الطيب مصطفى

وداعاً الصيحة

وهكذا تطوى صفحة صحيفة (الصيحة) التي أغادرها اليوم مضطراً وبمحض إرادتي بعد تجربة مريرة ذقت خلالها صنوفاً من الابتلاءات كما غادرت قبلها شقيقتها (الانتباهة) مكرهاً والحمد لله على كل حال.

لن أكتب عنها الآن لأني لا أستطيع فقد حملت طوال السنوات الماضية أنفاسي وخلجات قلبي التي ظللت أسطرها (زفرات حرى) أعتدت أن أكتبها بالسكين كما يقول الشاعر المرهف نزار قباني عن قصائده الوطنية.

هكذا هي الدنيا عبر مسيرتها الممتدة بين أضابير التاريخ لا تعرف لها مستقراً بل هي محطات كتب علينا أن نتقلب في مساراتها ولا ندري ما تخبئه لنا في مقبل الأيام.

نعم ، لست أدري ما أفعل غداً أو مستقبلا فتلك هي أقدار الله تعالى تسوقنا حيث تشاء ولا نملك إلا أن ننقاد إليها استسلاماً لمشيئته سبحانه ، لكني بالقطع لن أتوقف إن شاء الله عن نثر رؤاي وأفكاري فمن جرب متعة الكتابة الصحفية يهون عليه رهقها وعذابات (وجع الولادة) الذي عشت وخزه الشديد عبر زوجتي وبناتي ولن يهجرها إلا بـ(الشديد القوي) سيما وأن ما يحسه الكاتب من انفعالات وتفاعلات قرائه قدحاً أو مدحاً ومن تأثر أو تجاوب صانعي القرار يمثل العزاء والدافع الأكبر لمواصلة تجرع ذلك السم اللذيذ.

علمتنا الحياة أن نصبر على لأوائها فقد جربنا الحسرة والحزن المقيم في فقد الوالدة والوالد والولد والأخوات والأحباب وذلك ما منحنا المناعة والحصانة لتقبل كل خطب جلل مهما عظم.

عندما غادرت منصبي بالاستقالة الفجائية من هيئة تنظيم الاتصالات في اليوم التالي لاحتفال وفرح كبير بافتتاح شركة (أريبا) للهاتف الجوال والتي تحولت إلى (أم تي أن) لم أتخيل أنني سألج حقل الصحافة الذي دخلته عبر منبر السلام العادل الذي أنشأناه في تلك الأيام .. كم كانت حياتي ستكون فقيرة ومجدبة لو لم أتقدم باستقالتي احتجاجاً على فساد كبير .. عوتبت من أحبة كرام على تقديم استقالتي ولكن تلك هي المنحة بين طيات المحنة فقد نشأت الانتباهة التي حققت – كما أظن – ما لم تسبقها إليه صحيفة في تاريخ السودان فقد تجاوز مطبوعها (120) ألف نسخة في اليوم.

عندما انتزعت مني الانتباهة بعد أن بلغت ذلك المجد ، حزنت من (الغلب والخديعة) ربما كما لم أحزن من قبل في حياتي.. بعد ذلك بقليل أنشأت (الصيحة) .. لذلك لا أحد يعلم ما تخبئه الأقدار كما لا أحد يعلم أين يكمن الخير ..المهم أن تتوكل على الله وتثق في عدله ولن يخزيك أبداً.

أقول لأولئك الأحبة من صحفيي (الصيحة) كم أنا حزين أن تنقطع صلتي المهنية بكم بمغادرتي للصحيفة ،سيما وأنها قد انقطعت بالفعل منذ انشغالي بالمهام البرلمانية ، فقد كنت أتوق إلى أن أوطدها أكثر ولكنها الدنيا التي لا تدوم لكائن حي حتى ولو كان رسولاً نبيا .. وددت أيها الاخوة والابناء لو ذكرتكم واحداً واحداً ، فقد بذلتم وما استبقيتم شيئاَ، بعد أن تعمق ولاؤكم الذي لم تهزه بعض الضوائق المالية التي تعرضنا لها .. فشكراً شكراً شكرا.

وأرجو أن تعذرونا إن كنّا قد قصرنا في حقكم..ولا استثني الكُتّاب الراتبين الذين منحوا (الصيحة( من نجوميتهم وشهرتهم الكثير.

قرائي الكرام .. أرجو أن نلتقي في محطة أخرى من محطات حياتي وإلى اللقاء إن شاء الله.

حصلت ؟!!

ضحكت ملء شدقي رغم الوجع بفراق الصيحة ، أن حكومة جنوب السودان حذرت رعاياها (بتوخي الحذر والبقاء في منازلهم) خلال الاحتجاجات الجارية في السودان خوفاً على حياتهم من المظاهرات !!!!

يعني حكومة جنوب السودان (ذي أمريكا واحد) تحث رعاياها أن يعملوا (حسابهم) عشان ما يتعرضوا للأذى من المظاهرات والمتظاهرين.

هذا ما ورد على لسان المتحدث باسم وزارة خارجية دولة جنوب السودان ماوين ماكال أريك وفقا لوكالة أنباء جنوب السودان والذي طالب (بنقل السلطة في السودان بشكل سلمي).

عليك الله يا ميتر أريك بدل ما تطلب من مواطنيك أن يتوخوا الحذر مش كان أحسن ترسل ليهم عربيات إلى مطار الخرطوم وتذاكر سفر إلى جوبا عشان يخففوا علينا شوية وكمان يهربوا من الاحتجاجات والمظاهرات التي حدثت في بعض مدن السودان ؟ بالله عليك هم ذاتم الجابن شنو بالملايين للسودان ؟ أليس البحث عن الأمان والسلام في السودان وهرباً من الحرب والجوع في وطنهم؟!

بالله يا أريك مش كان تختشي شوية بدل الاستفزاز للدولة التي رعت التفاوض بين أطراف الأزمة في دولة جنوب السودان؟!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى