ناهد قرناص

خارج الصندوق

فيلم قصير تم عرضه على شاشة قناة البي بي سي ..الفيلم يبدأ بمشهد عريس وعروسه وهما بملابس الزفاف ..على باب الشقة يتلقون دعوات الأهل بالرفاء والبنين ..يذهب الجمع ويدخل العرسان الى غرفتهما ..العريس يتجه الى صندوق كبير من ذلك النوع الذي يفتح لأعلى (كنا نطلق عليه اسم السحارة ) ..يفتح الصندوق ..يحمل عروسه ويدخلها في الصندوق ثم يذهب لينام غير عابئ بطرقاتها على الصندوق ..ولا صراخها من داخله .

صباح اليوم التالي ..يفتح الصندوق للعروس ..لتخرج وهي غاضبة ثائرة حانقة على الوضع ..تصرخ فيه محتجة لماذا فعل ذلك ..يرد هو ببرود قاتل (كل يوم من دا ..لو مش عايزة ..ممكن اطلقك ..بس لازم تفكري الناس حتقول عليك ايه لما تسمع انك اطلقت يوم الصباحية ) في تلك اللحظة تبدأ العروس في التفكير ..تجلس على الكرسي …ويبدو انها تحاول موازنة الامر ..تمر الأيام ..بعد شهر تظهر العروس وهي عادية في البيت ..وفي اخر النهار تذهب بقدميها وكامل ارادتها ناحية الصندوق ..تفتحه لتنام داخله ..قريرة العين .

كم امراه تراها ..تدخل صندوقها كل ليلة بكامل قواها العقلية ؟ كم رجل يعيش حياته داخل صندوق ؟ كم من شعوب بأكملها تنام وتصحو داخل الصناديق ؟ ..هناك من تعاقبت عليه السنين داخل الصندوق حتى نسى ما الذي يحدث خارجه ..بل هناك من يزين لك العيش داخل الصندوق ..يقول لك ..امن وامان ..تنام مرتاح لان المساحة ضيقة ولن تسمح لك بالتقلب يمين او يسار ..الهدوء يسود داخل الصندوق لا ازعاج ولا اصوات تنغص عليك المنام ..ولو حاولت مساعدته على الخروج من الصندوق ..واغرائه بالهواء الطلق ..يسوق لك أكثر من مبرر لتركه في مكانه ..

وربما حاول اثناءك عما تفعله ..وذكر لك عدة امثلة من الذين خرجوا من الصناديق واصيبوا بالالتهاب الرئوي او انفلونزا او اي مرض معدي…بل ربما ساق لك ادلة دينية تحثك على الرضا بالمقسوم …وعدم محاولة تغيير الواقع .. رغم ان الدين رأيه واضح ..و (ان الله لا يغير بما قوم حتى يغيروا ما بانفسهم.)..

المفاجاة ان تأتي نداءات الخروج ..من اولئك الذين ولدوا داخل الصناديق ..بذور اينعت في الظلام ..لم يشهدوا ضوء الشمس ..ولم تلامس بشرتهم أشعة القمر ..لكنهم سمعوا عن الاكوان الخارجية ..تسربت اليهم القصص الخيالية عن العوالم خارج الصندوق ..هناك حيث يعيش البشر آدميتهم ..يتمتعون بالهواء النقي ..يبدعون لعمارة الأرض ..يخترعون ..ويصممون لجعل الأرض كوكبا أفضل ..يضحكون في مرح دون خوف ..ياكلون ويشربون دون جهد يبذل ولا من ولا أذى ..يسافرون ويعودون الى مواطنهم لانها اجمل ..ولان الغد احلى ..

للبراعم ..الزغب الصغار ..لرجال المستقبل ..نقول الدخول في الصندوق ربما كان سهلا لكن التامل في الخروج ..اذ لابد من كسر الأقفال ..وفتح الأبواب …وربما تمر اوقات صعبة حتى يتم التأقلم مع البيئة الجديدة ..لذلك لا تدعوا اليأس يغزو قلوبكم الصغيرة ..فالفجر قادم باذن الله ..اما الذين يجلسون صامتين .. ..اؤلئك الذين صارت الحياة لديهم بلا لون ولا طعم ولا رائحة ..واصبحت (ما فارقة معاهم ) حياتهم داخل الصندوق او خارجه !! نقول لهم ( تشربوا شاي ؟ ).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى