الهندي عز الدين

الحل في الحل ..

وجدت دعوتنا لحل الحكومة الحالية ، لصالح الوطن الكبير، وتكوين حكومة انتقالية برئاسة شخصية (قومية) تُرشّحها المعارضة ، قبولاً واسعاً لدى قطاعات سياسية واجتماعية مختلفة ، بما في ذلك قوى معارضة معتدلة ، وقيادات وكوادر فاعلة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم .

الزمن يسرق الجميع ، حكومة ومعارضة ، والحل لا يتحقق بتنظيم حشد جماهيري كبير، مقابل تظاهرات (كر وفر) ، وخسائر بشرية فادحة في الخرطوم .
لقد دعونا من قبل لحشد الساحة الخضراء ، وأدى غرضه تماماً في إعادة التوازن السياسي على مستوى الشارع بين مؤيدي المؤتمر الوطني والأحزاب المتحالفة معه، وقوى المعارضة بما فيها تيار الشباب، الذي يقود الاحتجاجات في البلاد منذ شهر .

ثم كان حشد “الكريدة” أمس، مناسبةً مهمةً لتأكيد دعم مشايخ وقواعد الطرق الصوفية في السودان للرئيس “البشير” وحزبه .
لكن استمرار الرد بالحشود والزيارات الولائية لن يزيل احتقان المدن ، وغضب الشباب ، فلابد من إجراءات سياسية عاجلة في هيئة قرارات ومراسيم جمهورية ، تعيد المبادرة إلى رئاسة الجمهورية ، وتفكّك وحدة الساعين بالفتنة وخراب السودان .. في الداخل والخارج .

انتظار نهاية الاحتجاجات ، لتبدأ بعدها قيادة الدولة في خطوات الحل ، بافتراض أن أي تنازل يعني المزيد من التنازلات ، هو افتراض خاطئ ، لأن وقت التنازل وطبيعته هو الذي يحدد مقبوليته ومعقوليته ، وكلما تأخر الوقت ، وتزايد سقوط الضحايا يصبح التنازل عديم النفع ، ضعيف المردود .

البقاء في خانة (الفُرجة) على تصاعد ثورة الكراهية في الشارع ، دعك من التظاهرات، يؤدي لخسائر سياسية فادحة تتحمل وزرها قيادة الدولة أولاً ، ثم حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ثانياً .

إن تجاهل الآثار السياسية لهذا الحراك على السلام الاجتماعي ، يعني أن الدولة تسير معصوبة العيون على حقل من الألغام !
كما أن أية قرارات بتعديلات جزئية في الحكومة والولايات ، لن يكون لها أي تأثير على هذا الحراك ، أستطيع أن أؤكد ذلك منذ الآن، وقبل صدور تلك القرارات .

إقالة والي الشمالية أو والي الخرطوم أو البحر الأحمر ، لن تحل مشكلة ، لأن أزمات الوقود والنقود والخبز مسؤول عنها المركز بشكل أساسي وليس الولايات .
المحتجون الذين رفعوا سقف مطالباتهم منذ أول هبة فصارت تستهدف رحيل النظام ، لن تقنعهم قرارات بإقالة والٍ أو وزير داخلية أو وزير زراعة ، بل الحل في حل كل الحكومة ، وإشراك قوى الاحتجاج في تشكيل حكومة انتقالية تكون مسؤولة عن معالجة أزمة الاقتصاد ، والإشراف على انتخابات حرة و نزيهة في 2020 أو 2021 ، لضمان انتقال سلمي للسلطة دون تصفيات وروح انتقامية تطيح بكيان البلد، بالاقتداء والاهتداء بتجربة جنوب أفريقيا (الحقيقة والمصالحة) .

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



فاطمة احمد

محررة تختص في تغطية الأخبار الإقليمية، تسعى لنقل التطورات المحلية بشكل موضوعي ودقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى