الطاهر ساتي

يتعهدون ..!!

:: أكتوبر الفائت، ترأس رئيس الوزراء اجتماعاً ضم شعبة الأدوية واتحاد الصيادلة، وتحدث – بثورية – عن فك احتكار الأدوية، وإلغاء ما يُسمى بالوكلاء، وعدم تفويض أي لجنة لتحديد أسعار الأدوية، ثم وجه وزارة الصحة ومجلس الأدوية في ذات الاجتماع – بثورية أيضاً – بطرح عطاءات الأدوية في الصحف، بحيث تشمل كل استهلاك البلاد في العام (2019)، وأن يتم فرزها والتعامل مع السعر الأدنى فقط لا غير..!!

:: وأعجبتني تلك الثورية لحد الإشادة بها على مدار (ثلاثة أعمدة)، دعماً وتشجيعاً لكل خطى الإصلاح، وبمظان أن الإصلاح معقود بنواصي حكومة معتز موسى.. ولكن للأسف، لم يحدث أي شيء.. أي لم يتم إلغاء الاحتكار المسمى بالوكيل، ولم يتم طرح أي عطاء، ولم يتم تنفيذ قرار من تلك (القرارات الثورية).. ثم الأدهى، أنهم رفعوا أسعار الأدوية – بنسبة 60% – عما كان عليها، وذلك بتسعير دولارها بسعر آلية صناع السوق (47.6%)..!!

:: ويوم السبت الفائت، وهم يحتفلون – في برج الفاتح – بتثبيت تلك الزيادة (60%)، تعهد رئيس الوزراء بأن سعر الدواء لن يزيد (مرة أخرى)، وأن هناك تخفيضا مرتقبا في أسعار عدد من أصناف الأدوية – بنسبة 31% – عما هو عليه في العام (2018)، ثم تخفيض أسعار أصناف أخرى بنسبة (70%)، وأن هناك أصناف لن تزيد سعرها عن (20 جنيهاً).. هكذا تعهد رئيس الوزراء، كما تعهد بتلك القرارات الثورية قبل أشهر، والتي لم – ولن – يتم تنفيذها..وهكذا.. فالسيد رئيس الوزراء كثيراً ما يتعهد ويغرد، بلا إنتاج.. !!

:: وبالمناسبة، تحدث في احتفال برج الفاتح عن افتتاح (75 صيدلية)، تابعة للإمدادات الطبية خلال الفترة المقبلة.. ولا جديد في هذا التعهد أيضاً، إذ قبل عام ونيف أعلن الصندوق القومي للإمدادات الطبية عن ترتيبات لافتتاح (70 صيدلية)، بولايات السودان، لبيع الأدوية للمرضى بأسعار مناسبة، أو هكذا تم تضليل العقول في ذات أزمة، ولم يتم افتتاح صيدلية واحدة فقط لا غير منذ (أن تعهدوا).. وكنت قد – في عام تعدهم – على زمان الإنجليز، وقلت إنهم حين أسسوا الإمدادات الطبية – العام 1935 – لم تكن التجارة من أهدافها إطلاقاً..!!

:: بل أسسوها فقط لتكون مخزوناً استراتيجياً للأمصال والأدوية المنقذة للحياة، أي المستخدمة – مجاناً – في أقسام الطوارئ والحوادث.. تلك كانت أهداف الإمدادات الطبية في زمان الإنجليز، وطوال العهود الوطنية السابقة، أي قبل أن تحويلها إلى (هيئة تجارية)، لتشتري وتبيع وتنافس مثل أي (شركة خاصة).. وبعد رفع الدعم عن الأدوية، فالإمدادات الطبية أيضاً قد تلجأ إلى (دولار الآلية)، إن وُجد.. ومن الطبيعي أن ترتفع أسعار أدوية الإمدادات الطبية أيضاً عما هي عليه..!!

:: وعليه، فالقضية هي أسعار الأدوية منذ رفع الدعم عنها ومخاطرها على الفقراء.. وناهيكم عن افتتاح سبعين صيدلية أو سبعمائة، بل لو افتتح صندوق الإمدادات (صيدلية في كل بيت)، فلن تبارح القضية مكانها.. وعليه، بدلاً عن إهدار المال والزمن في (الاحتفالات الفارغة)، يجب تفعيل وتطوير التأمين الصحي، ومراجعة قرار رفع الدعم عن الأدوية، بحيث يتم دعم أدوية الأمراض المزمنة، وهي الأدوية التي يستخدمها المريض (مدى الحياة)، وهي الأكثر استهلاكاً لميزانية الأسر، ولا تتجاوز ميزانيتها المائة مليون دولار..!!

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى