الطاهر ساتي

التباهي بالفشل..!!

:: لمواليد العام 1991، وقد صار بعضهم آباء و أمهات، نحكي – على لسان الدكتور عبد الرحيم حمدي، وزير المالية الأسبق – ما يلي بالنص : ( كنا نجتمع سراً في منزل آمن، وكان الرئيس ونائبه والدكتور الترابي يحضرون الاجتماع، ولكن مشياً على الأقدام، و بعد أن يتركوا سيارتهم بعيداً عن مكان الاجتماع، ويتسللون الى المنزل بهدوء، وأخفينا أمر اجتماعاتنا حتى على أجهزة الشرطة، ولكن عندما قلت – فيما بعد – لمدير الشرطة ( نحن ح نغير العملة بعد أيام)، قال لي : آي عندي معلومات عن وصول حاويات قروش إلى بورتسودان)..!!

:: ثم يواصل حمدي في سرد قصة طباعة الدينار : ( وجلبنا الحاويات بقطر خاص من بورتسودان، عكس نظام السكة حديد وجدول قطاراتها، وخزنا محتويات الحاويات – العملات – في احدى مدارس المجلس الافريقي، بعد أن كسرنا الجدار ليلاُ والناس نيام، وبنيناه في نفس الليلة، ولم يشعر الجيران بعلميتي الكسر والبناء، وبعد ذلك وزعنا محتويات الحاويات – العملات – بسرية تامة في الولايات بواسطة سلاح الطيران، وهكذا فاجأنا الجميع بطباعة الدينار) .. هكذت وقائع قصة طباعة الدينار السوداني، حسب سرد الدكتور حمدي لهذه الصحيفة قبل سنوات ..!!

:: أغرب ما في القصة ( السرية).. يتسللون ليلاً الى البيوت المعزولة، مشياً على الأقدام حتى لا تلفت عرباتهم إنتباهة الجيران، ثم تخزين العملات في المدارس، وتوزيعها بسلاح الطيران .. لماذا كل هذه السرية؟.. فالذي نعرفه بأن المافيا حين تمارس عمليات تزوير العملات وتوزيعها، تحيط ذاتها وعملياتها بكل تلك السرية.. ولكن ما بال حكومة دولة – ذات سيادة ومؤسسات وشعب وحدود وجيش وعلم وسلام جمهوري – تتخذ كل تلك التدابير السرية، وكأن المهمة تخصيب يورانيوم وصناعة رؤوس نووية، وليست طباعة عملة وطنية؟.. لم اجد الإجابة إلى يومنا هذا ..!!

:: والمهم .. منذ أسابيع، وكأنهم يفعلون إنجازاً عجزت عنه البشرية، أو إعجازاُ ليس له مثيل في تاريخ الكون، يتباهون بوصول حاويات العملات – المطبوعة بالخارج – إلى موانئ البلاد، و بأنهم يطبعون المزيد في مطابع الشركة السودانية بالخرطوم .. وبالأمس، أعلنت وزارة المالية عن إكتمال طباعة العملة فئة ( 100 جنيه)، و قيمتها تعادل أقل من (دولارين)، و سوف يتم طرحها مع مرتبات هذا الشهر .. ثم تباهى محافظ بنك السودان بالشروع – فوراُ – في طباعة فئات ( 200 جنيه) و (500 جنيه)، ليتم طرحها مع مرتبات فبراير ومارس ..!!

:: وبلاحياء، يحرصون على دعوة الإعلام ليرافقهم إلى المطابع.. وكأن الحدث إنجاز وإعجاز، يبتسمون وهم يتجولون في المطابع التي تطبع ( رب رب رب رب)، أو كما وصفها الفاتح عز الدين مباهياً أيضاً .. لم يتحدثوا عن مخاطر التضخم الناتج عن ( رب رب رب).. ربما لا يعلمون ما يفعلون في جسد الاقتصاد المهترئ .. إذ ما يفعلونه اليوم يستدعي أيضاً ( الاجتماع سراً، التسلل ليلاً، مشياً على الأقدام )، وغيرها من تدابير طباعة عملة ( الدينار)، إذ ليس من المنطق أن يتباهى المسؤول بنفخ المزيد من التضخم في جسد الاقتصاد الوطني .. !!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى