تعالوا للحوار .. الوقت عدوكم

لا أرى حلاً للأزمة الماثلة التي تحدق بالبلاد غير إفساح المجال لصوت العقل وتقديم العقلاء من طرفي الحكومة والمعارضة ، دون تزيد ، مكابرة ، معاندة وعنتريات .
على قادة الحزب الشيوعي السوداني وحزب المؤتمر السوداني وتجمع الاتحاديين المعارضين الذين يملكون تأثيراً كبيراً على كيان الشباب الحديث (تجمع المهنيين) ، عليهم أن يلتقطوا سريعاً مبادرة حقن الدماء واستنزاف البلد .. سقوط شبابها وتجفيف مواردها في الإنفاق على استعدادات أمنية ، واتخاذ قرار الحوار من أجل بناء قاعدة ثابتة لتداول سلمي ديمقراطي للسلطة ، تمهيداً لتأسيس دولة العدالة والكفاية والرفاهية .

ظل تحالف (قوى الإجماع الوطني) يرفض كل دعوات الحوار ، سواءً من الداخل أو الخارج ، فبقى في ساحة (اللافعل) لسنوات طويلة ، حتى إذا ما هيأت الحكومة الفائتة له الظروف المواتية بقرارات اقتصادية ممعنة في الغباء ، في ميزانية العام 2018 ، ثم أكملت حلقات التغابي الحكومة الجديدة قبل ثلاثة أشهر ، بإجراءات اقتصادية هزت ما تبقى من ثبات الاقتصاد ، تحركت (قوى الإجماع الوطني) في ظروف موضوعية تتحرك على أرضية الأزمات الاقتصادية ، فخرجت علينا بواجهة (تجمع المهنيين السودانيين) .

فقد تعودت قوى (اليسار) أن تمتطي ظهور النقابات ومنظمات المجتمع المدني لخلق واجهات مقبولة شعبياً ، لتجنب الشقاق الحزبي والاستهداف وحمل أثقال سياسية قديمة ، حدث هذا باسم (جبهة الهيئات) في ثورة أكتوبر 1964م ، وتكرر ذلك في التجمع النقابي في انتفاضة مارس – أبريل 1985م .

الآن .. لابد أن يستفيد الحزب الشيوعي من تجربته السابقة في تحالف قوى الإجماع ، بالانطلاق نحو الحلول الممكنة ، دون تعنت وتوهم ، كي لا تتكرر حالة (الموات) التي ضربت الكيان السياسي المعارض ، فتضرب الكيان المهني الجديد ، في حالة عبور النظام الحاكم للمأزق الراهن ، وهو أقرب إلى ذلك ، رغم ارتفاع التكلفة السياسية والمعنوية والمالية.

لو فوّت الحزب الشيوعي والمؤتمر السوداني هذه الفرصة الذهبية للوصول إلى تسوية سياسية شاملة ، دون حاجة إلى ضغوط خارجية ، فربما لن تلوح لهم فرصة أخرى (حقيقية) بهذا المقدار في الأفق القريب .

قد تكون الفرص كثيرة، ولكن الذين يدركون الفرصة الحقيقية قلائل .
تعالوا للحوار يا معارضة .. فالوقت عدوكم .

Exit mobile version