الطاهر ساتي

كونان ..!!

:: قبل أسابيع، (فجأة) وبعد ثلاث سنوات من إجازة قانونه، وبعد أن نساه المواطن ، عندما توقع الدكتور محمد أحمد سالم وزير العدل تشكيل مفوضية الفساد (قريباً)، كتبت فيما كتبت بالنص : عفواً، لم يعد مهماً تشكيل هذه المفوضية، لقد (جفلن) حتى (الواقفات)، ولم يعد في عوالم المال العام ما يستدعي (القرع).. وكما أن لكل مقام مقال، والأفضل – في هذا المناخ – أن تتحدث وزارة العدل عما حدث من موت وحرائق خلال الأحداث، وعن المسؤولين عما حدث، وعن لجان التحقيق ، ثم تتوعد بتقصي الحقائق و المحاسبة، ولو كنوع من التخدير ..!!

:: تلك كانت الأسطر، لأن الحديث عن مفوضية مكافحة الفساد أصبح ( سمجاُ للغاية ) .. نعم، لقد بلغ عًمر قانون مفوضية مكافحة الفساد ثلاث سنوات.. ومع ذلك، لا وجود للمفوضية على أرض الواقع..إذ كان، ولا يزال مجرد قانون على الورق، منذ ثلاث سنوات ..و رغم تتابع كوارث الفساد، فمنذ يناير العام 2016 تجري اللجان مشاورات لاختيار الامين العام ، أو هكذا يبررون تأخير تشكيل المفوضية، ولا يسألون أنفسهم : هل من المنطق أنهم – منذ يناير 2016 – لم يجدوا مواطناً قومياً، ومن ذوي الخبرة في مجال القانون، ليتولى منصب الامين العام للمفوضية..؟؟

:: وبالمناسبة، لعلكم تذكرون بان البرلمان أضعف أهم المواد ، وكانت تقرأ : (على الرغم من أي نص قانون آخر لا يتمتع أي شخص بأي حصانة في أي إجراءات تحقيق تتخذ بواسطة المفوضية)، ولقد تم إضعاف النص بان تلتزم المفوضية بإخطار الجهة التي يتبع لها المطلوب للتحقيق، وفي حال تخلفه عن المثول تُحال نتائج التحقيق الي الجهة المختصة لتباشر اجراءات (رفع الحصانة).. ومع ذلك، رغم إضعاف القانون بهذا التعديل، يتلكأون في تشكيل المفوضية، أي وكأن تلك الحصانة – التي رفعها بحاجة إلى إجراءات لا تكفي حماية لذوي المناصب الدستورية .. !!

:: وما يجب تذكير هذا الجيل هو أنه كان هناك مكتباً مخصصاً – بديوان المراجع العام – لشرطة مكافحة اختلاسات المال العام، وهذه الشرطة كانت إحدى فروع وحدة مكافحة الفساد التابعة للمباحث المركزية..وكانت تستلم تقرير المراجع العام سنوياً ثم تتحرى وتلاحق المتجاوزين.. هكذا كان نشاط الشرطة في معقل ديوان المراجع ، قبل أن ينجحوا في إخراجها من (حوش الديوان)..ولكن اليوم، أصبحت الشرطة ذاتها تتابع فساد الوحدات الحكومية و البنوك (بلا سلطات)، وتنتظر مثل المواطن – منذ ثلاث سنوات – رحلة بحثهم عن مواطن قومي ومحايد وقانوني ليتولى منصب (رئيس المفوضية)..!!

:: ويبدو أنهم (وجدوه).. نعم، بعد ثلاث سنوات من إجازة القانون، وجدوا المحقق كونان – الملقب عندهم بالقومي والمحايد و القانوني – في السودان، إذ يقول خبر البارحة بالنص : وافقت اللجنة التنسيقية العليا لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني – يوم الأحد – تشكيل مفوضية الفساد برئاسة (المراجع العام)، وعضوية رئيس نيابة الثراء الحرام، رئيس ديوان الحسبة والمظالم، رئيس ديوان العدالة القومية، ورئيس اللجنة المختصة بالبرلمان.. تخيلوا .. فالمراجع العام – الكائن ديوانه في قلب الخرطوم منذ عقود – هو عبقري العصر الذي تم العثور عليه بعد ثلاث سنوات من البحث وتعطيل المفوضية والقانون..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى