الفاتح جبرا

ويبقى طالع !

في بحث منشور لعالم الاجتماع والفيلسوف الألماني ماكس فيبر Max Weber (1920-1864) تحت إسم (السياسة بوصفها مهنة) Politics as a Vocation جاء فيه إن الممتهنين للسياسة نوعان: الأول يشمل الذين يعيشون لأجل السياسة حيث تبدأ حياتهم وتنتهي منها، كالملوك والأباطرة وشاكلتهم، أما النوع الثاني فهم الذين يعتمدون عليها كمصدر للدخل يقتاتون منها ويعيشون عليها وتشكل (مهنة السياسة) مصدر رزق بالنسبة لهم .

يقول ماكس فيبر بأن الذين يعيشون لأجل السياسة هم في الغالب الأعم من الطبقات الميسورة ماديا ويرى فيبر في بحثه أن الذين يمتهنون السياسة على الرغم من أن هدفهم المعلن هو تحقيق الصالح العام إلا أنهم كثيراً ما ينزلقون في تغليب حسابات ضيقة تفقدهم الشرعية ورضاء المجتمع .

ويذهب عالم الاجتماع الشهير فى بحثه أيضاً إلى أن الممتهنيين (للسياسة) عادة ما يبررون تغليب المصالح الضيقة باستدعاء شعارات براقة ووعود زائفة تفقدهم تدريجياً المصداقية مما يجعل المجتمع ينظر إليهم كطائفة منفصلة !

تذكرت (بحث) عمنا (ماكس) وأنا أجيل النظر في المشهد السياسي الراهن وأتمعن في تصريحات بعض ممتهني السياسة عندنا وهم يعقدون المؤتمرات منتظرين لحظة الوثوب إلى كراسي السلطة عبر جثث أبنائنا الأبطال الذين واجهوا رصاص السلطة بصدور عارية !

يقول علماء الحشرات وهم يبررون سبب رجوع الذبابة لنفس المكان الذي كادت تقتل فيه قبل ثواني ان هذا يعود لان ذاكرة الذبابة تحتفظ بالمعلومة لمدة اربع ثواني فبمجرد انتقالها من المكان وإنقضاء الثواني الاربعة تنسى ما حصل معها لتعود للمكان نفسه معرضة نفسها للهلاك !

كثير من (السياسيين) لدينا اشخاصاً أو أحزاباً أو جماعات يعتقدون بغباء شديد أن للشعب (ذاكرة ذبابة) وإلا بربكم كيف لإحزاب لا زالت المقاعد التي كانت تجلس عليها (ساخنة) تود أن تركب موجة (الإحتجاج) وتركب قطار الثورة ؟ كيف لأحزاب شاركت في هذا الدمار الشامل من أجل بضع حقائب وزارية أو تمثيل برلماني كرتوني أن تبدل قناعها وقناعتها بين يوم وليلة ؟
(وده كلو كوم) فإذا كان لبعض تلك الوجوه والأحزاب مبرراً للمشاركة في النظام (الجاثم) فكيف نجد المبرر لمن كانوا عنصراً أساسياً فيه وقاموا بالإشراف (فعلياً) على قمع وتعذيب المواطنين كبعض أعضاء حركة (الإصلاح الآن) والشهود أحياء ؟

ما هذا الذي يحدث؟ ومتى إغتسل هؤلاء من ذنوبهم التي لا تغتفر في حق هذا الشعب الذي سقط أبنائه مضرجين بالدماء في سبيل إستعادة حريته التي سلبها له أمثال هؤلاء الذين ليس يحاولون القفز من السفينة الغارقة فقط بل (التشعبط) في قطار (الثورة) والتغيير .

لقد إنتهى عصر (ذاكرة الذبابة) وجاء عصر (ذاكرة الجمل) ولا مكان أبدا لكل من أهان هذا الشعب وأذله أو وضع يده على أيادي جلادية بل لابد من محاسبة كل من إقترف ذنباً فيه، قمعا وتعذيباً كان أم فسادا !

بصفتي مواطناً لا ينتمي ولم ينتم لأي حزب أو طائفة أو جماعة وإنابة عن الكثيرين مثلي ممن لا حزب لهم إلا (السودان) هذا الوطن العملاق أقول لمدمني السلطة والمناصب وممتهني (السياسة) ومحبي الكراسي والصولجان إنو (كلام ذي ده تاني مافي) و (فتشوا ليكم شغلة تانية) فالكلمة لهولاء الشباب الأبطال الذين واجهوا ويواجهون الموت ولم يبخلوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الذكية من أجل هذا الوطن فلهم وحدهم القيادة والريادة والسيادة والقرار الأخير .

كسرة :
العاوز ليهو منصب يتدخن دخان مرقة ويبقى طالع مع وليداتنا ديل !!
كسرة ثابتة :
أخبار ملف خط هيثرو شنووو؟ 104 واو – (ليها ثمانية سنين وثمانية شهور)؟ .. فليستعد اللصوص !

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى