الطاهر ساتي

عذاب آخر ..!!

:: تكاليف إحضار مريض – في حالة طارئة – إلى الخرطوم بالطائرة من نيالا أو الفاشر أو بورتسودان ( اليوم) ، تكاد تكون أغلى من تكاليف سفر ذات المريض ومرافقه إلى القاهرة أو الأردن قبل (ستة أشهر) .. نعم، فمن طبيعة الأشياء أن ترتفع أسعار السلع والخدمات سنوياً، وهذا ما يحدث في كل دول العالم، أو هكذا نطمئن أنفسنا عملاً .. وكذلك أن ترتفع أسعار السلع والخدمات كل ستة أشهر أيضاً (مهضومة)، وربما يحدث في دول العالم الثالث.. وأن ترتفع الأسعار كل ثلاثة أشهر أيضاً (مبلوعة)، وربما يحدث في دول العالم الأخير.. !!

:: ولكن، ربما لوقوع بلادنا خارج الكرة الأرضية، ترتفع الأسعار أسبوعياً أو شهرياً.. وعلى سبيل المثال، قبل أن تتحصل شركات الطيران ديون تذاكر ما بعد الزيادة الأخير، وكان قبل شهر، صدر هذا الخبر بالأمس : طبقت سلطة الطيران المدني، اسعار جديدة لتذاكر الطيران الداخلي .. بورتسودان الخرطوم (5,270 جنيه)، بدلاُ عن (ـ2,440 جنيه) ..والخرطوم الجنينة (8,290 جنيهاُ) بدلاً عن (4,170 جنيها)، و كسلا الخرطوم من (2,800) الى (3,735 جنيها)، و نيالا الخرطوم (7,70 جنيها) ، الفاشر الخرطوم (6,420 جنيها) ..!!

:: تلك هي الأسعار الجديدة في بلاد موصوفة بمترامية الأطراف وذات ولايات معزولة و مطارات مهجورة، والسواد الأعظم من مرضاها يتداوى في الخرطوم، لأن مشافي الولايات محض جدران .. علماً بأن هذه الأسعار الجديدة (مؤقتة أيضاً)، أي لحين زيادة أخرى خلال شهر أو ثلاثة أشهر.. تخيلوا، فإن هذه الزيادة هي الرابعة خلال هذا العام.. وكل زيادة مراد بها ملاحقة أسعار الدولار والوقود والرسوم والضرائب والجمارك.. ودائماً ما تطالب شركات الطيران – سلطة الطيران المدني – بأسعار أعلى من المعلنة، ثم توافق على الأسعار المعلنة لحين زيادة أخرى.. بعد شهر ربما..!!

:: لقد ارتفعت أسعار الوقود أضعافاً، وترفض الحكومة منح الشركات الوطنية (أسعاراً تفضيلية)، كما تفعل أنظمة دول العالم مع شركاتها.. وكذلك ارتفع سعر الدولار – الأسود – إلى أضعاف ما كان عليه قبل ستة أشهر فقط لاغير، وترفض الحكومة التعامل مع شركات الطيران بدولار البنك المركزي أو المسماة بالآلية، فتلجأ الشركات إلى (السوق الأسود).. وهذا ما لا يحدث بالدول التي تحمي شركاتها وتدعم موطنها، باعتبار أن الرحلات الداخلية بمثابة خدمات وليست رفاهية.. نعم يا مجلس الوزراء، فالرحلات الداخلية ليست ترفيهاُ، بل هي خدمات لمرضى وطلاب الولايات (المعزولة)..!!

:: وما لم تتدخل رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان، فإن الأهل بدارفور والنيل الأزرق وكسلا والبحر الأحمر – ومرضاهم – على موعد مع (عذاب آخر).. لكل عواصم الولايات بدائل تًمكن لمرضاهم الوصول إلى الخرطوم خلال ساعات، ما عدا أهل دارفور والنيل الأزرق والبحر الأحمر الذين يعتمدون كثيراً في نقل مرضاهم إلى الخرطوم بالطيران .. وليس منطقياً أن يدفع المريض ومرافقه كل تلك الأموال كقيمة تذاكر .. لو كان مجلس الوزراء رحيماً بمرضى الولايات، فليقترح إعفاءً أو تخفيضاً للرسوم عن الرحلات الداخلية، قبل أن تتوقف شركات الطيران رحلاتها الداخلية، ثم تتحول ما تبقت من المطارات إلى (أوكار مهجورة) ولا تصلح لغير البيع، أو كما يحدث لمطار عطبرة حالياً..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى