خلال ( 48 ساعة).. وعليه، إن كانت البدعة تؤدي إلى إصلاح الحال العام بهذه السرعة، فلماذا لا يبتدع الجميع ..؟؟

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى