الطيب مصطفى

هل وعت الانقاذ الدرس؟!

وانكسر حاجز الخوف لدى كثير من الناس بل وانتهت مقولة إن الشعب يقدم الأمن على ما عداه من مطلوبات حياتية ولن يثور مهما ضاق به الحال خوفاً من تكرار أحداث مأساوية شهدها في سالف الأيام سواء أحداث الإثنين الأسود 2005 أو أحداث سبتمبر 2013 أو غزو قوات خليل إبراهيم لأم درمان والتي أوشكت أن تستبيح العاصمة لولا لطف الله اللطيف الرحيم.

نعم ، لقد انتهى الدرس أيها الإنقاذيون وما عاد الصبر كابحاً لجماح الغضب الذي اشتعل في نفوس من خرجوا في مناطق مختلفة من البلاد ليعبروا عن رفضهم للحال التي رزحوا في هجيرها الشهور الطوال وهم يتقلبون بين انعدام رغيف الخبز وبين ندرة الوقود والسيولة التي كانت بمثابة الطامة الكبرى التي لم يشهد الناس مثيلاً لها منذ الاستقلال وأجزم أنها كانت أكبر مهيجات الغضب لدى الشعب.

لم يكن انفجار الغضب الشعبي الذي انتظم عدداً من المدن والولايات بفعل فاعل إنما كان تلقائياً وطبيعياً، فمن بربكم يملك زمام مشاعره في ظل ذلك الحال المثير للغيظ والذي جثم على صدور الناس وأحال حياتهم إلى كابوس من المعاناة الدائمة؟

صحيح أن انتهازيي الأحزاب المعارضة لم يفوتوا الفرصة وسرعان ما امتطوا ذلك الغضب الشعبي عله يحقق لهم ما أعجزهم فملؤوا أشرعة ذلك الغضب بشعاراتهم الزائفة مستغلين الوسائط والأسافير التي أحسنوا استغلالها بينما عجز أهل الإنقاذ عن مجاراتهم مما كشف مدى الضعف الذي يعاني منه الحزب الحاكم.

لقد كشف رد الفعل من جانب المؤتمر الوطني عن تردِ مريع وهزال شديد خاصة في جانب الإعلام الذي تسيّده دُعاة إسقاط النظام من القوى المعارضة.

أكاد أجزم أن الذين خرجوا إلى الشارع يشكلون أغلبية أو أعداداً كبيرة من المواطنين ولكني أزعم كذلك وبدون أدنى تردد أن ما حدث من انفجار لبركان الغضب الشعبي يعتبر الأكبر منذ أن قامت الإنقاذ سيما وأنه الأول الذي يخرج إلى الولايات بل الذي تسبق فيه الولايات الخرطوم التي ظلت مركز الاضطراب والفعل السياسي منذ الاستقلال.

لذلك فإن لا مجال للحكومة أن تتعامل بذات اللامبالاة القديمة التي ظلت تُسيطر على سلوكها السياسي فقد آن لها أن تأخذ الأمر مأخذ الجد (وتفتح عينها) فقد نفد صبر الشعب وليس هناك متسع للمزيد.

إن أكثر ما ينبغي أن يجعل الحكومة تدق ناقوس الخطر وتتعامل بصورة مختلفة ما حدث في القضارف من حرائق وتخريب وسلب ونهب يحمل في طيّاته نذر مرعبة تكشف أن السودان ليس هو ذات السودان القديم بعد أن تغيرت طباع وسلوك كثير من مواطنيه وتسلّلت العنصرية والإثنية بشكل مخيف بين مكوناته القبلية الأمر الذي يشي بأن السودان يتقلب في برميل من البارود لا يمنعه من أن ينفجر سوى أن ينفجر .

ما حدث في القضارف وعطبرة من موت وإراقة للدماء وخراب وحرائق ونهب يمثل المناظر فقط فكيف سيكون الحال لو استمرت المسيرات وخالطها العتدنف واستخدام السلاح؟!

أخبار الأمس حول القبض على خلية للتمردين من أتباع عبدالواحد محمد نور والذين قبض عليهم وعلى الأسلحة التي بحوزتنم ثم ما سبقها من اعتقال خلايا أخرى من أتباع نفس المتمرد الشيوعي عبدالواحد منذ أيام الطلب في جامعة الخرطوم يكشف أمراً مخيفاً عن وجود سلاح كثيف ومتمردين كثر يعيشون بيننا وداخل العاصمة ويحيطون بها إحاطة السوار بالمعصم في انتظار لحظة الصفر للانقضاض عليها في إطار مخطط كبير لا ندري كثيراً عنه.

لذلك أختم بالقول أن الواقع اختلف تماماً عن سابقه وآن الأوان لرجال الإنقاذ ان يتغيروا ويبذلوا غاية الجهد في سبيل تجنب الحال البائس الذي شهده السودان خلال الأشهر الماضية ويحلوا مشكلات الندرة التي عانى منها الشعب ولا يزال خاصة مشكلة السيولة وإلا فالطوفان.

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى