اقتصاد

الأدوية المنقذة للحياة … البحث عن أسباب الـ (ندرة)

الأدوية المخدرة، أدوية الأمراض النفسية، بعض أدوية أمراض القلب والجهاز الهضمي، أدوية السكري، أصناف من أدوية الأمراض المزمنة الأخرى مثل الضغط، أدوية الشلل الرعاش، لبن الأطفال، دواء السعر، أدوية علاج التتانوس، الأدوية المستخدمة في العمليات الجراحية، أدوية أمراض السرطان، أمراض المناعة والأمراض المستوطنة… والقائمة تطول من انعدام الأدوية المنقذة للحياة والتي عبر عنها أحد الصيادلة لـ(الصيحة) بقوله: إذا عددت انعدام الأدوية المنقذة للحياة المنعدمة بالبلاد فإن ما تحملين من أوراق لن يكفي لرصدها، بعضها لم يدخل السودان قرابة العام، والبعض الآخر لم يدخل البلاد لمدة 6 أشهر وبعضها لفترات متفاوتة.

وقف الدعم

وزاد الخبير الصيدلي بأن القادم أسوأ على حد تعبيره، ذلك أن توفير تلك الأدوية يحتاج إلى ميزانية تبلع 300 مليون دولار أي لابد من توفير مبلغ بواقع (75) مليون دولار لكل 3 أشهر لتوفير الأدوية، غير أن وزارة المالية وبنك السودان أوقف الدعم المخصص لاستيراد الدواء الذي كان محدداً بقيمة 10% من قيمة الصادر من المواد غير البترولية وصادر الذهب، ويبدو أن الاستيلاء على النقد الأجنبي المخصص لاستيراد الدواء الذي قامت 34 شركة دواء وهمية بالاستيلاء عليه والفساد في هذا الملف كان قاصمة الظهر التي من بعدها أحجم بنك السودان عن تخصيص ذلك الدعم للأدوية، والأنكى أن قضية فساد تلك الشركات لم يبت فيها حتى الآن. وعزت جهات صيدلانية من قبل هذا إلى تورط جهات نافذة في ملف الفساد، الأمر الذي أدى إلى طي ملف القضية.

غياب الإمدادات

ويبدو أن الصندوق القومي للإمدادات الطبية والذي هدفه الأول توفير الأدوية المنقذة للحياة غاب عن الساحة، ذلك أن وزارة المالية أحجمت عن دعم الإمدادات الطبية حسب الصيادلة الذين تحدثوا لـ(الصيحة)، لذا أضحت الإمدادات الطبية بدلاً من تحقيق هدفها الرئيسي تلجأ إلى منافسة شركات الأدوية الأخرى.

وأكد الخبير الصيدلي عز الدين حسن لـ(الصيحة) أن الإمدادات، وبعد أن تحولت إلى صندوق قومي للإمدادات الطبية بدأت في صرف أموال في بنود غير ذات أهمية، فكانت تلك المنصرفات خصماً على المال العام وتزامن ذلك حسب عز الدين مع التغيير الذي حدث على سعر الصرف، ونتج عن ذلك أن رأس مال الإمدادات الطبية لا يفي بالحاجة لاستيراد أصناف الأدوية المنقذة للحياة ووصف هذا الوضع بعدم المقدرة على توفير أصناف الأدوية واختصر الوضع أن وزارة المالية كانت من قبل التزمت بتوفير الأدوية المنقذة للحياة مجاناً نيابة عن المواطن، فيما التزمت الإمدادات الطبية بمد المستشفيات بحاجتها، وفي المقابل، لم تلتزم المالية ولا الإمدادات بما تعهدت به، فأدى ذلك إلى عجز في الميزانية.

إفلاس

من جانبه، وصف الصيدلي خالد ود النور في حديثه لـ(الصيحة) وضع المريض بالإفلاس مؤكداً أنه من كل 5 مرضى يحملون وصفات طبية، فإن 3 منهم لا يستطيعون شراء الدواء، ووصف انعدام الأدوية النفسية بالكارثة لجهة تأثر جميع أفراد الأسرة بانعدام الدواء، ورسم وضعاً مأساوياً للمصابين بالشلل الرعاش، الذي انعدمت أدويته لمدة 9 أشهر وحتى الآن، مؤكداً أن المريض لا يقوى على حمل إناء الماء ليشرب، كما وصف وضع المرضى بشكل عام (بالنوعية من الحياة المتدنية جداً)، وقال إنه حتى المرضى الذين كانوا يلجأون لإرسال وصفاتهم الطبية لمعارفهم بالخارج أصبحوا يعانون من مشاكل منها مشاكل بالمطار، فضلاً عن أن الأدوية المطلوبة من دول المهجر غالية الثمن، إذ أنها أضحت ليست كسابق عهدها، وزاد على ذلك عدم قانونية الوصفات الطبية بدول المهجر، إذ أن لكل دولة قوانينها وتشريعاتها التي تختلف عن السودان.

ميزانية 2019

وينظر الوسط الصيدلاني إلى الميزانية المخصصة في العام 2019 والمحددة بقيمة (5) مليارات جنيه بأنها مخيفة وكارثية على وضع الأدوية بالبلاد، واعتبروه مبلغاً متواضعاً.

ويقول عز الدين، إن الأدوية سلعة غير عادية تتطلب إجراءات مختلفة عن السلع الأخرى حسب الطلب، وأكد أن الدورة التي كان يعمل بها لتوفير الأدوية والتي تمتد لفترة زمنية قرابة الأربع أشهر الآن غير معمول بها، إذ أنه كان مناديب الشركات يحصرون احتياجات البلاد لمدة عام تقسم من الربع الأول إلى الربع الرابع حتى يستطيع صاحب المصنع توفير احتياج البلاد من الدواء، غير أن البلاد خرجت من هذه المنظومة لعدم وجود مخصصات من بنك السودان، وتغير الوضع حتى أضحت شركات الأدوية تستورد بالدفع الآجل مما أفرز كثيراً من المشاكل بسبب تغير سعر الصرف، إذ أن كثيراً من الشركات استوردت أدوية بقيمة 30 جنيهاً للدولار، غير أنها حوسبت من بعد بقيمة 47.5 للدولار مما تسبب في خسائر لتلك الشركات.

أولويات

ويرى الخبير الصيدلاني عز الدين، أن الدولة لم تضع الدواء رغم أهميته كأولوية، فضلاً عن أن الحكومة تتعامل مع المشاكل التي تعاني منها بسياسة إطفاء الحرائق، لذا كانت السمة الأساسية لندرة الأدوية أنها تزداد يوماً بعد يوم، لعدم وجود استيراد، ذلك لعدم توفر النقد الأجنبي، إذ أن شح الأدوية يتناسب طردياً مع توفر النقد الأجنبي. وأكد الصيادلة أن الأدوية المتوفرة بالصيدليات جلها أدوية قديمة فيما عدا ما تجلبه شركات لها علاقات جيدة مع وكلاء بالخارج يتعاملون مع المصانع بالدفع الآجل.

تقرير : ابتسام حسن

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى