محمد عبد الماجد

الاستقلال (63)

(1)
> في البدء كان (رطل اللبن) يتكون من رطل لبن (صافيّا) وابتسامة تغطي وجه بائعه.
> ثم أصبح رطل اللبن (فيفتي فيفتي) .. نصفه (لبن) ونصفه (ماء) مع ابتسامة (نصفية) لبائعه.
> ثم اصبحت ثلاثة ارباعه (ماء) وربعه (لبن) مع ابتسامة (ربعية).
> الآن رطل اللبن أصبح يتكون من رطل مياه ــ خالى ابتسامات!!
> الآن عندما تقنن (اللبن) ريحته تكون أقرب لطين البحر ــ دعاش .. دعاش.
(2)
> دجاجتنا الصغيرة الحمراء كانت تبيض (3) بيضات في اليوم.
> بيضة للمحلية.
> وبيضة لدعم مجلس الآباء في المدرسة.
> وبيضة لتنقية المياه في الحي.
> وهناك محاولات مستمرة لاجبارها على بيض بيضة رابعة في اليوم لصالح المستشفى الحكومي الذي لم يكتمل بعد.
> لا أخفي عليكم سراً – إن قلت لكم إن المحلية تطمع في أن تحول تلك الدجاجة الصغيرة الحمراء الى (بقرة) لمجابهة التدهور المريع لميزانية المحلية وتحقيق الربط السنوي.
(3)
> ظلوا يرفعون (الدعم) عن الرغيف حتى أصبحت الرغيفة في حجم ووزن حبة الزلابية.
> ورفعوا (الدعم) عن المحروقات، إلى أن أصبح (الجاز) أقرب إلى (موية المطر) فهو في حاجة إلى عميلة نقل دعم عاجلة.
(4)
> في مثل هذه الأيام، كنت ألحظ أنه يكون أكثر اعتناءً بجلبابه الأبيض ليكون أكثر نصاعاً.
> يهتم أكثر بتلميع (مركوبه)… كأنه في مهمة دبلوماسية.
> حتى (العطر) الذي كان يستعمله في مثل هذه الأيام، كان يراعي فيه (الخصوصية).
> تبدو ابتسامته أعرض دون رياء أو وجل عن كل أيام العام.
> اتذكره وهو يردد مع (الراديو) الأغاني الوطنية التى تبثها الإذاعة على امتداد اليوم.
> كان يفعل ذلك وهو متحرك في البيت بين الدخول والخروج والوقوف والجلوس فاقداً السيطرة على نفسه.
> لم يكن يغيب على أحد أن فرحته تلك كانت بسبب عيد الاستقلال.
> عيد الاستقلال كان له طعم يختلف عن طعمه الآن الذي يشبه طعم (البانسلين).
(5)
> الآن لماذا تقلصت الفرحة بالاستقلال وأصحبنا لا نشعر به إلّا في (شالات) يضعها مذيعو الفضائيات السودانية لعلم السودان على اكتفاهم، مكتفين بذلك في الواجب الوطني؟!
> الاستقلال عندنا مازال مجرد أغنيات تقدمها الإذاعة الأم والإذاعات الخاصة والفضائيات السودانية للفنانين حسن خليفة العطبراوي ومحمد وردي وسيد خليفة.
> ماذا قدمنا لهذا الوطن ونحن نحتفل بالذكرى (63) للاستقلال؟ ــ لا شيء غير الخلافات والصراعات وشيء من الأغنيات الوطنية.
> أغنيات ندس خلفها ضعفنا وتقصيرنا في الوطن ــ فنحن لا نملك سواها لنقدمها للوطن في عيد استقلاله.
> الاستقلال نهضة وتطور وتقدم.
> الاستقلال الحقيقي رفعة ونمو.
> لقد أصحبنا نتدهور ونتراجع يوماً بعد يوم.
> حتى طلب الفول تراجع عندنا من (فول مصلح) بالزيت والجبنة والبيض والجرجير والطماطم إلى (فول سادة) ليس عليه شيء سوى (الملح والشمار).
> (قهوتنا) نفسها تراجعت ــ كنا نشربها (سكر زيادة) وأصبحنا نشربها (سادة).

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى