*ماذا نكتب ؟… وأي حيرة هذي ؟!..
*فهنا كانت الإشارة خضراء حتى الأمس القريب… ثم (قلبت) اليوم إلى حمراء..
*وهناك كانت حمراء… فأضحت الآن خضراء..
*وما بين هنا… وهناك… وما بينهما… إشارات صفراء ؛ بمثابة الرعي حول الحمى..
*وما يعتمل في النفس قد يُكبت… كما يُكبت الغيظ..
*ويونس النحوي يحار صبيه كيف يتعامل معه ؛ لغوياً… فإشاراته الحمراء كثيرة..
*فرأى يوماً أن يؤثر السلامة في الصفراء..
*وذلك حين طرق الباب أخٌ ليونس… وكان لا يسمح بإدخال أحد إليه دون إعلامه..
*فوقف أمامه الصبي يهمهم… ويغمغم… ويجمجم..
*ثم قال وهو يحك رأسه عند الإشارة الصفراء ( إن أخوك… أخاك… أخيك بالباب)..
*وضحك يونس حتى بانت نواجذه… ونجا الصبي من (النواجذ)..
*ولكن هنالك من لا يضحك للإشارة الصفراء… ولا تظهر نواجذه إلا لتعض..
*مع ملاحظة أن النحوي لم يكن يفرض على صبيه الخطأ..
*لم يكن يقول له : ما من أخضر إلى ما أراه أنا صواباً… وما عداه فهو أحمر..
*وصدام حين قرر غزو الكويت جمع وزراءه لاستشارتهم..
*أو ربما العبارة الصحيحة : جمعهم من أجل إخبارهم… فأمثاله لا يستشيرون..
*وفهم الوزراء أن الإشارة التي أمامهم ذات لون واحد..
*وهو الأخضر ؛ بمعنى : سمعاً وطاعة يا ريس… فأنت (أفهم) منا في كل شيء..
*ولكن واحداً منهم لم يفهم… أو (فهم) أن رأيه قد يكون مفيداً..
*فقال بكل أدب : سيدي…. أرى إننا سنفتح على أنفسنا أبواب جهنم بلا داعٍ..
*وما درى المسكين أنه (قطع) الإشارة الحمراء..
*ففتح على نفسه باب جهنم (الحمراء)… وأردته رصاصة من مسدس (المهيب)..
*وليبيا الإشارات نحوها كانت خضراء أيام عبد الناصر..
*فيسلكها كل رأي مادح لها… ولزعيمها… ولسياساتها… ولعداواتها… ولكتابها (الأخضر)..
*ثم صارت حمراء في عهد السادات… وليشتم كلُ من كان يمدح..
*ليمدح… أو ليصمت ؛ وغير مسموح حتى بحيلة صبي يونس..
*وتحول القذافي من الزعيم ذي العبقرية إلى الزعيم ذي (القصرية)… لا مؤاخذة..
*فهكذا كانت تصوره رسومات الكاريكاتور… وقتذاك..
*فالزعيم يقرر ولا يستشير… ولا راد لقوله… وشعاره : ما أريكم إلا ما أرى..
*لا برلمان… لا شورى… لا استشارات… ولا حرية (إشارات)..
*ورئيس أقوى دولة في العالم تحاصره الإشارات المتقاطعة الآن… من كل جانب..
*ثم لا تنتقص من قوتها… ولا هيبتها… ولا مكانتها ؛ ولا هو..
*بل العكس ؛ فهي عظيمة الآن بفضل تداخل الإشارات… وصولاً إلى الخضراء..
*والآن تتداخل أمامنا الإشارات… فلا ندري أي أيها نعبر..
*اللهم إلا أن نفعل مثل صبي يونس (إن أخاك… أخوك… أخيك…. لدى الباب)..
*أو ذاك الذي قطع بعربته الإشارة حمراء… وقد رآها خضراء..
*وعند إيقافه وُجد تحت تأثير (الخضراء !!).